كان طموح عنتر كبيرا فمنذ نعومة أظافره, يحلم أن يدخل منتدي الأثرياء حتي لو من مال حرام, فآثر أن يتخذ طريقه في الحياة منفردا هاربا من ملاحقات أهله لتحقيق هدفه. كان أهله يحاولون تقويمه, فقد كثرت مضايقات أقرانه من أولاد الجيران إذ كان يتخيل أنه عنتر حقيقي ومع كل مصيبة يرتكبها كان يفر هاربا خوفا من بطش أبيه الذي فاض به الكيل وطفح ليعلن بعدها براءته من دم الابن العاق الذي فاقت تصرفاته المجنونة كل الحدود والأعراف والتقاليد الأصيلة. لم يحظ عنتر ابن أسوان بقدر من التعليم بعد أن هجر دراسته مبكرا ليتفرغ للشر, ولم يكن أمامه وقتها سوي رفقاء السوء في هذا الزمن, لكي يدلوه علي الطريق الحرام الذي يربحون من خلاله مئات الجنيهات يوميا مقابل بيع البانجو. كان عنتر الذي كبر وأصبح شابا يافعا يستجيب إلي نداء الشيطان لعله يحقق طموحه وأماله في الحياة, فواصل نزواته ومغامراته التي تتناسب مع سنه ومرحلة المراهقة التي كان يمر بها, حيث عمل في توصيل الطلبات إلي المدمنين وأصحاب المزاج ونال شهرة جعلته في قمة نشاطه بعد ثورة يناير التي كانت المخدرات بكافة أصنافها تباع علنا في شوارع المحافظة. مع تضييق الخناق الأمني وعودة الاستقرار والنظام من جديد ارتفع سعر البانجو بشكل غير مسبوق وأصبح عزيز المنال ما دفع عنتر لكي يخلع من عمله كدليفري محاولا الاتجار بمفرده في تجارة السموم البيضاء والسوداء. حصل عنتر علي كمية صغيرة من البانجو لها ثمنها فربح من ورائها مئات الجنيهات التي سال لها لعابه فأخذ ينوع من تجارته مابين أقراص وبانجو حتي ذاع صيته بين المدمنين لتلقطه عيون رجال المباحث السرية الذين قاموا بضبطه واتهامه في قضية خرج منها علي ذمة التحقيقات. لم تكن تلك القضية رادعة لعنتر واستمر في طريقه متحديا الجميع, حتي رصده رجال المباحث مجددا في إحدي الحملات التي قادها العميد أسامة حلمي مدير المباحث الجنائية وهو يحاول ترويج نصف كيلو بانجو بين عملائه ليسقط متلبسا في انتظار مصيره المحتوم.