مهما طال الحديث أو قصر عن أبعاد وركائز وحلول القضية الفلسطينية, أكثر المشكلات تعقيدا في العالم, ستبقي مشكلة المنطق الديني هي الحلقة المفقودة في سلسلة الأحداث... التي تجري كل يوم منذ أن ولدت هذه الأزمة في عام.1948 فبينما تتواصل عمليات الشد والجذب بين كلا الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي يوميا بشأن التوصل لحل يرضي جميع الأطراف لتحقيق السلام, إضافة الي عمليات وساطة لا حصر لها من قبل أطراف دولية عديدة والتي غالبا ما تنتهي بتعنت إسرائيلي أو تحفظ فلسطيني لتعود الأمور لنقطة الصفر حتي تبدأ جلسة جديدة.. وهكذا. من هذا المنطلق في سمات المناورة, أطلق الكاتب الأمريكي توماس فريدمان علي طرفي الصراع الليمون, ولم يذكر سبب التشبيه. لكن ربما يكون ذلك انه لكي تحصل علي عصير الليمون فلابد من تقسيم الليمونة إلي قطعتين. واستشعر في أحدث مقالاته بصحيفة نيويورك تايمز أن هناك حلا موجودا يجب البدء فيه علي الفور. يقول الكاتب في إحدي الفقرات أن الأممالمتحدة مررت قرارا للجمعية العامة برقم181 في29 نوفمبر من عام1947 يقسم فلسطين إلي وطنين لشعبين, وكانت حيثيات القرار تدلل علي أن الدولتين فلسطينية ويهودية مستقلتان. وتساءل الكاتب, لماذا لا ننشط هذا القرار الذي ينادي به كلا الطرفين الآن؟ وحين خطب رئيس وزراء إسرائيل, بنيامين نتانياهو في الكونجرس قبل فترة قصيرة, قوبل بتصفيق حار ومتكرر لا يلقي مثله أبدا في أي خطب له في الكنيست نفسه, مع أنه كان يعارض سياسة الرئيس أوباما نفسه في مبادرته التي دعا فيها الي تحقيق حل الدولتين علي أساس حدود1967 مع تبادل متفق عليه للأراضي. وبعد ان اتخذ الكونجرس قرارا بقطع اية مساعدات مالية الي السلطة الوطنية اذا توجهت الي الأممالمتحدة لطلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية, فلابد ان هذه المواقف تعبر عن رأي نتانياهو وحكومته وليس عن مواقف الادارة الأمريكية نفسها. مواقف الكونجرس المؤسفة تسييء أولا وقبل كل شيء الي المصالح الامريكية في الشرق الاوسط بسبب انحيازها الدائم والأعمي للمواقف المتطرفة الاسرائيلية, وتتناقض مع المواقف الامريكية الرسمية المعلنة. واستمرار الصراع علي السلطة والانقسام الداخلي بين الضفة الغربية وقطاع غزة خلق مجالا جديدا لاسرائيل والولايات المتحدة بالتلاعب مفتوح المدي لكسب الوقت وموت القضية الفلسطينية اكلينيكيا ليكون الامر حينئذ امام العالم أن الصراع السياسي في القضية الفلسطينية يكمن اساسا في الاختلاف بين فتح وحماس وبقية الفصائل الاخري وعدم الانسجام فيما بينهم, وليست اسرائيل طرفا خالصا في هذه الصراعات. لذلك عندما جاءت لحظة التوقيع علي ورقة المصالحة المصرية, تغيرت الحسابات لدي اسرائيل ووجدت نفسها أمام خيار دولي وجرأة فلسطينية للذهاب الي الاممالمتحدة للحصول علي مطلبهم الشرعي الذي كفله القانون الدولي. من هنا تأتي أهمية التضافر العربي في هذه اللحظات الحرجة لانه ربما تكون هذه هي المرة الوحيدة التي قد يمكننا الحصول فيها علي فرصة اعلان الدولة الفلسطينية وسط الاجماع الدولي الحالي.