الدراما تمر بفترة حرجة.. وعرض المسلسلات فى شهر واحد غير معقول هناك من يسعى لتحجيم نجوميتى.. واستبعادى من أدوار البطولة رغم نجاحى أكبر دليل غير منطقى أن يكتب الدور قبل التصوير بساعة.. وعندما أسأل المخرج أو المؤلف عن الشخصية التى أؤديها لا أجد إجابة لم أطلب إجراء تعديلات فى السيناريو .. و«كرارة » اقتربمن الجمهور بشخصية سليم الأنصارى يتمتع الفنان هشام سليم بآرائه الجريئة والصادمة، والتى يراها البعض موجعة إلى حد كبير، لكنه دائما ما يفضل أن يضع يده على الجرح مهما كلفه الأمر، وعلى هذا الشكل نستطيع أن نقيس طريقة اختياره لأدواره، والتى يفضّل دائما أن تكشف الحقيقة، وأن يكون لها هدف وتؤثر فى المجتمع، ومن هنا جاءت موافقته على تجسيد دور «أكرم صفوان» فى الجزء الثالث من مسلسل «كلبش»، والتى يكشف من خلالها دور سماسرة الحروب وقادة الجماعات التخريبية فى إيقاع البلاد فى الفوضى ويحل بها الدمار من كل ناحية ليتم تسليمها على طبق من فضة للمحتل، ثم يختفى من المشهد تماما قبل أن يتم استخدامه فى دور آخر، وفى حواره مع «الأهرام المسائي» يتحدث هشام سليم عن دوره فى العمل وأسباب موافقته عليه، كما تطرق الحوار إلى أسباب أزمة الدراما التليفزيونية، وتراجعه عن تقديم البطولة المطلقة رغم نجاحه فيها مثل «المصراوية» وغيرها، وغيابه عن السينما ..وتفاصيل أخرى فى هذا الحوار تقدم شخصية أكرم صفوان فى «كلبش 3» فما الذى جذبك لها؟ الحقيقة أننى وجدت أنها شخصية صعبة ومختلفة، فهو لا يضع فى حساباته سوى المال والسطلة والنفوذ، وتركيع البشر لتنفيذ مصالحه، بينما الإنسانيات منعدمة بداخله، ولا يتمنى الخير لأحد، كما أنه شخص ينمتى إلى الجماعات التخريبية التى ظهرت فى العالم فى الآونة الأخيرة والتى تبث الفتن وتشعل الحروب وتزعزع استقرار الدول، لذا فهو من أشخاص الذين ينطبق عليهم قول «إذا دخلو قرية أفسدوها»، ولذلك فإن هدفه ليس سليم الأنصارى ضابط الشرطة فقط، لكن أهدافه بعيدة المدي، وهذا النوع من البشر تحركه القوى الكبرى لكى تتمكن من بسط نفوذها على الدول بعد أن تبث سمومها لتأتى بوجه المنقذ ولكنها فى حقيقة الأمر هى المحتل. ومن خلال كل هذه المحاور شعرت أن الدور يحمل أبعادا سياسية، وأنه يتماشى مع الأوضاع الحالية التى نعيشها فى وطننا العربى وكيف أن هذه الأفراد والجماعات تقود حروبا بالوكالة عن دول ولا أحد يعرف مصدر تمويلها وإمدادبالسلاح والعتاد ثم نجد أنها اختفت فجأة بعد أن نفذت ماهو مطلوب منها، ولهذا فإن شخصية أكرم صفوان من النماذج التى طفت على السطح وأصبحنا نسمع عنها فى نشرات الأخبار العالمية وهذا سر انجذابى لها. هل استوحيت الشخصية من بشر قاموا بهذا الدور فى الواقع؟ إطلاقا، لأننى لا أقدم نموذجا بعينه، ولكن من مواصفات السيناريو، تمكنت من رسم ملامح وأبعاد الشخصية، وكيف تفكر وتتصرف إلى أن نجحت فى بنائها، بينما التأثر بشخص ما قد يجعلك تقع فى فخ التقليد وهذا غير صحيح، ولا يجب على الفنان اتباعه. هل كان لديك اعتراضات أو تعديلات معينة على الدور؟ ليس هذا من طبعي، فمنذ دخولى مجال التمثيل احترم فريق العمل، كل فى تخصصه، لكن قد أوضح لكاتب السيناريو والمخرج تفاصيل ما فى حوار مع الشخصية أو سلوك ينفذه يترتب عليه موقف معين. اشتهرت فى السنوات الأخيرة بالبراعة فى أدوار الشر .. هل جاء ذلك مصادفة؟ ليست فكرة تعمد أو مصادفة، فأنا أحب كل أدوارى ولا أوافق على المشاركة فى عمل إلا لو كنت أفضل الظهور بالشخصية التى رُشحت لها، لأن التمثيل بالنسبة لى متعة،ولكن بعد نجاح شخصية «أكرم زهني» فى «محمود المصري» وجدت كل العروض من المخرجين والمنتجينتأتينى فى هذا القالب، ومنها«نادر الجبالي» فى «بين عالمين»، و«شامل» فى «فى أيد أمينة»، وأخيرا أكرم صفوان فى «كلبش 3» وهو ما يترك انطباعا لدى الجمهور أننى أفضل أدوار الشر فقط، وهذا ليس صحيحيا لأنه بعد فترة قد أصاب بالملل من أدوار الشر وأرفض أن أطل بها مرة أخري. لكنك من خلال ما ذكرته من أدوار تختلف فى كل إطلالة عن الأخرى؟ طبيعى لأن هذا دورى كفنان أن أقدم لك خطوط اختلاف عن كل شخصية ظهرت بها من قبل حتى وإن كانت فى قالب الشر، كما أن المشاهد بطبيعته ذكي، ويعرف ما هو الجانب الجديد الذى لعبته فى الشخصية أونسبة الشر والقبح والجبروت فيها سواء كانت أكثر من سابقتها، أم مجرد رد فعل، وظنى أن من أدواتى كفنان أن أجعل المشاهد ينتظر ظهورى فى كل مشهد وما هى المفاجأة أو الضربة أو الصدمة التى سأوجهها إلى خصمي. تقدّم دور الند للفنان أمير كرارة كيف ترى التعاون معه؟ لقد سبق أن عملنا معا فى مسلسل «لحظات حرجة» وتعارفنا وقتها، ثم تقاربنا أسريا فحماه أهلاوى عظيم وهو صلاح حسني، ثم جاء الترشيح لى للعمل فى الجزء الثالث من كلبش، ووافقت على الفور لأن «أمير» نجح فى الجزءين الماضيين أن يخطو بشخصية سليم الأنصارىإلى أرض الواقع ويقترب من الجمهور ويتفاعل مع مشاكلهم ويؤثر فيهم، فمثلا فى الجزء الأول قدّم معالجة لحالة ضباط الشرطة والظلم الذى كان يقع عليهم فى بعض الأحيان بسبب تأدية دورهم فى تنفيذ القانون والموجة التىكانت سائدةببث روح الكراهية فى ذلك الجهاز الوطني، ثم فى الجزء الثانى تعرّض لخطر الإرهاب وكيف أنه يحيط بنا والشهداء الذى سقطوا دفاعا عن الوطن. قدّمت كلاسيكيات الدراما التى أثرت فى وجدان وعقل كل مصرى .. كيف ترى حال الدراما المصرية حاليا؟ أرى أنها تمر بفترة حرجة جدا وفى مرحلة الخطر لأن ظروف إنتاج العمل الفنى فى مصر أصبحت تداربشكل غير صحيح، فالتسرع لإخراج عمل فنى لا تسمح بالقراءة المتأنية للسيناريو كاملا ثم الدور بشكل مفصل ثم يعقد الفنان جلسات عمل لبناء الشخصية مع المخرج والمؤلف وأخرى للحوار مع المشاركين له فى العمل، بينما أصبحت الحلقات تُكتب قبل التصوير بساعة وعليك أن تكون جاهزا، وهذا غير صحيح بالمرة ولا يصنع عملا فنيا جيدا، أو حتى يخلّد فى ذاكرة ووجدان المشاهد، ولابد أن نتأنى فى التحضير لأى عمل فنى قبل الشروع فيه وتحديد الميزانية وساعات التصوير وتسليم العمل للفنانين كاملا، حتى يحصل الفنان على فرصة لكى يستحضر الشخصية فى ذهنه وخياله قبل بدء التصوير فلا يصح إلا الصحيح، ولابد أن نعود إلى الأساس السليم وهو الورق والسيناريو، فضلا عن أن التمثيل تحول إلى مهنة لكسب الرزق وليس عملا إبداعيا يهدف إلى الرقى بالمشاهد وتصحيح المفاهيم الخاطئة والسمو بأفكاره وهذا فى غير صالحنا بالمرة. معنى ذلك أن مشكلة الدراما حاليا تكمن فى طريقة كتابة العمل الفنى والسيناريو؟ المشكلة تكمن فى القائمين على الإنتاج الفنى الذين سمحوا أن يتم إدارة الأعمال الفنية بهذا الشكل الخاطئ، فليس منطقيا أن يضخ منتج أموالا ضخمة فى عمل فنى غير واضح المعالم، وأنت وحظكفمثلا عند تصويرى فى أعمال فنية أسأل المخرج أو المؤلف عن الموقف الذى ستتخده الشخصية التى أؤديها سيكون بناء على ماذا فلا أجد إجابة، أو السلوك الذى ستُقدم عليه الشخصية فى هذا المشهد ماذا سيترتب عليه فلا أجد من يرد، لأن العمل الفنى مازال يكتب لحظة بلحظة. ولكننا حاليا فى عصر الاحتراف وأى مهنة تدخل هذا العصر؟ وهل قواعد العمل الفنى تتنافى مع الاحتراف، بل على العكس الاحتراف لابد أن يكون له أسس حتى تطور من أدواتك الفنية كفنان وليصبح هذا فى مصلحة الدراما التليفزيونية، لكن القول إننا نعيش فى عالم احترافى بينما نفتقد للأسلوب الصحيح فى صناعة عمل فنى هذا أمر غير منطقى فهو مثل مقاول يريد بناء عمارة دون أساس قوى وسليم. هل معنى ذلك أن الأعمال الفنية التى على الساحة غير جيدة؟ هى تتناسب مع النمط الشعبى الاستهلاكى الذى نعيشه مثل الوجبات السريعة «تك أواي» ولكنها لا تصنع عملا فنيا يترك بصمة أو يعيش مع الجمهور ويؤثر فيه، والدليل على ذلك انجذاب المشاهد للأعمال الفنية القديمة التى كانت من روائع الدراما المصرية، لأن من كتبوها منحوها حقها فى الكتابة، كما نجد أعمالا أخرى تتحدث عن فئة معينة من المجتمع ولا تعبر عن الشريحة الأكبر من المواطنين أو عن همومهم، ومشاكلهم أو تدفعهم للتفكير وتمنحهم طاقة أمل فى الغد مثل فئة الصفوة من المجتمع أو الأعمال التى تبالغ فى نشر القبح. معنى ذلك أن نغض الطرف عما يدور حولنا حتى إن كان قبيحا؟ القبح موجود فى كل العالم لأنه جزء من البنى آدم ولكن عليك أن تظهر القبح لرغبتك فى تسليط الضوء على شيء معين لإصلاحه وليس مجرد إبراز القبح دون هدف وتقول أن هذا هو الواقع لأن تقديمه بهذا الشكل وطريقة الاستسهال تزيد من نسبته، فمثلا مسلسل يناقش قضية المخدرات وحقق صدى جيدا نجد موجة من الأعمال الفنية تسير على هذا النمط. هل ترى أن جزءاً من أزمة الدراما حدث بعد تقليص عدد المسلسلات؟ هذا أمر خاطئ منذ البداية.. للأسف كل فترة نجد أنفسنا اخترعنا «موضة» نسير وراءها دون تخطيط أو هدف مسبق،فما تربينا عليه أن الأعمال الفنية تنتج طوال العام ونشاهدها على مدار 12 شهرا، ثم جاءت موجة مسلسلات رمضان فى فترة التسعينيات حتى وصلنا إلى هذه التخمة من الأعمال، فهل من المعقول أن يتم إنتاج أعمال فنية لكى تعرض فى شهر واحد فقط؟ فهذا أمر يجافى العقل والتفكير السليم ولم نجد أحد يسعى لتصحيح هذا المسار الخاطئ الذى انجرفنا فيها ولم يتم علاجه أو إصلاحه ثم خرجنا من هذه الموجة تدريجيا بعرض عدد من الأعمال خارج دراما رمضان وكأنها هى فقط مقياس النجاح من عدمه. لماذا تراجعت فى أدوار البطولة رغمالنجاح الذى حققته فى «المصراوية» و«ظل المحارب» و«أماكن فى القلب»؟ أستطيع القول إن هناك تعليمات بتحجيم نجومية هشام سليم وألا يعلو سقفه عن هذا الإطار، وأقرب مثال على ذلك أنه بعد نجاح الجزء الأول من «المصراوية» تم استبعادى من بطولة الجزء الثانى من العمل وهذا أمر حيرنى خاصة أننى الفنان الوحيد فى مصر الذى عندما تحقق أعماله صدى جيدا لا تسند له أدوار البطولة أو يزيد أجره لذا أتعجب وأتساءل ماذا فعلت !! أو ما الخطأ الذى ارتكبته!!، لدرجة أوصلتنى أن أدعو الله أن تعرض على أعمال كى لا ينسانى الناس. ويكفينى أننى منذ دخلت مجال التمثيل منذ 47 عاما ومازلت قادرا على الظهور فى أدوار جيدة تترك أثرا مع المشاهد رغم أنف من يرغبون فى إقصائى أو إبعادى عن الساحة الفنية، فهم لا يعرفون أننى أحب التمثيل ولم أعمل بالمجال كى أدخل فى صراعات أو حروب مع أحد. من هؤلاء؟ لا أستطيع أن أقول شخصا بعينه ولكنهم جماعات لا تحب هشام سليم. بعيدا عن الدراما ما سبب غيابك عن السينما؟ الأمر يرجع إلى سببين أولها أن طبيعة القضايا التى تطرحها السينما فى الوقت الحالى لا أصلح لتقديمها، وثانيها أن العروض التى تأتينى مجرد ضيف شرف ويكون سؤالى طالما تروننى ممثلا جيدا لماذا يكون الترشيح فى مشهدين أو ثلاثة فقط، ولهذا اضطر للرفض. الأمر هنا يتعلق بمزاجى ورغبتى أو أن يكون بطل العمل صديقى وأريد خدمته والوقوف بجانبه، خاصة أننى لا أتقاضى أجرا على المشاركة فى العمل. وما تعليقك على ما يقوله البعض أن السينما هى فن الشباب؟ لا أنكر أنهم الشريحة الأكبر فى المجتمع وهم المستقبل وعليك أن تخاطبهم بلسانهم ولكن هل كل الجمهور من الشباب بالتأكيد لا، لذا عليك أن تقدم سينما متنوعة تحتضن جميع الفنانين وتناسب كل الأعمار والفئات.