تعاني مصر من أزمة نقص مياه بشكل عام مما جعلها تتبني سياسات ترشيدية للحد من هذا العجز ومنها تحديد مساحات الأراضي المخصصة للمحاصيل الشرهة للاستهلاك مثل الأرز وفرض غرامات علي المخالفين, خاصة أن احتياجات مصر تبلغ114 مليار متر مكعب من المياه, والمتاح حاليا لا يتجاوز60 مليار متر مكعب, منها55.5 مليار من مياه الأمطار والمياه الجوفية, مما يعني أن حجم العجز الكلي يصل إلي80 مليار متر مكعب, في ظل الزيادة السكانية الكبيرة. ومشكلة نقص مياه الري في نهايات الترع, تتكرر سنويا في فصل الصيف بشكل يهدد بتبوير مساحات شاسعة من الأراضي, حتي أصبحت من المشاكل المزمنة والمتكررة والتي دفعت بعض المزارعين للجوء إلي مياه الصرف الصحي وهي أزمة أحدثت ضجيجا تحت قبة البرلمان عبر النواب بعدما تجاهلت الوزارة استغاثات المزارعين بعدد من قري ومحافظات المنوفية والفيوم والشرقية وكفر الشيخ وقنا وأسيوط. وبالرغم من قيام وزارة الري بإعلانها بصفة دورية بأنها تقوم بعمليات تطهير للترع والمصارف الرئيسة وتطبيق منظومة المناوبة الثلاثة في إطار الحفاظ علي مياه الري وضمان وصولها لجميع القري بالمحافظات لري الأراضي الزراعية, والعمل علي رفع مناسيب مياه الري لنهايات الترع التي اشتكي منها المزارعون, إلا أن ذلك لم يقض علي الأزمة التي تستفحل يوما بعد يوم. وتسعي الوزارة حاليا لتطبيق الإستراتيجية القومية للمياه, التي تتكون من4 محاور, أولها إعادة الاستخدام لتكون المياه ذات جودة عالية عبر معالجة الصرف الصحي والزراعي والصناعي, والمحور الثاني هو الترشيد من خلال تخفيض تنمية الموارد المائية مثل تحلية مياه البحر, والمحور الثالث وهو إجراء البحوث والتطوير لتعظيم الاستفادة من كل نقطة مياه, والرابع هو التعاون مع دول منابع النيل رغم المشاكل لتهيئة البيئة المناسبة من خلال التشريعات والنظم. ويبقي نقص مياه الري للأراضي الزراعية مشكلة تهدد مستقبل الزراعة مما جعل الوزارة تلجأ إلي التوسع في دق الآبار الجوفية وصرف ملايين الجنيهات علي عمليات تطهير الترع من المخلفات وأعمال الردم لضمان وصول المياه إلي الزمامات الزراعية. ويجب علي الري أن تتوسع في تطبيق المنظومة الحديثة ومساعدة المزارعين علي تحمل التكلفة وبالإضافة إلي التشديد علي منع الزراعات الشرهة للمياه مثل الأرز مع إلزام المزارعين بالكميات المحددة لزراعته وسرعة تحصيل الغرامات التي تتوعد بها الوزارة كل سنة المخالفين دون تحصيلها, الأمر الذي أدي إلي تمادي البعض في زراعة آلاف الأفدنة بالمخالفة للتعليمات الوزارية مما فاقم من أزمة المياه للزراعة وجعل الكل يشتكي ويذهب إلي أن عجز المياه وراءه سد النهضة مما جعل الحكومة تفكر في اتخاذ إجراءات ترشيدية للتعامل مع سنوات ملء الخزان بما لا يسبب أضرارا كبيرة علي مصر في الفترة المقبلة.