هل يجوز أخذ الرأي الأسهل من كل مذهب والعمل به في كل مسألة يتعرض لها في حياته سواء أكانت في العبادات أو المعاملات أو غير ذلك ؟ أم لابد من اتباع مذهب معين وأخذ آرائه فقط دون سواه خاصة وأنه من العوام ؟ , يجيب الدكتور فتحي عثمان الفقي وكيل كلية الشريعة والقانون جامعة الازهر فيقول إنه من رحمة الله بعباده أن أرسل إليهم خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد( صلي الله عليه وسلم) بشريعة هي خاتمة الشرائع عامة وافية تكلفت ببيان ما البشر في حاجة إليه, دستورهذه الشريعة الأول هو القرآن الكريم, والثاني: السنة الصحيحة ومنها يتولد مصدران آخران وهما: إجماع المجتهدين علي حكم شرعي, والقياس الصحيح فيما لم يرد فيه نص.. وعامة المسلمين الذين لم تتوفر لهم وسائل النظر في الأدلة والاجتهاد في استنباط الأحكام هم المقلدون أو العامة وعليهم ينطبق قوله سبحانه وتعالي(... وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون.) النحل43 بناء علي هذا: فهل يجب علي العامي التمذهب بمذهب مجتهد معين والتزام جميع عزائمه ورخصه بحيث لا يجوز له الخروج عنه ؟; قال أهل العلم في هذا: إن الحق الذي ذهب إليه جمهور العلماء: أنه لا يجب عليه ذلك, بل له أن يعمل في مسألة بقول أبي حنيفة مثلا وفي مسألة أخري بقول مجتهد آخر للقطع بأن المستفتين في كل عصر من زمن الصحابة ومن بعدهم كانوا يستفتون مرة واحدا ومرة أخري غيره غير ملتزمين مفتيا واحدا. وعلي ذلك لو التزم مذهبا معينا كمذهب أبي حنفية, أو الشافعي لا يلزمه تقليده في كل مسألة, وقد اختار ذلك الآمدي وابن الحاجب والكمال والرافعي وغيرهم; لأن التزامه غير ملزم; إذا لا واجب إلا ما أوجبه الله ورسوله, ولم يوجب الله ولا رسوله علي أحد من الناس أن يتمذهب بمذهب رجل معين من الأئمة فيقلده في دينه يأخذ كل ما يأتي ويذر غيره. ونتج عن ذلك أيضا أن التلفيق: أي العمل بقول مجتهد في مسألة وبقول آخر في أخري لضرورة أو غيرها في العبادات والمعاملات جائز تخفيفا ورحمة بالأمة, وبني علي هذا جواز اتباع رخص المذاهب في المسائل المختلفة كما ذهب إليه الجمهور فيعمل بأمرين متضادين في حادثتين لا تعلق لواحدة منها بالأخري, كأن يتوضأ مراعيا شروط الوضوء علي مذهب الإمام الشافعي, ثم في وضوء آخر يراعي شروط الوضوء علي مذهب أبي حنيفة.