فى الوقت الذى تأخذ الإدارات العمومية وبعض المؤسسات فى القطاع الخاص شهر رمضان بعين الاعتبار، وتعدل مواقيت انطلاق العمل اليومى للعمال والموظفين، يعيش عمال آخرون فى المنوفية أوضاعا خاصة واستثنائية خلال شهر الصيام، حيث يضطرون إلى العمل طيلة ساعات النهار وتحت أشعة الشمس الحارقة ويبذلون مجهودا جبارا تتفاوت درجته بحسب نوع النشاط الذى يزاولونه ما يزيد من معاناتهم نتيجة امتناعهم عن الأكل والشرب من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، والمذهل أن حر الصيف وظمأ الصوم لايثنيهم عن استكمال رحلتهم اليومية الشاقة فى سبيل البحث عن » لقمة عيش « كريمة لأبنائهم وأسرهم، فتراهم يقبضون على الجمر وهم يقضون ساعات العمل فى مهنهم المختلفة أو داخل أقسام العمل التى ترتفع درجات حراراتها غير عابئين بأولئك الذين كتب لهم الصوم فى ظروف أفضل حالا، حيث الصيام عبادة شاقة خاصة فى صفوف العمال الذين يباشرون مهامهم خلال نهار رمضان تحت أشعة الشمس دون أن تتوافر لهم إمكانية نقل أنشطتهم اليومية إلى فضاء أقل ضررا من أجل مزاولة أعمالهم فى ظروف مناخية تراعى وضعهم البدنى. يقول عبد المجيد عبد العظيم 38 عامًا « أنا عامل معمار على باب الله ولا يوجد لدى وظيفة حكومية لكى أنفق منها على أولادى وأجريت عملية غضروف فى ظهرى وماليش انى اشتغل فى المعمار ولكنى اضطر أخرج اشتغل علشان أقدر أعول أولادى وأتحمل التعب والارهاق اللى بيقابلنى وهذا فى الأيام العادية فما بالك فى رمضان لما تكون فريضة الصوم يعظم أجرها كلما زادت المشقة، مؤكدا أنه لم يفطر يومًا واحدًا فى رمضان بالرغم من عمله الشاق وما يقابله من مصاعب، وما يتعرض له من شمس حامية، تجعل الظمأ أنيسًا له طوال ساعات النهار. ومن بين العمال الذين يقضون نهار رمضان يتنقلون من حى سكنى إلى آخر بحثا عن » لقمة العيش « تحت أشعة الشمس سائقو الأجرة، حيث يقول محمود فريد ل 45 عاما سائق نقل : نحن نضطر كسائقين إلى تكبد عناء العمل طوال النهار حتى نتمكن من جمع المال لقضاء احتياجات ومتطلبات أولادنا وبيوتنا ولو كان هذا على حساب صحتنا. ويضيف ممدوح الحلوانى 66 عاما من شبين الكوم « أنا بقالى أكثر من 50 سنة شغال فران ومعنديش شغلانة غيرها وشغلى بيجبرنى أنى أفضل فترة طويلة أمام الفرن لأنى بفرد العجين كويس لوضعية الرغيف وانظفه من الردة التى تظهر تحته قبل وضعه فى الفرن ثم أضعه فى الفرن وربنا بيقدرنى بالرغم من إنى مريض بالسكر بس ربنا بيدى الفرش على قد الغطا«. وتابع أحمد المحراث 26 سنة صاحب فرن بلدى نحن فى رمضان نقوم بتسلم ذات الحصة التى نستلمها فى الأيام العادية ولكن مع فرق التوقيت، حيث أننا فى الأيام الحالية نعمل منذ طلوع الفجر إلى الظهر ولكن فى رمضان نحن نعمل من الساعة 8 صباحا إلى الساعة 5 العصر ونخرج 12500 رغيف ويعطينا الله القدرة والصبر على تحمل الحر والظمأ، مؤكدا أن أهم وظيفة لديه هى العجان حيث أنه أهم شخص يقوم بظبط العجين من حيث الدقيق والماء والملح.