خبر قصير لايتعدي عدد كلماته العشر كلمات.. أخذ يتكرر علي مدار اليوم أسفل الأخبار بالقنوات التليفزيونية فحوي الخبر هو أن الاسكندرية بدأت فتح حملة تبرعات لانشاء200 مدرسة تجريبية متميزة.. بحثت عن محتوي وتفاصيل الخبر ولم أجد أجابة كاملة فاستنتجت أن الخبر خاص بمحافظة الاسكندرية بمفردها. وبالتأكيد وهذا جهد عظيم وجيد في أنه أخيرا جدا أصبح التعليم يجد هناك من يهتم به ولكن هل مانحتاج إليه ولاسيما مدينة الاسكندرية هو فتح باب التبرع لإنشاء المدارس المتميزة للغات واذا كان الأمر كذلك فهل تم ذلك بعد أجراء دراسة جدوي أو استطلاع رأي لأهل الاسكندرية الكرام عما ماتحتاجه المدينة من مؤسسات التعليم, فطبقا لمضمون الخبر فإن من المنتظر ان تستوعب هذه المدارس ما يقرب من ربع مليون تلميذ. فهل حجم الطبقة المتوسطة التي تلتحق بهذه المدارس يساوي هذا العدد المزمع بدء حملة التبرعات لأنشائه علما بأن تعداد محافظة الاسكندرية يقرب من4,8 مليون نسمة.. ثم يأتي هنا سؤال اعتراضي واذا كان بالفعل هناك مثل هذه الدراسة العلمية وأنها قد تمت وان هناك احتياجا ل200 مدرسة لغات فإين هي الأرض التي سيتم البناء عليها.. وهل سيتم توفير الأراضي لبناء هذه المدارس من حصة الأراضي المخصصة لبناء المدارس الحكومية أم ان هناك زيادة ووفرة في عدد الأراضي ون ثم تقرر التوسع في مثل هذا النوع من التعليم بمصروفات؟ وهل يتم ذلك وفقا لخطة الدولة في التوسع في الأبنية التعليمية أم ان المحافظة تسير وفق خطة بمفردها بعيدا عن خطة وزارة التربية والتعليم ممثل الدولة في بناء المدارس؟ طبقا للمعلومات والأرقام التي تتحدث عنها وزارة التربية والتعليم ليل ونهار هو أننا نحتاج الي مايقرب من50 مليار جنيه وأكرر خمسين مليار من الجنيهات لأنهاء مشكلة الابنية التعليمية للمدارس الحكومية المجانية وان نسبة العجز في المباني المدرسية قد أقتربت الي اكثر من30% وان مايقرب من17,5% من المدارس يعاني من الفترة الثانية وان بعض المناطق مثل محافظة الجيزة بل وفي الاسكندرية نفسها تجاوزت كثافة الفصل الحدود القصوي واقتربت من80 إلي130 طفلا في الفصل الواحد وهو مايعني أن محصلة تعليمنا في ضوء هذا العجز الرهيب ماليا هو ارتفاع نسبة الآمية بين التلاميذ أو أرتفاع نسبة البطالة ايضا في مرحلة التعليم قبل الجامعي وبالعودة ايضا للغة الأرقام وكما يؤكد الأحصاء الرسمي لعام2010 الذي أصدره الجهاز المركزي للتنظيم والأدارة, ان أعلي نسبة للبطالة في مصر هي بين خريجي وطلاب مرحلة التعليم قبل الجامعي وأنها تصل ببعض المحافظات الي مايقرب من نسبة50% من أعداد المتعطلين, فكيف في ضوء هذه المعطيات يتم بدء حملة لجمع التبرعات لإنشاء مدارس بمصروفات.. وماهو فقه الأولويات لدنيا للبدء في الأصلاح التعليمي ولن نقول ثورة تعليمية علي الوضع الحالي رغم أننا نحتاج اليها: القضية ليست في المشاركة المجتمعية أم لا؟ ولكن القضية هي أولا في وضع فقد الأولويات وفق رؤية صحيحة لبناء المجتمع ووفق ايضا رؤية استراتيجية حقيقية وليست علي الورق لنهضة مصر التي لن تتم إلا من خلال التعليم وبناء المدارس. وعلينا ان نكف عن بناء المدارس خارج نطاق خطة الدولة وعلينا ان ندرس جيدا تجربة مدارس النيل التي قامت بها حكومة نظيف وهي بناء مدارس أجنبية بمناهج أجنبية بأموال وأراضي الدولة. وليس معني ذلك ان نرفع أيدينا ايضا عن المطالبة باصلاح منظومة التعليم وضرورة المشاركة المجتمعية ولكن لايكون ذلك علي حساب الغالبية العظمي من إبناء الشعب المصري الذي يحتاج الي التعليم المجاني في مدارس لائقة ومناهج عصرية وليست خارج الخدمة. اما التعليم بمصروفات فليترك شأنه للقطاع الخاص وهذا ليس مسئولية الدولة والموظف الغلبان دافع الضرائب للدولة.