كانت جلسات أسامة وعمرو الدائمة علي المقاهي بمدينة كوم أمبو في أسوان لا تكاد تخلو من الحديث عن الآثار والذهب والفراعين ومغامرات فلان وعلان اللذين وجدا لقية أو تماثيل حولت مجري حياتهما من النقيض إلي النقيض فالمدينة الشهيرة بمعبدها البطلمي الذي خصص لعبادة الإلهين سوبيك وحورس تغري كل طامع في غنيمة ما بالسعي إلي التنقيب عن الآثار, ومع كل جلسة كان كل من الشابين يحلم بأحلام الشباب ويعيش في سيناريو وضعه لنفسه عنوانه الثراء السريع لعل يوم قد يأتي عليه وينال مراده ويتحقق حلمه ويصبح واحدا من أغني أغنياء بلده. مرت الأيام وبعد أن اختمرت الفكرة في رأسيهما وبدأ الشيطان يلعب بهما كيفما يشاء ضاربا لهما الأمثال بأصدقائهما الذين يمتلكون مئات الألوف من الجنيهات وبعد أن أنهي إبليس مهمته الشيطانية بنجاح لم يكن أمام عمرو وأسامة إلا أن يتحريا من بعض أصدقائهما عن حقيقة مظاهر الثراء التي بدت علي البعض, وهنا في أسوان من النادر ألا يشك الناس في ثراء شخص ما فجأة, حتي ولو كان ثراؤه هذا من إرث أو من مال حلال, فالمعتاد بين الشباب عندما يجدون شابا قد اغتني فجأة أن يتهمونه إما بتجارة الآثار أو المخدرات. وبعد تحريات أسامة وعمرو عادا كلاهما إلي حيث أتي وكل تفكيرهما هو الاستعانة بخبراء الحفر والمشايخ الذين يخدعون الغلابة عن طريق إيهامهم بأن هناك كنزا مدفونا تحت الأرض, وبالإشارة فقط إلي المكان المراد وباستخدام نوع معين من البخور وكتب قديمة لزوم الخداع تنتهي مهمتهم, وقبل أن يبدأ الحفر يفلت هذا الشيخ المزعوم بآلاف الجنيهات تاركا الفريسة الطامعة تقع في قبضة الأمن. وخلال أيام كان كل من أسامة وعمرو أنهيا مهمتيهما في المرحلة الأولي, وبدأ كلاهما في أعمال الحفر في مسكنيهما وسيناريو الغني الفاحش والثراء السريع يمر أمامهما مما دفعهما للاستعانة بأصدقاء آخرين للتغلب علي عامل الوقت قبل أن ينكشف سرهما, وفي الوقت نفسه الذي كانت أحلام عمرو وأسامة تتسع وتكبر, كانت هناك عيون أخري ساهرة تراقبهما وتترصد شروعهما في الحفر تحينا للفرصة المناسبة للقبض عليهما. وأمام اللواء فتح الله حسني مدير أمن أسوان كانت المعلومات والتحريات جاهزة حيث وجه العميد أسامة حلمي مدير إدارة البحث الجنائي بسرعة ضبط المتهمين والأدوات المستخدمة في أعمال الحفر وعقب تقنين الإجراءات استهدفت مأمورية مشتركة ضمت ضباط مباحث مركز شرطة كوم أمبو وإدارة شرطة السياحة والآثار بأسوان مسكن أسامة وتم العثور علي حفرة قطرها1.5*1.5 متر بعمق25 مترا وبعض أدوات الحفر المستخدمة في أعمال التنقيب, كما استهدفت المأمورية أيضا مسكن عمرو أ.28 عاما حيث عثرت المأمورية علي حفرة قطرها2*1.5 متر بعمق مترين وبعض أدوات الحفر وفي ديوان المركز وقبل العرض علي النيابة العامة اعترفا بارتكابهما الواقعتين.