بعد أحداث الثورة وغياب الرقابة علي الأسواق المحلية صارت الألعاب النارية ظاهرة أكثر من كونها مجرد لعبة فملايين الأطنان من الألعاب النارية والمفرقعات انطلقت في شهر رمضان وخلال عيد الفطر المبارك سينطلق المزيد حيث اعتاد البعض التعبير عن فرحته في المناسبات الاجتماعية المختلفة بإطلاق الألعاب النارية سواء علي مستوي الأفراد والأطفال خاصة أو علي مستوي الدول التي اعتادت تنظيم احتفالاتها مستخدمة الألعاب النارية علي غرار ما يحدث في المهرجانات الدولية وعلي قدر جمال وبهجة هذه الألعاب كان خطرها وأضرارها ولكن بعد غياب الرقابة علي الاسواق أصبحت هناك أنواع يتداولها الباعة الجائلون وأصحاب المحلات التجارية والمثير للذعر انها ليست بلعبة عادية فهي حقا تدخل في نطاق المفرقعات والتي صارت أصواتها تدوي بشوارع مصر فهي لا تقل عن أصوات اطلاق النار وهي تسبب الذعر والفزع بين المواطنين الأهرام المسائي حول أن يضع يده علي أسباب تلك الظاهرة. أما عن تكوين الألعاب النارية فيقول الكيميائي رضا مصطفي السيد مستشار الصحة والسلامة المهنية لعدد من شركات البترول: تعتمد صناعة المفرقعات أساسا علي نترات البوتاسيوم وخامس أكسيد الفوسفور, فعند انحلال نترات البوتاسيوم بالحرارة يتولد أكسجين مصحوبا بانفجار, مما يولد صوتا عاليا, وكذلك خامس أكسيد الفوسفور بالتخسين يتولد منه ثالث أكسيد الأكسجين, ويعطي أيضا نفس الصوت والانفجار, وهو المطلوب في الاحتفالات, وتصدر عن هذه المادة عند اشتعالها كميات من الغازات بشكل مفاجيء. وتعتمد فكرة جميع الألعاب النارية علي هذه المعادلة, سواء تم التفجير بالحرارة أو عن طريق الصدمات, ويتحدد طول المدة التي يمكن لعبوة الألعاب النارية أن تشتعل فيها من خلال الكميات التي تمتزج في المعادلة الكيميائية, فالكميات الصغيرة تشعل شرارات صغيرة لا تدوم طويلا, بينما تشعل الكبيرة منها شرارات أطول عمرا تترك خلفها مذنبا طويلا من الانارة. كما تعتمد أشكال وألوان الألعاب النارية علي التركيبة الكيميائية للعبوة المستعملة فيها وهناك أسماء وأنواع مختلفة للألعاب النارية مثل الأخطبوط الذهبي و المظلة و الشجرة والزهور و جوز الهند و زهور الربيع و المطر السحري و السيوف المتشاكية و الاشعاعية و الشمس الذهبية و النخيل و العبوة اليابانية التي يكون لها شكل مميز هو الصاروخ المستدير. وتتعدد أضرار ومخاطر الألعاب النارية بين الصحية والبيئية والكيميائية, فمن الناحية الطبية يقول د. محمد سمير عبد العاطي أستاذ طب الأطفال بجامعة عين شمس: يعتبر الأطفال والمراهقون أكثر الفئات العمرية تعرضا لهذه الألعاب, وتسبب لهم الحرائق والتشوهات المختلفة التي قد تكون خطيرة في أغلب الأحيان, علاوة علي أن الصوت الصادر عنها يؤثر وبشكل كبير علي الأطفال الموجودين بالقرب من منطقة اللعب, ويعد هذا نوعا من أنواع التلوث الضوضائي الذي يؤثر علي طبلة الأذن وبالتالي يسبب خللا وظيفيا في عمل المخ قد يستمر لمدة شهر أو شهرين. ويضيف أن الشرر أو الضوء والحرارة الناجمة عن استخدام المفرقعات تعد سببا رئيسيا للأضرار بالجسم, وخاصة منطقة العين الحساسة. كما أن الرماد الناتج عن عملية الاحتراق يضر بالجلد والعين إذا ما تعرض له الطفل بشكل مباشر, حيث تصاب العين بحروق بالجفن والملتحمة وتمزق في الجفن, أو دخول أجسام غريبة في العين, أو انفصال في الشبكية وقد يؤدي الأمر إلي فقدان البصر!. كما تعتبر هذه الألعاب من أسباب التلوث الكيميائي والفيزيائي, وكلاهما أخطر من الآخر, فالرائحة المنبعثة من احتراق هذه الألعاب تؤدي إلي العديد من الأضرار الجسيمة, هذا بالاضافة إلي الأضرار الكارثية التي تنتج عن انفجار مستودعات الألعاب النارية التي تحتوي علي هذه المواد نتيجة تخزينها بشكل خطأ!. وتقول عزيزة محمد ربة منزل ان الألعاب النارية في مصر من المفترض ان تتبع تجار السلاح والذخيرة نظرا لان خطورتها تعادل خطورة أي سلاح ناري, إلا ان الغريب ان الألعاب النارية تباع في محلات السوبر ماركت والهدايا, وكان يتم التفتيش عليها من قبل وزارة التموين التي يحرص مفتشوها علي مراجعة تراخيص البيع وجهة المنشأ وتاريخ صلاحية المنتج, بل الأدهي ان الباعة الجائلين يتجولون بها علي الأرصفة وفي الأسواق ولكن بعد الاحداث الاخيرة وغياب الرقابة علي الاسواق اصبحت في يد الجميع دون رقيب وتباع علنا دون خوف أو رهبة من المسئولين فكثر منا اصبح يستيقظ علي صوتها المزعج بين تارة واخري وكأنه صوت اطلاق نار وليست مجرد العاب عادية فباتت تثير الذعر بين المواطنين؟! ويقول صلاح محمود تاجر بحي الموسكي بالقاهرة: الألعاب النارية تجارة محفوفة بالمخاطر, لها موسم بيع يزداد فيه الإقبال عليها, مثل شهر رمضان والأعياد ورأس السنة الميلادية, أما باقي السنة فيكون البيع بسيطا ومرتكزا فقط في المدن الكبيرة حيث الحفلات والمهرجانات, وتختلف تجارة الألعاب النارية عن غيرها في حجم المخاطر والمغامرة التي يتحملها المستورد والبائع, سواء المخاطرة الأمنية حيث تشدد الجهات الأمنية والتفتيشية علي صلاحية الألعاب النارية, وطريقة تخزينها, وتراخيص العمل فيها, أو المخاطر التي تكمن في الألعاب النارية نفسها من إمكانية تفجيرها وبالتالي يتم التعامل معها بحذر شديد ولا يتم وضع كميات كبيرة منها للعرض بل يتم السحب من المخزن أولا فأول, لتفادي أي كوارث يمكن أن تحدث ويضيف: وإن كانت نسبة الربح فيها عالية لدرجة مغرية( تتعدي150% وتصل في المنتجات غير الصالحة300%) تجعل أغلب التجار الذين يتعاملون فيها يقبلون المغامرة والمخاطرة, إلا أن الذين يتعاملون مع هذه التجارة بطرق قانونية نسبة قليلة يمكن عدهم علي اصابع اليد في كل دولة, وتنحصر بين المستورد والبائع, هذا غير دخلاء المهنة الذين يعملون في مواسم العمل, سواء كانوا باعة جائلين, أو محلات الهدايا واللعب كما يقبل علي شراء هذه الألعاب نوعان من المستهلكين: أولهما الأطفال والشباب وهي الشريحة الأكثر طلبا للألعاب النارية وتفضل الألعاب البسيطة المصنعة محليا, نظرا لرخص سعرها, متجاهلين خطورتها, خاصة إن كانت لا تصلح للاستخدام بل إنهم يتفننون في وسائل اكثر خطورة مثل وضع اللعبة النارية في زجاجة أو علبة من الصفيح مما يحدث دويا وانفجارا اعلي من المتوقع ويتراوح سعر الألعاب النارية البسيطة التركيب والمصنعة محليا ما بين5 و35 جنيها مصريا للعبة الواحدة, أما الشريحة الأخري فتتمثل في الشركات المنظمة للحفلات العامة والخاصة وتفضل دائما الألعاب النارية المستوردة التي تعطي بهجة أكثر من الرهبة عند استخدامها ويبدأ سعر الواحدة من150 جنيها. ويقول دكتور احمد مجدي حجازي استاذ علم الاجتماع بجامعة6 اكتوبر انه تعتبر اغلب الدول العربية والاسلامية مستوردة للألعاب النارية ولا تنتج إلا البسيط منها وتصنعه ورش صغيرة أغلبها لا يعمل بشكل قانوني كما تحظر قوانين هذه الدول استيراد وتداول الألعاب النارية, لذا فأغلب الكميات التي تدخل الدول العربية خاصة تدخل بطرق غير شرعية وتشدد القوانين من إجراءات بيع واستخدام الألعاب النارية, وتضنع شروطا عديدة في التعامل معها, أهمها توافر المواصفات القياسية العالمية, وزيادة احتياطات السلامة والصحة المهنية, وتحدد معايير لنقلها ومواصفات المخازن التي تودع فيها وكيفية تحزينها, أهمها البعد عن التجمعات السكنية ومخازن المواد الاستهلاكية مثل مستودعات الأغذية, كما تمنع استخدامها في الطرق وداخل المنازل والمحلات العامة. كما انه لابد للشرطة من اتخاذ اجراءات رادعة وصارمة للقضاء علي هذه الظاهرة وذلك من خلال تنفيذ القوانين ومعاقبة الاشخاص أو اصحاب المحال التجارية التي تقوم ببيع وترويج الالعاب النارية وكذلك مصادرة الكميات الموجودة في الاسواق واتلافها وتقديم اصحابها للقضاء لينالوا جزاءهم سواء بالسجن أو بفرض غرامات مالية باهظة عليهم, ونظرا لدور الدين الكبير في الحد من الظواهر السلبية فلابد من طرح مخاطر الالعاب النارية في خطب الجمعة ومن خلال الندوات التي تعقد بين فترة واخري وتوضيح موقف الشرع من ذلك علي مختلف الصعد بالاضافة إلي دور الاعلام المؤثر سواء بتقديم مادة ارشادية للحد من تلك الظاهرة وعرض عواقب استخدامها كما لابد من التنسيق والتعاون المستمر بين دوائر التربية واجهز الشرطة لمواجهة هذه الظاهرة ومنع تفاقمها واستئصالها من المجتمع. فهنا ينتهي الكلام ولكن يبدأ التفكير: هل ستترك أبناءك هذا العيد يستخدمون تلك القنابل للشعور ببهجة قد تنقلب لكارثة؟!....... أنت من سيحدد الإجابة.