أمام نظرات الحنو والعطف والاشفاق ووجه الشبه الذي يجمعهما لم يعرف محمود سر العلاقة بين أسرته وذلك الرجل الذي يحنو عليه ويبادر شهريا بدفع مصروفاته الدراسية ومقابل كسوته ومايلبي احتياجاته. يعيش محمود الذي بلغ عامه العشرين بصحبة والدته وأبيه العامل البسيط الذي عرفه منذ نعومة أظفاره حياة بسيطة في منزل متواضع بمنطقة فيصل بالجيزة ينغص الفقر عليه حياته غير أنه ينقشع كل أول شهر عند وصول المصروف من ذلك الرجل الذي لايعرف عنه سوي اسمه اللواء عبد الله كان يجده من وقت لآخر يسأل عنه في المدرسة وعما إذا كان يحتاج شيئا. ظل محمود يسأل عن هذا الرجل حتي كشفت له الأم المستور, وهو أن هذا الرجل كان زوج أمه منذ عشرين عاما هي عمر محمود, فقد تزوجته تحت ظروف المعيشة الصعبة كانت تعمل لدي أسرته خادمة, وكان لديها طفل من زوجها الأول العامل البسيط الذي سافر إلي السعودية ليبحث عن باب أوسع للرزق, كانت ليلي الخادمة علي درجة عالية من الجمال فرآها الضابط عبد الله فطلب منها أن تعمل في خدمة أسرته( زوجته وأبنائه الثلاثة), بدأ يلاحقها بنظراته ولم تستطع هي أن تمنع عينيها من أن تمحلق فيه بإعجاب, فهو الضابط الوسيم لكنها لم تتسلم لإغراءاته واغواءاته في الحرام فقط من الممكن أن تستسلم له نفسها بالحلال فأوقعته في شباكها بالزواج العرفي فأقنعته أنها طلقت زوجها الأول, إذ كانت العصمة بيدها لأنها أرسلت وثيقة الطلاق إليه علي مقر عمله بالسعودية. لم يجد الضابط أمام جمال وإغراء ليلي إلا الزواج منها عرفيا, فعاش معها سنتين انجبا خلالهما طفلا هو محمود. اعترفت ليلي للضابط أنها تزوجته علي زوجها الأول, فهي لم تطلقه كما زعمت وتحت ضغوط الضابط ونفوذه أجبرها علي نسب الطفل للزوج الأول وإلا سيزج بها في السجن لو كشفت سر زواجهما لأسرته, فهو لايريد أن ينهار بيته وتهتز صورته وهيبته أمام عائلته وزملائه في العمل. مرت سنوات والابن محمود لايعرف أبا له سوي هذا العامل البسيط, فكان الكشف عن حقيقة أبيه الثري الذي يحنو عليه بمثابة الأمل الذي جاء لينقذه من الفقر. واجه محمود أباه الحقيقي بما عرفه من أمه فانهار الأب أمام الابن ودمعت عيناه ورق قلبه وقرر إصلاح ما أفسده بجبروته وعناده قبل أن تصل قدماه اليالقبر وتأتي ساعة الحساب. اتفق الابن وأمه بموافقة الأب الحقيقي علي إقامة دعوي إثبات نسب لتغيير بيانات الابن في الأوراق الرسمية, فأقاما دعوي قضائية أمام محكمة الجيزة الكلية فقد أراد الأب أن يلقي ربه دون ذنب ليصلح ما اقترفته يداه, ليشترك ابنه الذي حرم من حنان الأب ورعايته في إرثه من زوجته الأخري. يقول مقيم الدعوي إن قانون الأحوال الشخصية وطبقا لمواد باب النسب فإن الابن ينسب لأبيه الحقيقي, فقد أكدت مستندات الدعوي أن الأم تزوجت الزيجة الأولي عام1988 وعندما سافر زوجها للخارج تزوجت الزيجة الثانية عام1990 وأنجبت الطفل وهي تجمع بين زوجين بعقد رسمي وآخر عرفي. وكان الزوج الأول في هذه الفترة في الخارج وبالتالي فإن النسب صحيح خاصة باعتراف جميع الأطراف بصحة النسب, مشيرا إلي أنها أول دعوي نسب يتفق فيها كل الأطراف, ويكون محور الدعوي شاب عمره(20 سنة). وأضاف: انه في حال حكم المحكمة بقبول الدعوي سيتم إلزام الأحوال المدنية بتغيير بيانات مقيم الدعوي بالكامل بد ءا من شهادة ميلاده حتي بطاقة الرقم القومي وشهاداته الدراسية.