بعد أشهر قليلة من احتشاد الآلاف في شوارع تركيا للمشاركة في مسيرة العدالة التي ضمت كل أطياف الشعب فضلا عن الأحزاب السياسية ذات التوجهات المختلفة للتنديد بسياسات الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الذي يمارس كل أشكال القمع والاعتقالات التعسفية بحق المدنيين الابرياء. يبدو أن الاوضاع لم تهدأ بعد الكشف عن تحركات جديدة للمعارضة التركية, لإسقاط اردوغان, وبدأ الحراك السياسي الحزبي المبكر, والذي يصب في سياق الاستعداد للحزمة الانتخابية الحاسمة العام المقبل, حيث الانتخابات المحلية في الربيع ثم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في خريف العام نفسه, استعدادا لمنافسة أردوغان. وبينما أكد رئيس الوزراء التركي الأسبق, عبد اللطيف شنر,وأحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية الحاكم, في تصريحات لصحيفة سوزجي التركية أمس, أنه إذا لم تقع المعارضة في خطأ فادح خلال الفترة القادمة, فإن أردوغان سيخسر الانتخابات الرئاسية التي ستجري في نوفمبر.2019 وخلال مشاركته في برنامج سياسي علي قناة هالق تي في التركية اكد شنر الذي كان نائب عبد الله جول حين رئاسته لمجلس الوزراء في عام2002, أن تحالف الانتخابات بين العدالة والتنمية والحركة القومية سيفشل. وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وصف بالأمس تحالفه مع حزب الحركة القومية بتحالف الجمهور. وبحسب القوانين التركية لا يمكن للأحزاب أن تحقق تحالفا انتخابيا بصورة رسمية, غير أنه من المنتظر أن يناقش البرلمان التعديل المتعلق بهذا الأمر خلال الأيام المقبلة. وأوضح شنر أن سعي أردوغان لتحقيق تحالف سياسي بالقانون بعدما ظل لسنوات يلقي خطابات معادية للتحالفات والائتلافات يعكس خوف أردوغان قائلا: الجبناء يموتون عدة مرات قبل وفاتهم. وأشارت صحيفة سوزجي التركية, إلي أن رئيس الأركان الأسبق, الجنرال المتقاعد إيلكار باشبوج, عقد لقاءات مع رؤساء العشائر والشخصيات السياسية المهمة في مدينة كهرمان مراش لغرض العمل علي توحيد صفوف أحزاب الشعب الجمهوري وسعادات والصحيح وهناك احتمالات قوية لانضمام حزب الوحدة الكبري إلي الاتفاق الذي أطلق عليه اسم اتفاق الجمهور, لتشكيل اتفاق مناهض للاتفاق الذي تم تشكيله بين حزبي العدالة والتنمية الحاكم والحركة القومية.. وبينما يسعي أردوغان لإقناع حزب السعادة لتأمين نجاحه في الانتخابات الرئاسية التي تحتاج إلي نسبة50% وفقا للتعديلات الدستورية الأخيرة التي تم إقرارها في استفتاء16 أبريل.2016 ومع تحركات المعارضة التركية, ثمة توقعات تشير إلي أن الرئيس السابق عبد الله جول, يفكر جديا في الترشح للانتخابات الرئاسية, وأن تصريحه الأخير الذي جاهر فيه علانية بمعارضته للحكومة, هو تمهيد للعودة إلي الساحة السياسية والإعلامية, وبناء اصطفاف سياسي وشعبي حوله, متشجعا من نتيجة الاستفتاء الدستوري الأخير; الذي أظهرت ما يشبه التكافؤ بين مؤيدي الرئيس أردوغان ومعارضيه. ويبدو أن جول أصبح متشجع كذلك من الجو السياسي العام في البلد, وخلو الساحة من منافس جدي للرئيس أردوغان خارج معسكره السياسي والفكري, مع جمود حزب الشعب الجمهوري المعارض وتقوقعه داخل نسبة ال25 في المئة, وعجز اليسار فكريا وثقافيا وسياسيا عن ملاحقة المتغيرات والتحولات في البلد وخارجه, وصعوبة تأقلمه مع المزاج الشعبي العام في البلدن مما يجعله في وضع لا يسمح له بناء جبهة سياسية عريضة في مواجهة أردوغان.