مع قطع مصر شوطا كبيرا في برنامج الإصلاح الاقتصادي وعلاج التشوهات التي أدت لتآكل جسد الاقتصاد المصري علي مدار ال30 عاما الماضية, جاءت التقارير العالمية لتعطي الاقتصاد المصري شهادة ثقة جديدة, تؤكد سير مصر بخطوات ثابتة وسريعة في الاتجاه الصحيح حيث توقع البنك الدولي تحقيق مصر معدل نمو يصل إلي نحو7,5%, خلال2019, كما توقع بنك ستاندرد تشارترد البريطاني وصول مصر ضمن الاقتصاديات السبعة الكبري في العالم بحلول2030, وهو ما أكد خبراء الاقتصاد إمكانية الوصول إليه بشرط التركيز علي القطاع الصناعي باعتباره قاطرة التنمية للاقتصاد القومي, والقضاء علي البيروقراطية لضمان جذب مزيد من الاستثمارات سواء المحلية أو الأجنبية. وقال صلاح الدين فهمي, أستاذ الاقتصاد, بكلية التجارة جامعة الأزهر, إن تعثر الاقتصاديات الكبري وانشغالها في الحروب التجارية مع الدول الأخري, هو ما يفتح الباب أمام الأسواق الناشئة كمصر في الدخول بقوة واحتلال مركز متقدم في قائمة الاقتصاديات الكبري. وأشار إلي أن مصر استطاعت منذ بدء برنامج الإصلاح الاقتصادي في عام2016 وحتي الآن إحداث طفرة حقيقية وعلاج الأمراض المزمنة التي كان يعاني منها الاقتصاد القومي, في ظل إقامة المشروعات القومية وتطوير البنية الأساسية من الطرق والكباري التي تمهد الطريق للمستثمرين لبدء أنشطتهم التجارية والصناعية. وأوضح أن مصر قدمت العديد من الحوافز الاقتصادية للمستثمرين خلال الفترة الماضية, حيث استطاعت إعداد منظومة مالية ضريبية مركزية شاملة, مشيرا إلي أن التقارير العالمية الاقتصادية التي تصدر في صالح مصر ما هي إلا نتاج للجهود التي بدأتها مصر الفترة الماضية. وأكد صلاح فهمي أن مصر قادرة علي زيادة معدلات النمو والوصول لمصاف الاقتصاديات الكبري, بشرط الاستثمار الجيد في الثروة البشرية, لإعداد كوادر قادرة علي الإنتاج ومواكبة التكنولوجيا الحديثة ومتطلبات سوق العمل. وأضاف: التقارير الإيجابية التي تصدرها المؤسسات العالمية الاقتصادية تعد شهادة ثقة للمستثمر الأجنبي في الاقتصاد القومي, ولكنها لا تكفي بمفردها في بدء الاستثمارات الجديدة علي أرض الواقع, خاصة في ظل البيروقراطية التي يصدم بها المستثمر بسبب صغار الموظفين. وأشار إلي أن الرئيس عبد الفتاح السيسي وجه بسرعة التعامل بنظام الشباك الواحد والخدمات المقدمة عبر شبكة الإنترنت, لضمان ابتعاد المستثمر والمواطن عن التعامل مع العنصر البشري, وهو الأمر الذي سيؤدي لزيادة معدلات الاستثمار. ورهن الدكتور سعيد عبد الخالق, خبير اقتصادي, قدرة مصر في احتلالها المرتبة السابعة اقتصاديا علي مستوي العالم, بالاهتمام بالاستثمار الصناعي, في القطاعات السلعية والإنتاجية, خاصة أن الاستثمار يعد المفتاح الأساسي لأي معدل نمو سواء كان اقتصاديا أو اجتماعيا. وقال إن مصر استطاعت إعداد بنية تحتية ومناخ تشريعي جديد يتمثل في قانون الاستثمار الذي يمنح المستثمرين حوافز ضخمة يؤهلها لجذب الاستثمارات الجديدة, ولكن هذه الاستثمارات عليها أن تكون في المجال الصناعي لضمان زيادة الإنتاج وخفض فاتورة الاستيراد لعلاج الاختلال في الموازين الاقتصادية كميزان المدفوعات. وتابع: فضلا عن توفير العديد من فرص العمل وتوسيع القاعدة التصديرية, وبالتالي سيخف الضغط علي النقد الأجنبي المهدر علي المنتجات المستوردة, وجلب النقد الأجنبي للسوق المحلية, خاصة أن التصدير يعد من أهم الموارد السيادية للدولة من النقد الأجنبي. وأكد أحمد خطاب خبير اقتصادي أن اقتصادنا تم تقييمه من أكثر من منظمة عالمية ومنها بنك( ستاندرد تشارترد) البريطاني, وأن مصر اقتصادهاB+, وذلك يعني أنه اقتصاد ثابت لفترات طويلة, مما يجعلوصولنا للترتيب العالمي السابع بحلول عام2030, وهذه شهادة دولية جديدة تعني الثقة في الاقتصاد المصري, سينعكس إيجابيا ودلالة علي أن المناخ الاقتصادي المصري أصبح جاذبا للاستثمارات المحلية والعربية والدولية, خاصة أن مصر بداية من العام الحالي2019 ستترأس الاتحاد الإفريقي, ومصر هي البوابة الرئيسية لإفريقيا. وأشار خطاب إلي أن مصر تمتلك من الأسباب ما يجعلها تتبوأ هذه المكانة الاقتصادية العالمية, منها قناة السويس القديمة والجديدة, والمنطقة اللوجستية, بما فيها من شركات عالمية تخدم حركة الملاحة داخل وخارج القناة, ومنها شركات صينية وروسية وإسبانية وأوروبية وجنسيات أخري, فكل هذه عوامل للنجاح, سوف يجعل من مصر سوقا جاذبة, وكذلك امتلاك مصر موانئ ملاحية أخري مثل ميناءي الإسكندرية ودمياط وغيرهما, وكلها ترفع من كفاءتها لتواكب الملاحة العالمية برفع مستوي الخدمة للبنية التحتية للموانئ الساحلية, وكذلك امتلاك مصر فرصة تنافسية عالمية, لأنها هي الأرخص في التكلفة والأعلي في الجودة, نظرا لوجود عمالة مدربة ومتوافرة, وذلك سوف يؤدي إلي زيادة مرور التجارة من خلال مصر بين إفريقيا وآسيا, وإفريقيا وأوروبا وكل دول العالم. وأضاف أن من الأسباب المهمة التي تجعل مصر في تلك المكانة الاقتصادية المهمة ظهور حقل غاز ظهر وحقول أخري جديدة سيتم اكتشافها والإعلان عنها قريبا, الأمر الذي سيجعل لمصر وفرة في الطاقة. ولفت خطاب إلي أن مصر اتجهت إلي أن تكون مركزا إستراتيجيا للغاز الطبيعي بالتعاون مع قبرص واليونان وصولا لأوروبا, كما اتجهت إلي إنشاء شركات كبيرة تعمل في هذا المجال, خاصة إسالة الغاز, كما أن وفرة الغاز دفعها إلي إنشاء محطات كهرباء غازية, بالإضافة إلي محطة الحمراوين ومحطات بنبان للطاقة الشمسية, ومحطات بالياح, مما جعل في مصر فائضا في إنتاج الكهرباء وتصديره للدول العربية, منها الأردن والسعودية, وإفريقيا مثل السودان, وسيكون الإنتاج خلال الشهر الحالي, الأمر الذي دفع مصر للاستثمار في الشركات التي تعمل في توصيل الكهرباء وربطها مع الدول الأخري من خلال التعاون مع القطاع الخاص, بما يعكس اتجاه الدولة لدعم القطاع الخاص. وأشار إلي أن من الأسباب القوية أيضا إنشاء العاصمة الإدارية الحديثة ومدينة العلمين الجديدة, الأمر الذي دفع العديد من الشركات العالمية التي تعمل في المقاولات إلي الاستثمار في مصر, ومنها الصين وروسيا ودول عربية مثل الإمارات والكويت. وقال خطاب إن مصر تقوم حاليا بتطوير قطارات السكة الحديد والقطار المكهرب وربط المدن السياحية مثل الأقصر وأسوان بالغردقة وشرم الشيخ, مما سينعكس علي تنشيط السياحة وجذب الاستثمارات الكثيرة في هذا المجال, خاصة الفنادق والقري السياحية, كما أن افتتاح المتحف القومي الجديد وتطوير منطقة الهرم سوف يجعل مصر جاذبة للسياحة العالمية, خاصة السائح الألماني الذي حصل علي أعلي نسبة في2018, وكان صافي إيراد السياحة يفوق ال10 مليارات دولار.