كان الفنانان الشهيدان زياد وأحمد أحسب أنهما لم يلتقيا وحتي انا لم أتشرف بمعرفتهما قبل استشهادهما يعرفان دورهما كفنانين تشكيليين. فالفنان يجب أن يكون مناضلا لأنه أعلم من غيره بحكم ثقافته وبصيرته التي يكتسبها من قدرته التصويرية علي قراءة الواقع. ان حق المصري تعرض للاهدار في عصر ما قبل ثورة25 يناير2011 وتفاقم هذا الاهدار الي حد قتل المتظاهرين السلميين من أروع شبابنا في الشوارع. ومازال الشعب يعاني من فقدان كثير من حقوقه رغم قيام الثورة. فاهدار الحق كان فعلا مستمرا لعقود طويلة ومن المستعصي تغييره حتي بثمن الدماء لأنه أصبح جزءا من الثقافة. ثقافة أن المصري ليس له القيمة الكبيرة التي تعطيها له حقوقه كانسان.. فالمادة7 من مشروع الإعلان العالمي لواجبات الانسان الصادر عن الأممالمتحدة عام1997 تنص ان لكل شخص قيمة لا محدودة ويجب حمايته بدون قيد أو شرط. ولكن لم ترس بكل أسف في وجدان مجتمعنا المصري حتي الان تلك الثقافة بالمعني التطبيقي فقد منع إرساءها النظام البائد بتوجيه الثقافة الي اشكال اخري تبعدنا عن الوعي بالذات. من أجل ذلك اندلعت الثورة بهدفها الراقي الجلي وهو التنمية الانسانية.. وتغيير ثقافة مجتمع ما هي- في رأيي المتواضع- أصعب أنواع التغيير لكونه يحدث تدريجيا ويحتاج الكثير من العمل والعزيمة والوقت. ولعل في حالة الثورة يمكن اختصار الوقت اذا ما قام الفاعلون في المجتمع المثقفون علي نشر الفكر الايجابي الداعم لرقي الانسان ونشر الوعي الحقوقي بين أفراد الشعب. لقد تنفسنا رياحا من قبلة الحرية هبت كما قمنا نحن مطالبين بحقنا في وطننا, من أجل رفعة مصر. ولكننا لم نتمكن بعد من نيل حريتنا كما ننشدها. ذلك لأن الحرية لا تأتي. بل انها معني يكتسب.. فالحرية لها الية تتحقق من خلالها.. أكدتها فلسفة غاندي في الدستور الهندي حينما قال: اذا تركنا واجباتنا وركضنا وراء حقوقنا ستهرب منا كالسراب وعلي قدر ما نلاحقها ستطير أبعد وأبعد.. من هذا المنطلق بدأ المشروع الثقافي حق وواجب المصري يوم16 فبراير2011 في أول أسبوع من مشوارنا لنيل حريتنا.. بعد التنحي. بدأ بإطلاق حملة الفنانين المصريين لرسم الإعلان العالمي لحقوق الانسان, الذي صدقت مصر عليه عام1948 ومشروع الاعلان العالمي لمسئوليات الانسان1997 الذي يهدف الي الوصول الي التوازن بين الحريات والمسئوليات. ومشروعنا الثقافي مستقل عن أي حزب وعن أي جهة حكومية ولا يمثل أي مرشح برلماني أو رئاسي بل هو مشروع انساني.. يقوم عليه المجتمع المدني.. من الفنانين والمدنيين المثقفين الحالمين بمعني الحرية في مصر. بدأناه متأثرين بانتهاكات حقوق الانسان التي حدثت والتي دفع ثمن المطالبة بها شهداء الثورة من المدنيين الحالمين بالحرية مثلنا. ومن بينهم فنانان راقيان:الفنان الشاب( الشهيد) زياد بكير1973 2011 والفنان الشاب( الشهيد) أحمد بسيوني1978 2011 تخرج زياد بكير في كلية الفنون الجميلة1995 وعمل كمصمم جرافيكي بدار الأوبرا المصرية. ويقول كل من عرفه أنه كان فنانا بمعني الكلمة, متسما بثقافة موسوعية جعلتنا نستمتع بإبداعه الفني الذي أنتج ملصقات رائعة الجمال لحفلات مسرح الجمهورية ودار الأوبرا طيلة الأعوام الماضية التي نسمع فيها أنواع الموسيقي المختلفة عند رؤيتها قبيل حفلات الموسيقي الكلاسيكية وغيرها.أما أحمد بسيوني فكان مدرسا مساعدا بكلية التربية الفنية ومبدعا في مجال فن الصوت والتجهيز في الفراغ.. ويمثل فنه مصر هذا العام في بينالي فينيسيا إيطاليا يونيو نوفمبر2011 والذي يعرض مشروعه الفني الفلسفي الرائع30 يوم جري في المكان ولكن مع الأسف بدونه. كان الفنانان الشهيدان زياد وأحمد أحسب أنهما لم يلتقيا وحتي انا لم أتشرف بمعرفتهما قبل استشهادهما يعرفان دورهما كفنانين تشكيليين. فالفنان يجب أن يكون مناضلا لأنه أعلم من غيره بحكم ثقافته وبصيرته التي يكتسبها من قدرته التصويرية علي قراءة الواقع. وهما يذكراني بفنان مناضل من جنوب أفريقيا( قتل مثلهما) هو الفنان ثامي منيلليThamiMnyele1948 1985,و الذي قال: بالنسبة لي كفنان إن فعل الإبداع الفني يجب أن يكمل فعل إيجاد مأوي لأسرتي, أو تحرير البلاد من أجل شعبي.. تلك هي الثقافة. للشهيدان أطفال في عمر أبنائي ورغم ذلك ضحيا من أجل مصر.. وإيمانهما بأن وجودهما في ذلك الزمان والمكان سيحدث تغييرا جذريا في مستقبل حقوق أولادهم وحقوق الانسان المصري هو ما دفعهما للتضحية. لذلك فنحن الفنانين المصريين نلبي نداءهما للاستمرار في المطالبة بحقوقنا من خلال تنفيذ واجبنا أولا كفنانين ومواطنين مصريين. بان نتواصل مع شعبنا بكل الحب. لكي ننير الطريق أمامنا. لتخرج مصر كلها من ظلمات اللاوعي واللامبالاة الي وهج الحرية. وفي تلك المرحلة يجب أن ينسي كل فرد منا( الأنا) لكي نأتي بالتغيير الذي سيتحقق فقط بإرساء المعرفة المنزهة عن أي غرض. شرف لنا إكمال ما بدأتماه.. تحية وتقدير للفنانين الشهيدين أحمد بسيوني وزياد بكير. ولقد انتهينا من أول إنتاج لمشروع حق وواجب المصري وهو كتيب كاريكاتير يشرح مواد الأعلانين العالميين( الرسمي والمقترح) لحقوق ومسئوليات الانسان. وعكف علي تنفيذه صفوة من الفنانين المصريين29 فنانا وفنانة تبرعوا بأعمالهم الفنية. أولهم نخبة من جيل الرواد المناضلين بفنهم ثم جيل الوسط ثم الشباب. وكتيب الكاريكاتير موجه لرجل الشارع المصري, ونحلم بأن يكون في يد كل مصري متعلم لكي يقرأه بدوره لكل مصري سلب منه حق التعليم. وقد قام الشاعر عمرو حسني باستلهام التراث مستعينا بالأمثال الشعبية كذلك قمت بتبسيط المواد مستعينة بأمثلة من واقعنا بالغة العامية لتقريب صورة الحق والواجب في أذهان الناس. ويبقي في حيز التنفيذ كتيب اخر للفن التشكيلي موجه للمثقفين سوف يكتب فيه النص الأصلي من الاعلانين العالميين. وندعو كل الفنانين الشرفاء للمشاركة في إنجازه. فنانة تشكيلية شابة