يعيش مايزيد علي40 ألف نسمة علي حافة المعاناة بسبب الدخان الأسود المتصاعد في محرقة النفايات الطبية الخطرة التي تتوسط ثلاثة مستشفيات رئيسية الكلي, المسالك البولية والأورام, فهؤلاء الذين يحاصرهم دخان المحرقة يعيشون تحت حصار الكثير من الأمراض تاركا لهم جبالا جديدة من المعاناة كالفشل الكلوي وحساسية الصدر والالتهاب الكبدي والسرطان, إذ تتزايد الشكاوي والمعاناة وعلي الرغم من تأكيدات المسئولين بأن المحرقة غير مطابقة للمواصفات وتعمل بطريقة بدائية إلا أن الموت الأسود يظل محلك سر. كان أول من قابلناها ثريا عزت إحدي سكان مدينة ميت غمر التي أكدت أن لديها ثلاثة أطفال أصيبوا بحساسية الصدر نتيجة قرب سكنهم من المحرقة ومرورهم كل صباح علي المحرقة أثناء ذهابهم الي المدرسة وطالبت المسئولين بضرورة التدخل السريع لإنقاذ حياة الأطفال من الكوارث البيئية التي تحيط بالقرية من كل جانب, لكنها لم تجد جدوي من شكواها. وتشكو عزيزة عبد ربه من كثرة الأدخنة والسموم المنبعثة من المحرقة موضحة أن والدتها أصيبت بأمراض صدرية نتيجة تعرضها لهذه الأدخنة وقرب منزلها من المحرقة, بالاضافة الي إصابة الأطفال بربو وحساسية وضيق في التنفس نتيجة عمل المحرقة بصفة مستمرة. أما سعاد فودة فقالت إنه الي جانب وجود المحرقة التي تبث سمومها اليومية توجد10 مصانع للألومنيوم والصاج والمفصلات تعمل كلها علي وتيرة واحدة دون انقطاع في عمق الكتلة السكانية مطالبة بضرورة تدخل المسئولين للحد من هذه الكارثة البيئية التي أدت الي موت الكثير من الأهالي. ويتعجب شحاته صالح أحد الأهالي من قيام الحكومة بفرض غرامة5000 جنيه علي حرق الفلاحين لقش الأرز لكنها لم تحاسب المسئولين علي وجود المحرقة وسط المنطقة السكانية, بالاضافة الي وجود العديد من مصانع الألومنيوم والصاج التي تقوم بإذابة هذه المواد أثناء الليل وأن ذلك أدي الي ازدياد نسبة السموم التي تؤثر بالسلب علي صحة المواطنين. أما جلال فتح الله فيؤكد أن القرية محاطة بأكبر مذبحة بيئية وقال إنها تؤثر علي أكثر من250 ألف نسمة موضحا أن أكثر من ربع مليون مواطن يستنشقون تلك الأدخنة كل صباح بخلاف القري المجاورة التي لا يتعدي سكانها أكثر من20 ألف نسمة. ويقول الدكتور أحمد حامد عبد العزيز اخصائي الأمراض الصدرية بمستشفي ميت غمر العام وبشلا إن حالات الربو الشعبي في تزايد مستمر خاصة بعد إنشاء المحرقة وكذلك ازدياد حالات الاصابة بالنزلات الشعبية الربوية خصوصا عند الأطفال بدرجة كبيرة موضحا أنه تم تسجيل حالات اختناق كبيرة الي جانب أنه تمت إضافة جهاز تنفسي بمستشفي بشلا وذلك لكثرة حالات الاختناق المباشر إضافة الي أن المحرقة غير مطابقة للمواصفات الصحية والبيئية, كما أن الخطر الحقيقي يكمن في اشتعال هذه المخلقات والنفايات اشتعالا ذاتيا في فصل الصيف مما يؤثر بالسلب علي صحة المواطنين. ويؤكد الدكتور حسن شحاته طبيب الأطفال بمستشفي مبرة ميت غمر أن بعض حالات الأطفال التي تأتي الي المستشفي تعاني من غيبوبة ونهجان نتيجة التعرض للدخان وعوادم الحرق المكونة من أول أكسيد الكربون, موضحا أن تلك الحالات تكون متدهورة وتحتاج الي علاج طبي مكثف أو تحويل طبي الي أحد المستشفيات لإجراء جلسات تنفس صناعي خاصة وأن تكرار التعرض للدخان قد يسبب سرطان الصدر أو التهابا رئويا وفي النهاية يؤدي الي هبوط عضلات القلب الذي يصاحبه تورم الأطراف, مطالبا بنقل المحرقة الي مكان غير آهل بالسكان من خلال التعاون بين الوزارات المعنية مؤكدا أهمية إجراء كشف دوري مستمر لأطفال المنطقة لتفادي إصابتهم بأمراض خطيرة. ويؤكد صديق العزب مسئول البيئة بمدينة ميت غمر أنهم قاموا باتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة لإيقاف عمل هذه المحرقة لكن القائمين عليها قاموا بتشغيلها مرة أخري. توجهنا بكل هذه الشكاوي الي الدكتور حامد سليم مدير مستشفي الكلي بمدينة ميت غمر وسألناه عن الأضرار التي تسببها المحرقة لأهالي المنطقة حيث قال إنها تعمل بطريقة عشوائية وتضر بصحة المواطنين المجاورين لها نتيجة لانبعاث الأبخرة والمواد الضارة بالصحة التي تؤثر بالدرجة الأولي علي الجهاز التنفسي وتصيب الأطفال بحساسية الصدر, لكنها الآن تعمل بطريقة جيدة بعد إصلاحها وبالتالي فهي لا تسبب أي أضرار حتي الآن.