ظاهرة فريدة عرفتها السينما المصرية, اشترك فيها عماد حمدي وشكري سرحان, وهي ظاهرة الممثل الذي يحبه جميع المخرجين, ويطلبونه في جميع الأدوار, بينما لا يعتبره الجمهور أكثر من مادة للسخرية, تعبيرا عن عدم اقتناعه بهم نجوما. ولكي يتضح ما نقوله فإن أول أفلام عماد حمدي كان فيلم السوق السوداء(1945, إخراج كامل التلمساني) بعد ظهور عابر في فيلم عايدة(1942, إخراج أحمد بدرخان), وبينما كان التلمساني مؤمنا بأنه أخيرا اكتشف فتي الشاشة الأول فإن الجمهور حطم مقاعد السينما احتجاجا علي الفيلم. أصر التلمساني وأصر محمد عماد الدين عبدالحميد حمدي علي استمرار المشوار, حتي جاء النجاح, وأصبح حمدي مطلبا لجميع المخرجين وهو ما يفسره الناقد كمال رمزي بأن التلمساني يبحث عن بطل من نوع جديد, بطل قادم من احراش الحياة وليس قادما من السماء بطل يتميز بوضوح الشخصية قوة روحه, وتطابق ملامحه مع ملامح الملايين من الرجال العاديين. كان عماد حمدي إذن عاديا, وكلما ازداد عادية زاد عليه الطلب, وهكذا قدم حمدي أدوارا خالدة, ربما كان يتعامل هو معها باعتبارها أدوارا تشبه بعضها, لكنها كانت فارقة, ومن ذلك دور أحمد إبراهيم القاطن بدير النحاس في فيلم حياة أو موت(1954, إخراج كمال الشيخ) ودوره في فيلم المرأة المجهولة, الشهير ب سيد الحبايب, الذي كان أبرز الأفلام التي استخدم فيها تعبيره الأشهر: يا نينا. ولأنهم يقولون إن كثرة الحزن يعلم البكاء فإن ممارسة حمدي لفن التمثيل طويلا وكثيرا جعله يقدم أدوارا ناضجة في مرحلة لاحقة فقدم دور الموظف في أم العروسة(1963, إخراج عاطف سالم) وميرامار(1969. كمال الشيخ) وثرثرة فوق النيل(1971, حسين كمال), وآخر أدواره, وربما أعظمها دور سلطان في فيلم سواق الأتوبيس( أول عرض له في مثل هذا اليوم من عام1982, وهو من إخراج عاطف الطيب), ويمكن القول بأن هذا الدور كان بداية مرحلة للأسف لم تكتمل ومن المعروف أن الدور الذي مثله الفنان عبدالبديع العربي في فيلم العار( الحاج عبدالتواب) كان في الأصل دور عماد حمدي الذي صور بعض المشاهد, ولم يمهله القدر لإكمال هذه المرحلة ولا حتي الفيلم. تزوج عماد حمدي أربع مرات, وليس ثلاثا كما هو شائع, فقد كان أول زواج له حورية محمد, ثم شريفة المونولوجست بفرقة بديعة, وشادية وأخيرا نادية الجندي التي كان حظه معها عاثرا للغاية. عرف عماد حمدي الفقد كثيرا في حياته, ففقد اخته التي راحت مبكرا بمرض السل, وفقد توأمه عبدالرحمن الذي كان يشبهه بشكل مذهل, ورغم تقدمهما في العمر فإنهما ظلا شبيهين حتي إنك لا تفرق بينهما, وفي أخريات أيامه اعتكف, وأطال شعره, وزهد في الحياة حتي توفي في شهر يناير عام1984 وربنا يرحم الجميع.