فالفقراء الآن يكتبون مستقبل الوطن..بالهتاف والغناء والرسم والتجمع في أحضان التحرير.. الفقر.. له رائحة وطعم وصوت ووجه مغاير في مصر, رائحته جدعنة, وطعمه شقا, وصوته شرعية, ووجهه ثورة. ميدان التحرير في مليونية الفرصة نرقبه من قلب الكعكة الحجرية في خيمة الاهرام المسائي وهو يهتف ثورتنا شعبية, يبكي خلف الإمام محمد جبريل وهو يقرأ من الكتاب الكريم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم والوكيل ليلة سريعة.. مرت مرور البرق, ووجوه متسخة بالية الملابس سوداء اليدين مكفهرة الملامح.. ولكنها عالية الرأس باسمة الشفتين بيضاء القلب.. إنهم الفقراء اصحاب القلب الطيب يعلنون الخروج عن النص وكتابة سيناريو جديد للثورات.. بدون منصات أو احزاب او قوي سياسية في قرار يوضح كم الوعي الذي جمعه ابناء الدرجة الثالثة في9 اشهر تحت خط الصبر. ابتعد الجميع عن محمد محمود ودماءه وجداره طوال ليلة الخميس, وفاجأنا الفقراء بتحد جديد.. لافتة تحمل اسم جديد لشارع المذبحة ليكون شارع عيون الحرية, لافتة سوداء قاتمة تعلن الحداد علي من منحوا هذه التسمية بعيونهم وخطوط صفراء صارخة تعلن التحدي والاستعداد لتغيير اسماء كل شوارع مصر. ولم تكن اللطمة التي استقبلتها علي وجهي لتصم أذني من أحد شباب اللجان الشعبية مدعاة غضب بعد أن قرر سريعا أن يعتذر لما بدر منه, لم يكن بلطجيا ولم يبدا لي فلولا بيده المكسورة جراء معركة المطاطي بل كان الأمر واضحا إنه فقير.. وهكذا حال هؤلاء القابعين في ساحة المعركة. ليس الفقر فقر المال كما يقول أحمد حسن موظف بأحد البنوك إنما افتقرنا للحرية والعدل والابداع والفرصة والتنمية والوطن.. لكنها بالطبع ثورة ثانية يقودها الفقراء. من كان منكم بلا خطيئة فليرمني بحجر.. هكذا كان لسان حال فرعون أحد شباب الجيزة الذي بدوت أمام جسده المفتول كطفل صغير خاصة حين استطرد انا مش عارف ليه بيقولوا علي اي واحد نايم في الميدان وهدومه متقطعة أنه بلطجي.. في يناير البلطجية دول هما اللي باتوا في الميدان وكانوا ينتظرون من يطلقون عليهم تلك الصفة حتي يعودوا من أعمالهم ويطمأنوا علي اطفالهم ولولا من تقولون عليهم بلطجية لسحق الميدان في معركة الجمل. إذا هي ثورة الفقراء.. التي أصر الكاتب علاء الاسواني علي زياراته باعتباره أحد المفتقرين للحرية والابداع قائلا: ان قرار تنصيب الجنزوري رئيسا للحكومة يؤكد أن المجلس لا يؤمن بقوة الفقراء.. ولكنني ادعوه واحذره من العواقب.. عليه ان يحترم الشعب. أما الدكتور محمد غنيم الذي زار الميدان ايضا فلم يختلف حديثه كثيرا في وصفه للميدان الهادئ حين أكد للأهرام المسائي أن من سكنوا الميدان طوال الأيام الخمسة الأخيرة لا يملكون إلا الحلم.. الحلم بالحصول علي الحرية الكاملة والوطن الذي يؤمن لهم مستقبلا بلا فقر, وعلي ابواق الاعلام أن تحترم عقلية هؤلاء لأن كذبهم يزيد الحالمين عنادا. أما الدكتور حسام عيسي فقال وهو يخرج من الميدان في صحبة مجموعة كبيرة من الشباب نحن نمر بأصعب لحظات الوطن, ولكن أبطال التحرير سيعبرون بوطننا الي بر الحرية, والفقر ليس عيبا ومن مات في سبيل احلامه لا يمكن أن يكون.. بلطجيا