رغم أن دراستها كانت الهندسة المعمارية إلا أنها أدركت منذ البداية أن اتجاهها للفن التشكيلي ليس اختيارا, إنما هو طريقها الذي رسمه لها ولعها به منذ طفولتها.. لاسيما في عصر لا يعترف فيه الشباب بالحياة التقليدية, وتختفي فيه فرص النجاح القائمة علي الشهادات الجامعية وحدها; حيث لا مكان إلا لتنمية المهارات والأفكار غير المألوفة, هذه كانت المعادلة التي انطلقت منها المصممة الشابة نوارة الرملي عندما حرصت فور تخرجها علي مجموعة من الدورات المتخصصة والدراسات الحرة في كلية الفنون الجميلة, لتصبح نقطة انطلاقها الحقيقية مشاركتها في معرض لقاء الأجيال بلوحة تجسد لوجو مجموعتها الفنية التي أطلقتها في مايو الماضي. وهي أعمال من الحلي والملابس المطعمة بالصدف والقواقع البحرية, بأفكار مستوحاة من البحر وعروسه وأساطيره وغموضه, تماشيا مع حبها للطبيعة, والتماهي مع البيئة, وحول ذلك تقول للواحة: أعشق الفن, وأراه وسيلة للتعبير عن رؤيتي و مشاعري وأفكاري, وفي الوقت نفسه يأسرني البحر بأسراره وعطاياه, لاسيما أنه كانت لي أروع الذكريات معه في طفولتي, حين كان يصحبني والدي في رحلات صيد تستمر لعدة أيام, فنعيش وسط البحر, وأتذكر إحدي الرحلات بالبحر الأحمر, عندما أخذت أتأمل زرقة السماء والمياه, وطيور النورس, وغروب الشمس, وشروقها والأسماك, والشعب المرجانية, فأصبح بداخلي يقين أن ثمة شيء ما سيربطني بالبحر وأنه لن يغادرني يوما, إلي أن وجدت نفسي استلهمه وأستخدم بعض عطاياه في أعمال فنية, يمكن استخدامها في الحياة اليومية مثل الإكسسوارات الشخصية والمنزلية, والملابس سواء كعناصر تتم إضافتها إليها لتزيينها أو كأزرار أو كحزام علي سبيل المثال. لم يكن اهتمام نوارة بالمزج بين البحر والفن في أعمالها هو مجرد حبها لهما فقط, إنما كان هناك أيضا إحساس بالمسئولية تجاه مجتمعها, وفكرة تؤمن بها علي حد تعبيرها, وتتمني تحقيقها علي أرض الواقع, وهو ما تشرحه, قائلة: أردت أيضا تقديم الطبيعة بنقاوتها وحقيقتها, وخاماتها الأصلية في محاولة للعودة إلي الاهتمام بكل ما هو طبيعي, وصديق للبيئة, بالإضافة إلي لفت الانتباه إلي البيئة, وضرورة المحافظة عليها لما تحويه من كنوز يمكن تحويلها إلي فنون نتنفسها في حياتنا, ولذلك في المبادرة الفنية التي تحمل اسم حورية البحر نعتمد بشكل رئيسي علي المواد الطبيعية التي تتكون من الصدف والفضة الأحجار, بجانب رفض استخدام أي مادة ليست صديقة للبيئة مثل البلاستيك. لا يعد الاستعانة بالصدف والأحجار جديدا بطبيعة الحال علي عالم الفن والتصميم, فهي فكرة معروفة بمصر والخارج منذ سنوات طويلة, لكن ما يعد مختلفا في أعمال نوارة الرملي بجانب تصاميمها الشبابية المبتكرة وألوانها المبهجة هو ارتباط هذه الأعمال بفكرتين الأولي تتعلق بالبيئة; حيث تصاحب هذه المنتجات اليدوية التي نقدمها مبادرة لرفع الوعي, عبر التعاون مع العديد من المؤسسات التي تهتم بالقضايا البيئية, مثل عدم الإفراط في استخدام المنتجات البلاستيكية, وكيف أنها تدمر الحياة البحرية ومخلوقاتها. والأخري ذات بعد اجتماعي, ويتجسد في تسليط الأضواء علي الحرفيين ومحاولة تغير نظرة المجتمع تجاههم.