حالة من الرعب شهدها الديوان العام بمحافظة أسوان أمس بعد أن أشعل بعض المعتصمين النوبيين النار في الواجهة الغربية للمبني, مما تسبب في إصابة عدد من الموظفين بحالة من الاختناق, وتم نقل اثنين منهم إلي المستشفي التعليمي للعلاج. البداية كانت سلمية وحضارية عندما تظاهر عشرات من النوبيين أمام مبني الديوان العام داخل حديقة درة النيل, وفوجئوا علي حد قولهم باقتلاع خيمة كانت معدة للاعتصام, وإقامة احتفالية مسائية يشارك فيها أدباء وفنانون وعدد من أعضاء المجلس الوطني الذي يشغل فيه الدكتور ممدوح حمزة المختلف أساسا مع محافظ أسوان منصب أمينه العام, ومع هذا ظل الاعتصام علي سلميته للتأكيد علي المطالب النوبية وأهمها حق العودة كاملا لقري النوبة حول ضفاف بحيرة ناصر وفصل دائرة نصر النوبة انتخابيا عن كوم أمبو واعادة النظر في مجموعة القيادات النوبية التي ستلتقي الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء قريبا, وفور وصول مجموعات المشاركين من محافظات القاهرة والاسكندرية والقناة تصاعدت الأحداث تماما وتحول الاعتصام إلي مظاهرة بكورنيش النيل أدت إلي توقف الحركة المرورية عليه. في غضون ذلك توجهت مجموعات إلي مبني الديوان العام للمحافظة, لتنهال عليه بالطوب وتحطم واجهته وزجاج مكتب المحافظ والمكاتب المحيطة في مشهد مأساوي أثار الاستياء, كما قام أحد الموجودين بإشعال النيران داخل مدخل المبني من خلال جركن بنزين كان يحمله مما تسبب في حالة من الرعب والهلع للموظفين وخاصة السيدات اللاتي تعرض عدد منهن للإغماء وأصيب البعض باختناق جراء الدخان الكثيف الذي غطي المبني, وتم نقل ثلاث حالات إلي المستشفي التعليمي هم نعمة عبدالفتاح(46 عاما وسناء سعد حسين(35 عاما) وسلامة علي طايع سائق سيارة إسعاف بعد الاعتداء عليه. ووسط هذه الأحداث المؤسفة كان رجال الشرطة في مديرية أمن أسوان يتفرجون علي الأحداث ويتضاحكون في مشهد مؤسف, وعلي رأس هؤلاء مدير الأمن أحمد ضيف الذي طالب الجيش بالتدخل بينما سيارات الإطفاء واقفة لاتتحرك وبعضها فر هاربا وهو ما دفع الموظفين والمواطنين للتدخل لفصل التيار الكهربائي وإطفاء النيران! وعلي الرغم من وجود أفراد من رجال الشرطة العسكرية داخل الديوان بأنهم لم يتدخلوا علي الإطلاق حتي هدأت الأحداث نوعا ما وقاموا بإخلاء المبني من الموظفين تماما. وإزاء هذه الأحداث قرر اللواء مصطفي السيد محافظ أسوان تعطيل العمل في الديوان العام اليوم لحين استقرار الأوضاع, وقال المحافظ في تصريحات خاصة ل الأهرام المسائي إن من حق أي مواطن أن يعبر سلميا عن رأيه سواء بالاعتصام أوالتظاهر ولكن بدون المساس بالمنشآت الحكومية التي هي ملك الشعب, وقال: لن أتخلي عن المطالب النوبية لحين تحقيقها بالكامل والجميع يعلم ذلك, وأوضح أن الاعتراض علي المجموعة التي ستقابل الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء لعرض المطالب قد تم اختيارها من خلال النوبيين ذاتهم ودون تدخل من أحد وقال: إن النوبيين هم ابناء لمصر ومعظمهم يتفهمون الوضع الحالي للبلاد وأعلن تماما أنهم مستاءون من هذه الأحداث التي يستغلها البعض لاشعال الفتن, مشددا علي أنه لن يتخلي عن تحقيق جميع المطالب وعرضها بكل أمانة علي الجهات المعنية. وأعلن المحافظ أن مشكلة تمليك أراضي النوبيين المتضررين من تعليتي خزان أسوان والتي تفجرت بسبب عدم وجود مستندات قد تم حلها, فبعد اعتراض وزارة المالية علي التمليك المجاني الذي تقرر من قبل سوف يتم تدارك ذلك بتمليكها بسعر جنيه واحد للمتر وبالتقسيط علي5 سنوات علي أن يتم رد أي مبالغ سيتم تحصيلها للمتضررين فور صدور قرار من رئيس الوزراء في هذا الشأن. ومن جانبه, علق الدكتور هشام جمال الاستاذ الجامعي بالأكاديمية العربية وأحد القيادات النوبية علي هذه الأحداث بأن السبب الرئيسي في اشتعال الأحداث هو التصرف الغبي علي حد قوله من بعض فلول النظام السابق الذين قاموا بهدم الخيمة المعدة للاعتصام داخل حديقة درة النيل ونزعوا اللافتات فجرا بالإضافة إلي صدور قرار بضم دائرة نصر النوبة لكوم أمبو وإدفو في انتخابات مجلس الشعب الفردية القادمة وقال إن شباب النوبة قد تعرض للإثارة فور علمه باجتماع عقد أمس الأول بين مسئولين بالمحافظة و30 عمدة وشيخ من النوبة وهو ما أدي إلي تصاعد الأحداث وغليان بين النوبيين. وكان أعضاء لجنة المتابعة بالاتحاد النوبي العام قد أصدروا بيانا بالمطالب النوبية وأهمها إصدار قرار سيادي بحق العودة لأبناء النوبة في بحيرة السد العالي وتشكيل مجلس لتعمير المنطقة النوبية من علماء مصر واستعادة دائرة نصر النوبة الانتخابية المسلوبة وفصل وادي النقرة وخريط إداريا والتحقيق في انحراف مشروع العون الغذائي( الفاو) عن هدفه ووضع مادة بالدستور تؤكد التنوع الثقافي بمصر وإطلاق اسم بحيرة النوبة علي بحيرة السد العالي وإيقاف صرف المقابل النقدي لمساكن المغتربين والاحلال والتجديد بنصر النوبة وتمليك المتضررين من تعليتي الخزان القديم وتدريس الحضارة النوبية والتاريخ بالمناهج الدراسية المصرية وأولية العمل في الوظائف المتاحة لابناء المحافظة والعمل علي تخصيص الظهير الصحراوي لقري بندر ومركز أسوان لكل قرية.