مشاهد فلكلورية تجمع العروسين في جلسات تصوير أجمل لحظات العمر, لا تجسد مجرد نوستالجيا أو حنين للزمن الجميل, لكنهاعودة واعية للجذور تقوم بها الفنانة هاجر جمال التونسي التي قررت أن توظف موهبتها في التصوير الفوتوغرافي لربط الشباب بالثقافة والبيئة المصرية الأصيلة, من خلال تنفيذ أفكار ذات طابع تراثي ومحلي عند تصوير العروسين, ومنها تصويرهما في أجواء نوبية أو ريفية أو بدوية وقد تأخذهم إلي التصوير داخل ورشة ميكانيكا أو نجارة في دعوة إلي ترك الوظيفة الميري والاعتزاز بالحرف والعمل الحر, مثلما فعلت هي واختارت التصوير مهنة نجحت أن تضيف إليها الكثير عبر أفكارها غير التقليدية. وحول بداياتها تقول: كنت شغوفة منذ طفولتي بالتصوير الفوتوغرافي, ولم أترك رحلة بالمدرسة إلا وقمت أثناءها بتصوير المناظر الطبيعية والسياحية, ويعد التحاقي بقسم إنثروبولوجي بكلية الآداب عاملا أساسيا لاستمراري بالتصوير, ولفتح آفاق واسعة أمامي للاستلهام, ذلك أن الأنثروبولوجيا, هو أكثر الدراسات شمولا في تناولها للإنسان; حيث تقدم فهما متكاملا لحياته ونتاجه الثقافي والحضاري في الماضي والحاضر. ومن هنا كان اهتمامي بروح الإنسان وكيانه, وربطه بحضارته وفلكلوره, فقد جمعت ما بين فن التصوير والإنسان. وأثناء دراستي الجامعية حصلت علي مجموعة كورسات متخصصة في التصوير بتشجيع من أبي وأمي, وبينما كنت أعد لمعرضي الأول قامت ثورة يناير, فكنت أخرج يوميا للتصوير, وبعد الثورة شاركت في عدة معارض عنها, ووجهت لي الدعوة للمشاركة بأعمالي في معرض باليونان ثم في ألمانيا. وقمت بتصوير دفعتي في يوم التخرج, وبدأ الزملاء في الكليات الأخري يطلبون مني تصويرهم في حفلات التخرج, وانتشر اسمي في الجامعة, وشعرت في هذه اللحظة كم أنه من الممتع أن يكون لأي شاب أوفتاة موهبة ينميها بالاهتمام والدراسة. ومثلما كانت أسرتي تشجعني علي التصوير, فإن زوجي أيضا يفعل ذلك الآن, والطريف أن التصوير كان سبب تعارفنا وزواجنا حيث التقينا في إحدي الرحلات, وأعجب كثيرا بالصور التي التقطتها للأماكن الأثرية في مصر القديمة, ومن الطريف أيضا أنه أثناء سفرنا للخارج في شهر العسل, لم أتوقف عن التصوير! وراقت لي فكرة عمل سيشن أو جلسات تصوير للمقبلين علي الزواج, علي أن تكون غير تقليدية, انطلاقا من أنها لحظات متفردة في حياة الإنسان, فلماذا لا تكون هي أيضا مختلفة ومعبرة عن معني جميل؟, وهذا المعني هو التماهي مع الجذور والفلكلور المصري, لكن الأمر لم يكن سهلا, فكثير من العرسان لم يرحبوا بالفكرة, واعتبروها مجنونة, فما كان مني إلا أن أعلنت عن مسابقة علي صفحتي الخاصة وذكرت أن الفائزين سيتم تصويرهم بشكل فلكلوري, وكان هدفي من ذلك أن أشجع الآخرين علي خوض التجربة وبالفعل تم ما خططت له, ونجحت الفكرة, حتي أصبح الكثير من الشباب مقبلا علي تنفيذ أفكاري. وبالطبع قبل عمل جلسات التصوير أقوم بالقراءة جيدا عن فكرة التصوير من حيث الملابس والمكان والإكسسوارات وأجواء التصوير, بل الأكثر من ذلك أنني قد أشاهد أفلاما تسجيلية أو أفلاما قديمة حتي أستغرق في الحياة التي أعبر عنها. ودائما وراء كل فكرة فكر فالأمر لا يتم مصادفة, إنما يرتبط باتجاهات العروسين وملامحهما, وطبيعة شخصيتهما, إذ دائما ما يكون هناك توافق بين العروسين و الفكرة, ومن ذلك, تصوير العروسين كبدو في إحدي الواحات, والصياد وبنت بحري, وسط المراكب والصيادين الذين يملأون المكان دفئا بروحهم الطيبة وحنانهم. وهناك أيضا سيشن تصوير ورشة الميكانيكيا وهي نبعت من عمل والدي كمهندس بحري, فاستعنت باوفرات كانت لديه في تصميم أوفرات للعروسين, واستأذنت صاحب إحدي الورش للتصوير عنده, وكعادة أهل مصر الطيبين يتعامل الجميع مع العرسان كأبناء لهم. وهناك أيضا التصوير في بيت قديم تجسيدا لحياة الأجداد; حيث القلة والطبلية والتليفون القديم, وهناك أيضا العروسان في النوبة حيث البيوت بألوانها وزخارفها التراثية. تضيف هاجر: لا أعتبر جلسات التصوير مجرد حنين للماضي لكنه تواصل مع الجذور واعتزاز بها, وهي رسالة للأبناء فيما بعد بأن الأبوين يفتخران بأصولهما.