دخلت فلسطين إلي قائمة الثورات العربية, نحن هنا لا نتحدث فقط عن مقاومة الاحتلال الإسرائيلي بالطريقة التي استمرت عقودا من الزمان منذ النكبة, وإنما نقصد ثورة شعبية علي غرار ما حدث ويحدث في مصر وتونس وليبيا وسوريا واليمن والعراق والبحرين وغيرها. ثورة الشعب الفلسطيني هذه المرة تطالب القيادات والفصائل بالتلاحم وتوحيد الصفوف, ووقف الصراعات السياسية التي لا طائل من ورائها, وإذا لم تتم الاستجابة فسوف تخرج قيادات جديدة قادرة علي التعبير عن المطالب والحقوق دون شبهة المصالح الشخصية والمنافع الضيقة. وثورة الشعب الفلسطيني لن تقبل بتراجع أبومازن عن قرار طلب العضوية للدولة الفلسطينية مهما تكن الضغوط الأمريكية والوعود الأوروبية الكاذبة, وتكفي السنوات الطويلة الماضية للحكم علي النوايا الإسرائيلية التي لا تفهم السلام ولا تسعي إليه, وإنما تريد من الفلسطينيين الاستسلام بلا قيد أو شرط, وساعتها قد تمنحهم إسرائيل دويلة مشوهة ناقصة الأعضاء والوظائف الحيوية, وتعيش علي التسول والمنح والمساعدات الخارجية تحت رقابة صارمة. ثورة الشعب الفلسطيني سوف تذهل العالم بنفس الإرادة الصلبة التي قاومت الاحتلال والتهويد ومحاولات طمس الهوية وستكون واحدة من الأسس الراسخة للعالم الجديد الرافض للعدوان وبسط الهيمنة والنفوذ بالقوة العسكرية وبالخروج عن القوانين والشرعية الدولية. وعلي الإدارة الأمريكية أن تسارع بمراجعة شاملة لسياساتها وحساباتها السياسية لعلها تنقذ ما يمكن إنقاذه من رصيدها المتهاوي نتيجة الانحياز الأعمي لإسرائيل والكيل بمكيالين, حيث تساند وتدعم احتلال واغتصاب الأراضي وحرمان شعب بأكمله من حقوقه التاريخية المشروعة, ومن جهة أخري تعلن دعمها ومساندتها للثورات العربية في محاولة مكشوفة ومفضوحة للقفز فوقها, ومحاولة توجيهها وفقا لمصالحها. ولكن رياح العواصف والثورات العربية لا تسير علي درب القوي الطامعة والساعية لبسط الهيمنة والنفوذ, وأن صوت الشعوب القادم ينطلق أساسا من مشاعر وطنية خالصة ترسم ملامح جديدة للحاضر والمستقبل, ليس لهذه المنطقة فحسب, وإنما للعالم أجمع. لا مكان للاحتلال والعنف والفوضي, والخريطة السياسية الجديدة للشرق الأوسط سوف تحسم وللأبد الخطوط الحمراء للتدخلات الخارجية, لأن إرادة الشعوب تريد التخلص من التبعية بكل أشكالها وألوانها. ثورة فلسطين هي محطة رئيسية للانطلاق نحو المستقبل الرافض للاستسلام والمتطلع نحو الحرية والاستقلال.