ظن أن وقت المغرب قد حان فقام بالإفطار،ثم تبين له أنه باق دقائق على موعد الإفطار، فماذا يفعل؟ الصيام فى اللغة هو الإمساك عن الشيء (.... فَكُلِى وَاشْرَبِى وَقَرِّى عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِى إِنِّى نَذَرْتُ لِلرَّحْمَ?نِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا)… (مريم: 26 ) وهو فى الشرع الإمساك عن شهوتى البطن والفرج من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية، ولا شك أن كل مسلم حريص كل الحرص على دينه وعبادته، فهو يريد أن يؤديها بالشكل الذى أمره الله تعالىورسوله صلى الله عليه وسلم به كى يمتثل طاعة لله، وتبرأ ذمته من هذه التكالييف، وصيام شهر رمضان فريضة عظيمة، خالصة لوجهه تبارك وتعالى، يتجسد فيها أعلى درجات الإخلاص، ففى الحديث «الصوم لى وأنا أجزى به» أى لا يطلع عليه غيرى، فلا رياء فيه ولا سمعة، ولعظم أمر هذه العبادة الجليلة، يجب على المسلم أن يتحرى جيدًا موعد الإفطار وموعد السحور بدقة وبقدر استطاعته، خاصة أن وسائل العلم بمواقيت العبادات فى هذا العصر من السهولة بمكان، وبناء على ذلك فلا يعذر أحد بجهله هذه المواقيت وإجابة على السؤال نقول ومن الله التوفيق: من أفطر يظن أن الشمس قد غابت، ثم تبين له أنها لم تغب بعد وكذلك من أكل يظن أن الفجر لم يطلع، فظهر أنه قد طلعفالفقهاء فى ذلك على رأيين: * الأول منهما: لجمهور الفقهاء، وهو قول أكثر أهل العلم: أن عليه القضاء، أى يومًا مكان اليوم، ودليلهم على هذا: ما روى عن هشام بن عروة عن فاطمة امرأته عن أسماء قالت: «أفطرنا على عهد رسول الله (صلى الله علية وسلم) فى يوم غيم، ثم طلعت الشمس» قيل لهشام: أمروا بالقضاء؟ قال: «لا بد من قضاء» أخرجه البخارى، ثم إنه أكل مختارًا ذاكرًا الصوم فيفطر بذلك، ولأنه جهل بوقت الصيام، فلم يعذر به، كالجهل بأول رمضان، ولأنه يمكنه التحرز والاحتياط من هذا، خاصة مع سهولة وتوافر وسائل المعرفة بالأوقات الآن، * وروى عن عروة ومجاهد والحسن وإسحاق: أنه لا قضاء عليه وسندهم فى هذا: ما رواه زيد بن وهب قال: كنت جالسًا فى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رمضان فى زمن عمر بن الخطابفأتينا بعساس العس: هو القدح الكبير فيها شراب من بيت حفصة، فشربنا، ونحن نرى أنه من الليل، ثم انكشف السحاب، فإذا الشمس طالعة، قال: فجعل الناس يقولوننقضى يوما مكانه! فقال عمر: «والله لا نقضيه، ما تجانفنا لإثم» أى ما ملنا عن الحق ثم إنه لم يقصد الأكل فى الصوم، فلم يلزمه القضاء كالناسى والمختار من الرأيين هو الأول، من لزوم القضاء احتياطًا للعبادة؛ لأنها مبنية على الاحتياط، ثم إن ما استدل به أصحاب القول الثانى، يجاب عنه بالآتى: أن خبر عمر رواه الأثرم: أن عمر «رضى الله عنه» قال ما نصه: «من أكل فليقض يومًا مكانه» ورواه مالك فى الموطأ، أن عمر قال: «الخطب يسير» يعنى: خفة القضاء، ثم إن القياس على الناسى، قياس مع الفارق لأن النسيان لا يمكن التحرز منه.