جلس داخل غرفته الضيقة في حالة يرثي لها تسيطر عليه الأحزان وتتكالب عليه الهموم فضاق من كثرة التفكير في ظروفه وأوضاعه الصعبة وتدني مستوي معيشته وعجزه عن الوفاء باحتياجات ومتطلبات أسرته وخوفه من المصير المجهول الذي ينتظر أبناءه الصغار فكل ما يتحصل عليه من وراء عمله الشاق لا يكفي مصاريف الصغار. خرج سعيد من مسكنه بمنطقة دار السلام في طريقه إلي مقر عمله لا يدري ماذا يفعل, ينظر بعيون ذائغة إلي المارة إلي أن استقرت قدماه أمام موقف السيارات الذي اعتاد منه استقلال وسيلة المواصلات التي تقله إلي شركة خدمات الاتصالات بمنطقة النزهة التي يعمل بها سائقا. وبمجرد وصوله جلس علي أحد المقاعد يلتقط انفاسه من طول المسافة بين مسكنه ومقر عمله وما هي إلا لحظات واستقل سيارة الشركة لتوصيل احد الطلبات المكلف بها وبعد انتهائه من المأمورية المكلف بها عاد إلي الشركة وفي نهاية يومه عاد إلي منزله منهك القوي فارتمي علي سريره من شدة التعب ليواصل الكرة صبيحة اليوم التالي. كانت حياته تسير بشكل روتيني مما جعله يتذمر من تلك الأوضاع وبدأ النوم يفارق جفونه من كثرة التفكير في عدم كفاية دخله متطلبات أسرته وكثرة الديون التي أثقلت كاهله والإلحاح المستمر من الدائنين برد الأموال المقترضة وتهربه الدائم منهم. عاد سعيد بذاكرته إلي الوراء متذكرا أيام البؤس والشقاء التي نالت منه سنوات إلي أن استقرت أوضاعه بعد العمل والزواج وخوفه من أن يعود إلي تلك الليالي الحالكة وماهي إلا لحظات حتي تسلل الشيطان إلي رأسه واهما اياه بان الحل لكل مشكلاته هو سرقة الشركة محل عمله. استحوذت الفكرة علي كل حواسه, ممنيا نفسه بالمال الوفير الذي تمتلأ به خزينة الشركة من وراء تعاملات العملاء وبعد أن استقرت الفكرة في رأسه بدأ في التخطيط لكيفية تنفيذها فتمكن بعد عدة أيام من استخراج نسخة من مفاتيح الشركة ولم يتبق أمامه سوي الاستعانة بأحد أقاربه ولم يجد أمامه سوي ابن عمه الذي يتشابه معه كثيرا في الظروف والأوضاع ولن يمانع الفكرة. وبالفعل تمكن الاثنان من التسلل خلسة إلي الشركة بعد انصراف العاملين بها وارتكاب جرمهما في ظلام الليل وكان صيدهما ثمينا, حيث استوليا علي60 الف جنيه و14 ألف دولار و5 أجهزة لاب توب إلا انهما لم يدركا ان كاميرات المراقبة تمكنت من رصدهما. البداية كانت بورود إخطار إلي اللواء أشرف الجندي مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة من اللواء نبيل سليم مدير المباحث الجنائية يفيد بورود بلاغ إلي المقدم محمد جهاد رئيس مباحث قسم شرطة النزهة من خالد محمد 39 سنة صاحب شركة لخدمات الاتصال باكتشافه سرقة5 أجهزة لاب توب و60 ألف جنيه و14 ألف دولار من داخل مقر الشركة عمله وبانتقال رجال المباحث لمكان البلاغ وإجراء المعاينة تبين سلامة منافذ الشركة ووجود كسر بالخزينة الخاصة بها. تم تشكيل فريق بحث أشرف عليه اللواءان اشرف الجندي مدير مباحث العاصمة ونبيل سليم مدير المباحث الجنائية وباشره العميد محمود هندي رئيس مباحث قطاع الشرق والعقيد حازم الدربي مفتش المباحث وضم ضباط مباحث قسم شرطة النزهة بقيادة المقدم محمد جهاد رئيس المباحث, وتم وضع خطة اعتمدت علي تفريغ كاميرات المراقبة بمحل الواقعة. وبتكثيف التحريات تبين ان وراء ارتكاب الواقعة سعيد. ع 33 سنة سائق بالشركة واحمد. م 23 سنة عامل بمقهي( نجل عم الاول) دونا السوابق ومقيمين بشارع مصر حلوان الزراعي المعادي. عقب تقنين الاجراءات واستصدار اذن من النيابة وبإعداد الأكمنة الثابتة والمتحركة في الاماكن التي يترددان عليها وبالقرب من محل سكنهما بإشراف العقيد حازم الدربي مفتش المباحث تمكن ضباط مباحث القسم وبصحبتهم القوة المرافقة من ضبطهما. وبمواجهتهما بالتحريات والمعلومات أيداها واعترفا بارتكاب الواقعة وقرر الأول أنه نظرا لعمله بالشركة ومروره بضائقة مالية خطط لارتكاب الواقعة بالاشتراك مع المتهم الثاني, حيث تمكنا من دخول مقر الشركة باستخدام نسخة من المفاتيح كانت بحوزتهما وتمكنا من كسر الخزينة باستخدام أجنة وشاكوش. وتم بإرشادهما ضبط57250 جنيها و12200 دولار واقرا بإنفاقهما باقي المبلغ في تسديد مديونياتهما وشراء بعض الأجهزة وتصرفهما في أجهزة اللاب توب المستولي عليها لدي احد عملائهما الذي تم استهدافه وضبطه وبحوزته الأجهزة المستولي عليها. تم تحرير محضر للمتهمين وبإخطار اللواء محمد منصور مساعد اول الوزير لامن القاهرة امر بإحالتهم إلي النيابة التي تولت التحقيق.