تميز أصواتهم نبرة اعتزاز وزهو ممزوج بالغضب المكبوت واللوم في آن.. يفتخر أبناء هذه المهنة بصداقتهم للأقدار وتندرون فيما بينهم أن البحر لايبوح بأسراره إلا لمن يمتطيه حبا وبحثا عن الأرزاق بعرقه وصدقه وإصراره.. إنهم فئة الصيادين في عروس البحر الأبيض المتوسط.. الأهرام المسائي شاركهم أحزانهم واستمع إلي مطالبهم.. ويشهد مجتمع الصيادين في الإسكندرية منذ صدور قرار منع تراخيص مراكب الصيد عام2004 وما ترتب عليه من عجز الآلاف من الصيادين عن النزول السرح في البحر حسب الأهالي- أما الأخطر من ذلك فإن صدور هذا القرار خلق ما يسمي ببورصة أسعار تراخيص المراكب والتي يتم من خلالها بيع الرخص السارية لمن يريد البيع ومن يرغب في الشراء ومع مرور السنين ومع طول سنوات منع التراخيص علي مدي(14) عاما قفزت تسعيرة الرخص إلي أرقام فلكية ووصلت إلي نحو نصف مليون جنيه. الغريب في الأمر حسب حديث الأهالي أيضا- أن عملية البيع والشراء قبل عامين كانت تلقي إقبالا ورواجا بين مجتمع الصيادين عندما تفشت بشكل مرعب ظاهرة الهجرة غير الشرعية والتي دفعت بالكثير من أصحاب رءوس الأموال لشراء المراكب المرخصة دون مناقشة من أجل إتمام رحلات الموت لأن العائد سيكون بالطبع أضعاف قيمة الرخصة في بورصة أسعار الرخص. بورصة للرخص ويقول حسن عبد المطلب وشهرته حسن طلبة شيخ صيادين الإسكندرية والمكس منذ سنوات كانت قوة مكتب الإسكندرية(900) رخصة مركب والآن تضاءلت حتي أصبحت(300) رخصة فقط.. ولهذا الأمر أسباب كثيرة منها الرخص التي سقطت نتيجة عدم تجديدها لمدة ثلاث سنوات لعدم وعي الصياد بضرورة تجديد الرخصة سنويا وإلا ستلغي أو تسقط تلقائيا بعد ثلاث سنوات طبقا للقانون.. وأضاف أن هناك سببا آخر غاية في الأهمية وهو قيام عدد كبير من الصيادين ببيع المركب برخصته السارية وهو أمر شائع نتيجة القرار الصادر منذ14 عاما بمنع إصدار تراخيص مراكب الصيد بدعوي الحفاظ علي المخزون السمكي بالبحر مما ترتب عليه أن مجتمع الصيادين يشهد عمليات بيع وشراء المراكب المرخصة بأسعار خيالية وفق كل حرفة فمثلا وصلت قيمة رخصة حرفة الصيد بالسنار إلي نحو290 ألف جنيه.. أما رخصة حرفة الكنار من(180-190) ألف جنيه وهناك الأعلي سعرا وهي رخصة حرفة الصيد بالشانشيلا والتي يصل إلي نحو نصف مليون جنيه.. ولا تزال عملية العرض والطلب مستمرة إلي الآن نتيجة قرار إيقاف منح تراخيص لمراكب الصيد. سن الستين وعن المشكلات التي يواجهها الصياد في البحر يقول شيخ الصيادين: أحب أن أؤكد أن الصيادين تحديدا فئة مختلفة عن فئات المجتمع فئة لا تجيد إلا التعامل مع البحر في كل حالاته.. في حالة هدوئه وغضبه لذلك فإن سنوات العمر تضيع بين أمواج البحر.. فنحن لا نعرف مصدرا للرزق سواه لذلك دائما ما تكون رحلات بحثنا عن الرزق ممزوجة بنكهة الخوف من الهلاك الذي نواجهه طوال حياتنا ولهذا فإن الصياد يعاني معاناة شديدة نتيجة القانون108 والذي ينص علي أن سن المعاش لصاحب العمل عند بلوغه سن الخامسة والستين وهو قانون يطبق علي الصيادين وأصحاب المراكب ويعد ظلما للصياد الذي يعمل في ظل ظروف مناخية قاسية للغاية والتي تؤثر بالطبع علي صحته وقدرته علي العمل قبل بلوغه سن الستين والكثير منا أصبح غير قادر تماما علي العمل عندما بلغ الخمسين فأصبح بلا عمل وبلا مصدر رزق وبالتالي غير قادر علي الوفاء بالتزاماته الأسرية كرب أسرة مسئول عن زوجة وأولاد والكثير منا لا يجد قوت يومه.. لذلك كان مطالبنا بتخفيض سن المعاش للصياد إلي الستين فقط حتي يتسني له أن يحيا حياة كريمة عندما يبلغ الكبر. التأمين الصحي وأشار إلي أن هناك مشكلة أخري يعانيها الصيادون وتتعلق بصحتهم التي يهددها البحر طيلة حياتهم فالعمالة غير المنتظمة في مهنة الصيد تخضع لقانون122 وهو الخاص بالتأمينات الاجتماعية فقط وبالتالي لا تتمتع بمظلة التأمين الصحي فمن يمرض منهم يتكفل بالعلاج الباهظ الثمن ويعد هذا الأمر عبئا ماديا علي الصياد وفي أحيانا كثيرة يعجز عن توفير العلاج لنفسه ولأسرته. وقال إن الصيادين السريحة لا يخضعون أيضا للتأمين الصحي في ظل ظروف قد تمنعهم من النزول للبحر للصيد مثل أوقات النوات وأحيانا بخل البحر عليهم فتكون حصيلة الصيد غير كافية لقوت اليوم الواحد.. موضحا أن المقصود ببخل البحر أن السمك واع; حيث يشعر بأحوال الطقس واع بأوقات النوات فيكون كامنا ويختفي تماما وهنا نقول: إن السمك مش سارح وبالتالي تكون حصيلة السرحة بالبحر غير مجزية.. وبعد انتهاء النوة يصبح السمك بشطاش أي ظاهر ووفير. تهديد القراض وبسؤال عادل عبد المعطي, رئيس جمعية صيادي الإسكندرية عن مشكلات الصيادين داخل مياه البحر أجاب بقوله: من أهم هذه المشكلات تغير الساحل في الإسكندرية بسبب التلوث الذي لحق بمياهه نتيجة قيام بعض الشركات منذ سنوات بصب مخلفاتها في البحر مما ترتب عليه أننا نعيش آثار التلوث حتي يومنا هذا بالإضافة إلي الإضرار بالأسماك والزريعة.. كما تعد سمكة القراض أو ما يطلق عليه سمكة الأرنب فهي مشكلة خطيرة يواجهها الصياد داخل البحر فهي متكاثرة بشكل غير عادي نتيجة عدم صيدها وشرسة للغاية تقضي علي الأسماك بل لديها قدرة علي التهام الشباك والحبال إلي جانب أنها سمكة سامة ولكن في الوقت نفسه يمكن أن تكون موردا اقتصاديا للدولة في حالة قيام أي جهة مسئولة بتصنيعها بعد صيدها ويمكن طرحها للبيع في السوق المحلية أو تصديرها. ويضيف هناك العديد من الصيادين الذين سقطت رخص المراكب الخاصة بهم نتيجة عدم قيامهم بتجديدها.. هؤلاء الصيادين يواجهون مشكلات حياتية كثيرة وغير قادرين علي مواصلة الحياة بلا عمل لذلك نطالب الهيئة العامة للثروة السمكية بالنظر في المقدم منهم والسماح لهم بإعادة تجديد الرخص مرة أخري حتي تتسني لهم مزاولة العمل وتوفير مستلزمات أسرهم خاصة أن لديهم أبناء في مراحل التعليم المختلفة. المخزون السمكي توجهنا إلي المهندس أحمد حلمي وكيل وزارة الثروة السمكية بالإسكندرية وبسؤاله عن قرار وقف تراخيص المراكب أجاب بقوله: يوجد نحو680 مركب صيد تعمل داخل مياه البحر بالإسكندرية ويعد عددا كبيرا لصيد الأسماك.. ولأن السواحل بصفة عامة تعاني فقرا في المخزون السمكي كان قرار منع تراخيص جديدة لمراكب الصيد بسبب جهد البحر والحفاظ علي الثروة السمكية وعدم استنزاف البحر ومنح فرصة للحفاظ علي الزريعة والمخزون السمكي.