تتزايد تكاليف الدعم من سنة لاخري ويقصد بالدعم هو الفرق بين التكلفة الفعلية للسلعة وما تباع به للمستهلك او الفجوة بين الاسعار التي تباع بها السلع والمنتجات للمستهلكين والاسعار العالمية. ويصل الدعم الي نحو122.4 مليار جنيه ويمثل حوالي24% من اجمالي الموازنة العامة للدولة2012/2011 وينقسم الدعم الي قسمين دعم الطاقة ويصل الي99 مليار جنيه ودعم الخبر والمواد التموينية ويبلغ حوالي12.4 مليار جنيه ويشكل الدعم بنظامه الحالي عبا كبيرا علي المالية العامة ويشجع علي الاستهلاك المفرط ولا يحقق العدالة الاجتماعية المرجوة وان معظم الدعم يستفيد منه الاغنياء علي حساب الفقراء. ويتبين من تحليل نظام الدعم المعمول به حاليا ان نسبة الانفاق علي الدعم تبلغ حوالي11% من الناتج المحلي الاجمالي وقد يستحوذ علي النصيب الاكبر من النفقات في السنة المالية الحالية. واصبحت الزيادة في حجم الدعم احد العوامل الرئيسية التي تحول دون ضبط أوضاع المالية العامة وادت الي ارتفاع عجز الموازنة ويتم تخصيص اكثر من75% من اجمالي الدعم لمنتجات الوقود في حين يتم توجيه مايقل عن25% من الدعم الي المواد التموينية والخبز. وفيما يتعلق بدعم الطاقة تشير البيانات الي ان اجمالي الدعم الموجه للطاقة يصل الي99 مليار جنيه في موازنة2012/2011 ويقدر اجمالي دعم الطاقة منذ عام2000 بنجو600 مليار جنيه ومن المتوقع ان تزداد تكلفة الدعم خلال الفترة القادمة. ويشمل الدعم الموجه للطاقة عدة منتجات تتمثل في البنزين والبوتاجاز والسولار والمازوت والغاز الطبيعي والكهرباء وترجع الزيادة المستمرة في حجم الدعم الموجه للطاقة الي الزيادة في الاستهلاك والتكليفات في الاسعار العالمية حيث ارتفع من66.5 مليار جنيه في العام المالي2010/2009 الي99 مليار جنيه في العام المالي الحالي اي بزيادة50% خلال عام فقط ليمثل حوالي25% من اجمالي الايرادات. وتؤكد البيانات ان القطاعات كثيفة الاستهلاك للمنتجات البترولية هي الصناعات كثيفة للطاقة والكهرباء والنقل والاتصالات. وبتحليل دعم الطاقة نجد ان مصانع الاسمنت والحديد والاسمدة تستحوذ علي نصيب حوالي65% من قيمة الدعم البالغة نحو99 مليار جنيه وهذه المصانع يمتلكها القطاع الخاص الذي يبيع السلعة وفقا للاسعار العالمية فمصانع الاسمنت تصدر حوالي30% من انتاجها للخارج والباقي تبيعه في السوق المحلية طبقا للاسعار العالمية ومصانع الاسمدة تصدر اكثر من40% من انتاجها للخارج وكذلك الحديد يباع وفقا للاسعار العالمية في السوق المحلية ولم تصل السلعة بالاسعار الاجتماعية للمستهلك المصري. وبالنظر لتوجيه الدعم لمستحقيه نجد ان النظام الحالي اخفق في تحقيق العدالة الاجتماعية المرجوة واستفادة شريحة محدودة للغاية علي حساب الفقراء وان ما تحصل عليه الشريحة الغنية من الدعم يعد بمثابة اهدار لموارد الدولة ويزيد الاغنياء ثراء والفقراء فقرا والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا يتم دعم الطاقة لاصحاب المصانع والاغنياء علي حساب المواطن المصري الفقير. وفيما يخص دعم المواد التموينية والخبز تؤكد الارقام ان الدعم الموجه للغذاء اقل بكثير من الدعم الموجه للطاقة حيث يبلغ حوالي23.4 مليار جنيه وقد زاد دعم المواد الغذائية من16.8 مليار جنيه في العام المالي2010/2009 الي23.4 مليار جنيه ويرجع الي الزيادات الكبيرة التي شهدتها الاسعار العالمية ويشمل هذا الدعم الخبز البلدي ودعم المواد التي تصرف علي البطاقات التموينية وهي الارز والسكر وزيت الطعام بحد اقصي اربعة اشخاص في كل بطاقة وهذه تستحوذ علي حوالي65% من فاتورة دعم الغذاء مقابل نحو35% للخبز. ويتضح من تحليل الدعم الموجه للغذاء انه لايحقق العدالة المرجوة ففي نظام دعم السلع التموينية نحو ان هناك68% من الاسر لديها بطاقات تموينية وان المواد التي توزع علي البطاقات غير جيدة ويتركها المواطن للبقال التمويني كما انه تم تعميم الاسر في شريحة واحدة والمفروض ان يقسم هؤلاء الي مجموعة من الشرائح. اما دعم الخبز فيمثل تسرب الدعم احدي المشكلات الكبيرة في نظام دعم الخبز حيث يتم دعم الدقيق بنسبة كبيرة وتوزيعه علي عدد كبير من المخابز مما يعوق جهود الرقابة حيث تقوم معظم المخابز بانتاج نصف الكمية والباقي يتم تسريبه للسوق السوداء كما ان الخبز المدعم يباع لاصحاب المزارع لانه ارخص سعرا من علف الحيوانات مما يشجع مربي الماشية والدواجن علي اساءة استخدام الدعم واستغلال الخبز المدعم كعلف للحيوانات الامر الذي يؤدي الي حدوث نقص في كميات الخبز ويتعارض مع الاهداف الرئيسية لنظام الدعم. ويتبين من هذا التحليل ان دعم الغذاء يتسم بسوء الاستهداف والمغالاة في التكلفة مما يؤدي الي تسرب الموارد بصورة كبيرة الي الاسر المرتفعة الدخل وان هناك نسبة كبيرة من السكان تفتقد الامن الغذائي وتعاني من سوء التغذية. ومن خلال تحليل الدعم المقدم للطاقة والغذاء نقترح تطوير نظام الدعم الحالي لضمان تحقيق الهدف منه وهو تعزيز العدالة الاجتماعية وتضييق الفجوة بين الاغنياء والفقراء ووصول الدعم لمستحقيه واحتواء التضخم ولذا نقترح في مجال دعم مواد الطاقة تعديل اسعار الطاقة للمصانع التي تقوم بتصدير انتاجها للخارج والاكثر استخداما للطاقة وتحويل الفارق لدعم الخدمات الاجتماعية للمواطن المصري الاكثر فقرا, والعمل علي ايجاد نظام يستهدف مستحقي الدعم بصورة افضل للقضاء علي الاستهلاك المفرط والحيلولة دون اهدار الموارد. اما دعم المواد الغذائية فيجب العمل علي تشديد الرقابة علي المخابز وايجاد البدائل اللازمة لوصول الدعم لمستحقيه ومن هنا فاننا لانعول علي الوزارة الحالية لانها لاتمتلك الرؤية لادارة موارد الدولة خاصة ان وزارة التضامن والعدالةالاجتماعية والقائمين عليها لايمتلكون التطبيق العملي لسيناريوهات وصول الدعم الي مستحقيه ومن هنا نتساءل هل يمكن اعادة النظر في نظام الدعم المعمول به حاليا في مصر.