في ندوة نظمتها دار الأوبرا لتكريم المفكر الراحل نصر حامد أبو زيد, قال الشاعر الكبير زين العابدين فؤاد إن القصائد لم تعد تكتب فقط بالأقلام علي الورق, فهناك قصائد تمشي علي الأرض... وهناك قصائد تأخذ شكل البشر, وبشر يأخذون شكل القصيدة ونسي زين أو ربما خجل أن يقول إنه هو نفسه صار قصيدة تمشي بالحلم في الميدان, تصدع بما تحلم به حتي إذا أجاءهم الحلم إلي جذع الشعب الثائر, لبست عباءة الحلم وانفجرت ضد الجوع, ضد القهر, ضد التتار, كما غني زين دائما. قبل الخامس والعشرين من يناير الماضي كان من المفروض أن يغادر زين القاهرة عائدا إلي زوجته ورفيقة دربه جوسلين في كوسوفو ولكن الشاعر نسي موعده مع الطائرة مثلما نسي مواعيد الشعر والكتابة, واستسلم لإيقاع صرخة الشعب في الثورة, وأسلم قياد تيار حواسه لما يبدعه الناس طول عمري أراهن ع الناس. أمسك الشاعر بالكاميرا, من دون أن يتخلي عن القلم الرصاص الذي اعتاد أن يكتب به دائما, وراح يلتقط صورا لكل ما يراه, كانت فرحته بالثورة فرحة طفل أعادوه إلي أبويه, وعندما كان يعود في آخر الليل من الميدان كان يطلق العنان للكاميرا لتلد ما حبلت به, ويسكب فضة اللقطات علي الانترنت ناشرا إنجيل الثورة وقرآنها بين الناس. التقط زين في18 يوما15 ألف صورة, وكأنه كان يسابق الزمن بيد ويحاول بيد أخري تثبيت هذا الزمن إن صح التعبير ليقرأ سر الثورة ويفك طلاسمها. قالت الكاميرا له: هذه منتقبة ترقص فرحا بتنحي الطاغية, وهذا شيخ يتوكأ علي عصاه يصر علي البقاء, وهذا منوفي يريد أن يتوب عن انتمائه لمحافظة أنجبت ذاك الطاغية فيسأل زين كيف يتوب فيخبره أن يتعمد بنار الميدان ويطوف حول الكعكة الحجرية سبع مرات ويضحكان معا ويواصلان التظاهر والفرح بما هو آت, وهذا رجل غامض يرقبه الشاعر كل يوم من أيام الثورة, حتي إذا جاء يوم اتسعت بينهما مساحة الحوار, سأل الشاعر ذلك الوجه الصعيدي الحزين: ماذ تفعل هنا يا خال؟ لماذا جئت كل هذه المسافة إلي التحرير, فقال الرجل ببساطة مكثفة تشبه القصيدة: أنا هنا عشان التالت يعيش, فيدرك الشاعر ما في الكلام من كثافة الشعر ويحاول فك ضفائره فيسأل الصعيدي: ماذا تقصد؟ يجيب الرجل مغالبا دموعه, ابني الأول مات في حادث قطار الصعيد, والثاني مات في حادث العبارة, وأنا هنا علشان الثالث يعيش, وعشان يعيش لازم مبارك يرحل أما لحظة الرحيل أو لحظة تنحي مبارك فقد كانت ديوانا كاملا يكتبه من عاشها في التحرير, يعرف كيف تصبح اللحظة الزمنية قصيدة كاملة للعنفوان والغضب والفرح. زين كان هناك وأرخ للثورة كما ينبغي لشاعر يدرك سر التفاصيل الصغيرة, وكما يليق بثورة نبتت من التفاصيل الصغيرة ولم يستأثر الشاعر بكتابة قصيدة الصورة وحده, بل بشر بقصيدته( صورته) ونشر رسالتها علي صفحته علي الفيسبوك والتي صارت مكتظة بآلاف الأصدقاء. عندما تدخل بيت زين الافتراضي تعلن انتماءك طواعية للحوار, وللقصيدة, فالشاعر اليساري لا يحتكر اطلاقا الوصايا بل يمنحك ما جاءت به الأقلام من شعر حلال هنا ستقرأ حواراته مع الشباب والكبار, مع الذين يعرفونه من خلال أغنيتين شهيرتين غناهما الشيخ إمام, المتحدث الرسمي باسم النضال المصري, هما: اتجمعوا العشاق( التي يختلط علي الكثيرين أنها من أشعار أحمد فؤاد نجم, وهي رائعة من روائع ديوان الحلم في السجن لزين العابدين فؤاد), والثانية الحرب لسه في أول السكة اتجمعوا العشاق في سجن القلعة اتجمعوا العشاق في باب الخلق ومصر غنوة الزنازن طالعة .. ومصر غنوة مشروع في الحلق وربما أهم ما في هذه الأغنية تلك اللازمة التي يكررها بأداءات مختلفة الشيخ إمام مين اللي يقدر ساعة يحبس مصر؟, هذه اللازمة أو السؤال الاستنكاري كما يقول البلاغيون القدامي تحولت إلي فيلم عن سيرة حياة زين العابدين فؤاد للمخرج الموهوب عمرو بيومي, أطل فيه من بوابات رحلته الطويلة ومن بوابات الشعر علي نضال الستينيات التي شارك زين فيها في قيادة مجموعة الطلبة المناهضين لحكم عبد الناصر وهم أحمد عبد الله رزة رحمه الله وأحمد بهاء شعبان وزين الذين تظاهروا احتجاجا علي الأحكام الهزيلة التي صدرت بحق قادة الطيران في هزيمة يونيو المروعة, التي يصر الكثيرون علي وصفها بالنكسة, تأسيا بما صكه محمد حسنين هيكل في1967, وعاود زين قيادة التظاهرات في1972 ضد السادات بسبب ما سماه الكثيرون عام الضباب, وهو العام الذي وعد فيه السادات بحسم المعركة مع إسرائيل إلا أنه تراجع بحجة أن أزمة باكستان والهند1971 أثارت ضبابا كثيفا في المشهد العالمي, هذه التظاهرات شارك فيها زين بعدما انتقل إلي كلية الآداب, وهي التظاهرات التي وثقها الشاعر الراحل أمل دنقل بقصيدته الشهيرة الكعكة الحجرية. الزنازن أضرحة والمنازل أضرحة وأنا غضب الغد والبارحة فاتبعوني أما القصيدة الثانية فقد كلفت زين الكثير, يقول متذكرا ونحن نغادر ميدان التحرير بعد مظاهرة مليونية: كنت مجندا في حرب1973 وكنت أنظم الأمسيات الشعرية للجنود, وفي يوم استدعاني قائد الكتيبة وأخبرني أنني سأشارك في أمسية بدار الأوبرا, وذهبت بملابسي العسكرية في الثامن من أكتوبر إلي دار الأوبرا, وهناك استقبلنا استقبال الفاتحين, ولما جاء دوري لإلقاء شعري اخترت قصيدة الحرب لسه ف أول السكة الفلاحين بيغيروا الكتان بالكاكي ويغيروا الكاكي بلون الدم وبيزرعوك يا قطن ويا السناكي وبيزرعوك يا قمح زرعة علم وبيدخلوكي يا حرب فحم الحريقة وبيزرعوكي يا مصر شمس الحقيقة وما إن وصلت إلي المقطع الأخير في القصيدة اتفجري يامصر اتفجري بالحرب ينفلق النهار اتفجري بالحرب ضد الجوع والقهر ضد التتار حتي صرخت السيدة جيهان السادات وكانت في الصف الأول للمتفرجين: مفيش جوع في مصر وغادرت المسرح. وبعدها صدر فرمان رئاسي غير مكتوب بمنع نشر قصائد زين العابدين فؤاد, وهذا المنع لم يكن جديدا علي الشاعر الذي داخ السبع دوخات لاصدار ديوانه الأول وش مصر عام2791, ولذلك قصة يحكيها زين في مقدمة الطبعة الثانية للديوان والتي صدرت عام7002 يقول: تأخر صدور الطبعة الأولي من هذا الديوان لأسباب رقابية, فمنذ عام4691 تكررت محاولاتي السنوية لاصدار ديواني الأول حتي تمكنت من الحصول علي إذن الرقابة بالطبع في أواخر عام.1971 كانت الكتابة والابداع اتهاما في فترات طويلة من تاريخنا المعاصر, أما بالنسبة لطبع الكتب واصدارها فكان الحصول علي موافقة الرقابة وختمها علي كل صفحة من صفحات المخطوط شرطا ضروريا حتي يمكن أن تقبل المطبعة بدء العمل في صف أحرف الكتاب. تعددت محاولاتي لاصدار ديوان وش مصر في طبعته الأولي, وكان أن استطاع الصديق الناقد إبراهيم فتحي اقناع مطبعة بصف الكتاب وحصلنا علي أربع نسخ للتصحيح ريثما يتم الحصول علي موافقة الرقابة. تقدمت بهذه النسخ من بروفات المطبعة لمسابقة المهرجان الأول للأدباء الشبان الذي أقيم في الزقازيق عام1969 وفاز الديوان بالجائزة الأولي لكن رد الرقابة جاء بالرفض, ولما حصلنا علي موافقة الرقابة لم نكن نملك التمويل اللازم لطبع الديوان فقمنا بطبع كوبونات للبيع مقدما وقدرت سلسلة كتاب الغد ثمن النسخة ب15 قرشا وتم توزيع1800 كوبون قبل طبع الديوان مما مكنا من تغطية تكاليف الطبع. تصادف أن يدخل الديوان المطبعة في أول يناير عام1972 وفي أثناء الطبع كانت حركة الطلاب المصريين علي أشدها في انتفاضتهم لتكوين اللجنة العليا للطلاب وتم القبض علي المئات من الطلاب من داخل أسوار جامعة القاهرة, وكنت واحدا منهم وخلال التحقيق معي واجهني المحققون بعدد هائل من مجلات الحائط تتضمن قصيدة مقاطع من الخميس الدامي الواردة في هذا الديوان, واتهمت بأنني كتبت هذه القصيدة للتحريض علي تلك المظاهرات, فطلبت من المحقق أن يضم إلي أدواته عددا من جريدة الجمهورية الصادر في21 فبراير1966 والذي كانت القصيدة منشورة في صفحة كاملة داخله, أي قبل الأحداث بسنوات طويلة. مقاطع من الخميس الدامي: يصحي حصان عرابي بعد رقدته يصحي عشان يضحك في مرة وألف مرة ينكسر مرة السراية تنحفر له ف سكته مرة الخيانة والفقر مرة المتاريس الحديد بتفتفته يتلم في الصبحية أقوي م القدر مرة هزيل مرة نحيل مرة بيعطش علي شطك يا نيل مرة بيسكت جنب ميت مرة صهيل يا حصان عرابي يا عفي مهما تطول السكة والنور ينطفي مسيرنا نضحك للقمر زين متهم دائما, ربما لأنه شاعر, والشعراء في بلادنا أصحاب السلطان أو أصحاب السجون, في القصائد لا توجد منطقة وسطي بين الجنة والنار. ففي العام1977 تم استدعاء زين للتحقيق في اتهامه بتحريض المتظاهرين في18 و19 يناير( كل مظاهراتنا في يناير.. فالكعكة الحجرية حدثت في يناير1972, وثورتنا الأخيرة بدأت في يناير), وكانت التهمة بوضوح كما قال له وكيل النيابة آنذاك عبدالمجيد محمود, الدأب علي كتابة قصائد تحرض ضد النظام, فقام زين مبتسما وقال للمحقق( النائب العام حاليا), هذه مجاملة كبيرة لي, إذ أن أي شاعر لا يستطيع أن يدعي تحريك ملايين الناس بقصيدة. لا يهم لدي زين العابدين فؤاد ما هو انتماؤك السياسي أو الطائفي, فالرجل ربما بسبب الشعر مؤمن بحق الجميع في القصيدة والوطن ملك لكل الشعراء الذين يكتبون بأقلامهم والذين يكتبون بأجسادهم في السعي النبيل, والذين يكتبون حتي بصمتهم قصيدة رعوية, ريفية, حضرية علي وش مصر. بيت زين الحقيقي والافتراضي جسران بين اليسار واليمين, بين الشيوعي المستنير, المستجير من الأيديولوجيا بالقصيدة, والإسلامي المستنير المستجير من التطرف بروح القاضي.. والقصيدة جسر بين المستشار طارق البشري, وزين العابدين فؤاد علي نهر من الصداقة يمتد منذ الستينيات حتي الآن بلا انقطاع, وكأن هذه الصداقة كما يقول زين صارت قصيدة بحد ذاتها. أحد المشاكسين دخل علي صفحة ز ين علي الفيس بوك وكتب له تعليقا يقول: تقول مين اللي يقدر ساعة يحبس مصر؟ آهو مبارك حبسها30 سنة ياعم زين أحد أهم ملامح شخصية زين العابدين فؤاد أنه لا يزال طالبا, رغم سنوات عمره التي تلامس السبعين, لأنه قرر أن يولد كل عام في الواحد والعشرين من فبراير, ولذلك قصة ترصدها قصيدته عن عبدالحكيم الجراحي, الطالب المصري الذي استشهد في النضال ضد الانجليز وخلده العالم كله باختيار يوم استشهاده ليكون يوما للطالب العالمي.. يقول زين في قصيدته ما انتش أول واحد ولا آخر واحد يا حبيبي يا حباية عنقود شهدا باكتب لك..... وهي بتتاخد وأنا في الاوضة بانهج, باجري ارفع علمك انا مش قادر امسك قلمي ارفع علمك ما انتش أول واحد ولا اخر واحد يرفع علمي مجنون يلامس الحاقة ولأنه شاعر نسي حكمة الفلسفة التي درسها في جامعة القاهرة ونال فيها درجة الماجستير, وأخلص للقصيدة, ربما لأنها تمثل الجنون الجميل.. وأخلص للشغب لأنه يمثل قلب القصيدة. ومن يقرأ سيرته لابد أن يتوقف عند النضال الطلابي الذي شارك فيه, والجنون الجميل الذي دفعه إلي حافة الموت في بيروت.. ولذلك قصة. في1981 سافر زين إلي خارج مصر ربما فرحا بحصوله للمرة الأولي علي جواز سفر, وحط الحال في بيروت, واستثمر الرحلة في محاولة طبع دواوينه وإلقاء شعره علي محبي القصيدة في لبنان وما أكثرهم في بيروت والبقاع وصيدا وصور وكل مدائن البلد الذي يعشق القصيدة المشاغبة.. والنضال. قرر زين أن يعود إلي مصر في سبتمبر1981, ولكنه بقي لأكثر من عام ونصف العام في لبنان.. ففي الخامس من سبتمبر تلقي الشاعر مكالمة هاتفية في السادسة صباحا, وكان المتحدث هو صديقه ياسر عرفات, الذي بادره قائلا أنا أنتظرك علي الافطار, ففهم زين من توقيت المكالمة ومن لهجة الزعيم الفلسطيني أن ثمة رسالة يريد عرفات أن يوصلها إليه. ذهب إلي قصر عرفات فوجد في استقباله كوكبة من مثقفي فلسطين وشعرائها وعلي رأسهم الراحل محمود درويش. علي الافطار سأله عرفات: ألا تزال مصرا علي السفر إلي مصر, فقال زين بلهجة المتفائل دائما: طبعا.. فقال له عرفات: ألم تعرف بما حدث.. إنك مطلوب للاعتقال واسمك يحمل الرقم7 في لائحة الاتهام في اعتقالات صدر بها قرار جمهوري في مصر... بقي زين في لبنان.. وهناك كان شاهدا علي الاجتياح الصهيوني البربري لبيروت, وهناك كتب شهادة ميلاد جديدة لشغبه الشعري حيث أطلق عقيرته بالغناء ضد العدوان وتحريضا علي الصمود.. كان هو يكتب الأغاني ورفيق دربه المغني المناضل عدلي فخري يلحنها ويغنيها في الشوارع والمقاهي والمستشفيات.. حتي ذاع صيتهما عندما بثت القنوات التليفزيونية تقريرا عن شاعر مصري ومغن يحرضان اللبنانيين علي الصمود التقط صديقه أحمد بهاء شعبان قصة الغناء وهو مقيم في باريس, وبدأ يجري اتصالات بأصدقائهما المشتركين في بيروت لتسجيل أغنيات زين وعدلي وإرسالها إليه في باريس حيث تمكن بمساعدة أصدقائه في العاصمة الفرنسية من طبع ديوان المقاومة الذي حمل اسم اغاني من بيروت. يقول زين: هناك في لبنان رأيت كيف يهزم الغناء الطائرة الإسرائيلية, فقد كنت أتردد علي ملجأ للأيتام الفلسطينيين قبل سفري من لبنان إلي القاهرة( وقد اختار العودة أيا كانت النتيجة), وهناك قصفت إسرائيل المكان الذي يوجد به الملجأ, وأصيب الأطفال بالذعر والهلع, فما كان من صبية صغيرة سوي أن بدأت الغناء, وشيئا فشيئا بدأ الصراخ والفزع يتحول شجنا وغناء أنسي الصغار همجية إسرائيل. هنا تلقي زين الرسالة وقرر البقاء وقال مقولته الشهيرة مجنون مين اللي يلاقي حرب ويسيبها ويهرب؟! زين لم يهرب وقرر البقاء في لبنان, ربما ليكتب شعرا, وربما ليصبح هو ولبنان قصيدة ممتدة منذ الثمانينيات وحتي الآن. زار زين لبنان مؤخرا واستضافه الشاعر زاهي وهبي في برنامجه الشهير خليك بالبيت وسئل عن الثورة فقال رأيت حلم عمري يمشي أمامي فدخلت فيه. هكذا دخل الشاعر مملكة الحلم وهكذا رصد الثورة ليكتبها.. خزن القصائد في الصور وخزن الصور في الكاميرا والانترنت, منتظرا أن تنفجر القصيدة في الميدان في احتفالنا بعيد ميلاده التاسع والستين, قلت له مشاكسا: دع هذه الكاميرا وابري أقلامك! واكتب.. هل شاخت فيك القصيدة؟ تجاوز الرجل وقاحة السؤال وقال لي: الكاميرا تلخص لي الحكايا, ترصد التفاصيل الصغيرة في الميدان.. وعندما أعود إلي ما حدث فأدرك عبقرية الشعب المصري الذي كتب قصائد مليونية في تظاهراته ضد الطغاة.. وأبدع شعارات كسرت هيبة النظام مش هنمشي.. هو يمشي الشعار يشبه كثيرا طعم قصائد زين, ربما لأنه من ابتكره في لحظة العناد التي كان البعض فيها من أركان النظام واليسار يبحثون للثوار عن مخرج آمن من ميدان التحرير. زين يكتب الآن قصيدة عن السعي والخطوات وحركات الأيدي ولغة الأجساد في ميدان التحرير.. وإنا لمنتظرون. عندما سئل زين عن حلم الثورة لم ينس الذين مشوا معه خطوات علي طريق الحلم وقال لزاهي وهبي في التحرير رأيت عبدالسلام الشهاوي وزكي مراد ونصر حامد أبوزيد, وفي الأوبرا قال إن حلم الثورة يمتد لأكثر من مائة عام منذ سيد درويش ومختار وطه حسين وكل الذين حلموا بنهضة مصر. في أمسية شعرية بدار الأوبرا راقبت زين جيدا فلم ألمح الكاميرا في يده إذ دخل القاعة متأبطا ديوانه القديم ومتوكئا علي قصيدتين جديدتين احداهما تمشي ليس علي ا ستحياء علي خطي من ثاروا في ميدان التحرير والأخري هدية إلي صديق العمر نصر حامد أبوزيد الذي حلم طويلا بثورة للعقل علي الخرافة ومضي قبل ان يقطف ولو ثمرة من ثمار النصر. يقول زين في القصيدة الجديدة السكن تحت الجلد إلي نصر حامد أبوزيد تتعب من السفر القريب والبعيد تغير العنوان مع القمصان تهجر حيطان السكن تنفض عباية البدن تلمح عنيك فتحة في جلد اليد تضحك لها وتمر شايلة يمينك كتابك شايلة الشمال ابتهال واللي اتسرق م العمر ينده عليك الصحاب ترجع في صفحة كتاب تنده عليك ابتهال ترجع في رد السؤال ينده عليك الوطن تركب حصان الزمن وتعود علامة نصر ما اروع أن يعود الشاعر إلي شعره والشعر إلي كتابه كي يسعي في الميدان ملاحظة بسيطة لزين العابدين وجوه إبداعية متعددة فهو مترجم بارع قدم للمشهد الثقافي المصري بانوراما للشعر الأفريقي في كتاب شعر الضفة الأخري وهو مهتم بمجال التربية بالفن وله خبرات هائلة في تعليم الأطفال بالفن في اليمن ولكني اخترت وجه الشاعر في مرآة النضال. نماذج من شعر زين مقطع من قصيدة رحلة الخمس سنين في الغرب طالني من صريخ امي حجر خشوا العساكر يا ابني في اخرام البيبان لموا ما سابوا ليك أثر فاتوا العساكر ع السما خبوا النجوم, داروا القمر فاتوا العساكر ع الغيطان ما فضلش في السكه شجر قالوا يا ابني تنحني وتبوس كلام بيزوقوه يا تموت بعيد من غير كفن ولو تموت يخفوا البدن ويتوهوه اركع لهم يا ابني وهات الخير وعود الخير يا أمي في البلد, ملو البلد والخير في قلبي, بس مش هاركع لحد أحلم بإيه حبيبي نام في أول المسا ضحكت له, غطيته بالحرام نام الحمام, في غنوه جنبنا وانا لا عندي حمام ولا غنيت فتحت له صدري, دخل قفل نايت عليه تعرفني يا غزال؟ وشك كل الوشوش وليك طعم الجبال الكدب في الرموش والحب في القدم غطيني بالقبل واسقيني م القلل وقول لي من قبل اما انام أحلم بإيه؟ حوار مع بندقية متحيرة في صدرنا بنادق العدو في ضهرنا بنادق الصحاب دول بيهجموا ويبعدوا ودول يمرغونا في التراب يا بندقيتي الحديد ما تقتلي ما تقتلي يا بندقيتي الحديد قل لي عدوك مين .. وانا اقتله