ودعت محافظة الغربية أمس اثنين من شهداء القوات المسلحة الأبرار, وهما عريف محمد الأبيض22 عاما, ابن عزبة الركن التابعة للوحدة المحلية بقرية أبشواي مركز قطور, والمجند بقوات الصاعقة عمرو عثمان عبد الكريم, من عزبة قاسم مركز بسيون, اللذان استشهدا خلال العملية الشاملة سيناء2018 لتطهير أرض الفيروز من الإرهاب. حيث اتشحت القريتان بالسواد وعم الحزن في كل مكان لفراقهما, وحرص الشباب علي الانتظار بمداخل ومخارج القريتين حتي وصول جثمان الشهيدين, لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليهما والمشاركة في تشييعهما إلي مثواهما الأخير بمدافن العائلة, كما توافد الأهالي والأقارب وزملاء الشهيدين علي منزل الأسرتين لتقديم واجب العزاء. وأمام منزل أسرة محمد الأبيض وقفت والدته وهي ترفع يديها لاستقبال نجلها الشهيد لتحيته علي شجاعته وإخلاصه في الحفاظ علي تراب الوطن, والحزن يعتصر قلبها, وأخذت تردد كلمات من بينها: منهم لله القتلة حسبي الله ونعم الوكيل, ثم انخرطت في حالة من البكاء الشديد, والدموع تنهمر من عينيها بلا توقف. وبنبرات يملؤها الحزن والأسي, تحدث والد شهيد قطور, الذي يعمل مزارعا, بأنه يحتسب نجله عند الله شهيدا, وأن الله قد استرد أمانته, ولا اعتراض علي مشيئته, حيث ظل يبكي, وعيناه تزرفان الدموع, وهو يردد: إنا لله وإنا إليه راجعون, وأكد أن الشهيد هو ابنه الأكبر, ولديه خمسة أشقاء هم أحمد في المرحلة الإعدادية, وأربع بنات, وأن الشهيد كان مثالا لرجل الجيش الملتزم والفدائي, ويعلم جيدا واجبه نحو وطنه, وحجم الخطر الذي نعيشه جميعا, في ظل هذه الظروف الصعبة والحرجة للبلاد, ورغم ذلك لم يرهبه أو يثنه الخوف عن مواجهة الموت, كما كان مرتبطا بخطوبة بإحدي بنات القرية, وقدم لها الشبكة, ودفع منذ أيام ثمن جهاز إعداد منزل الزوجية, لكن القدر لم يمهله لتحقيق أمنيته, حيث تم استدعاؤه من إجازته لإصابته في ذراعه في إحدي العمليات, فاستجاب علي الفور للمشاركة مع زملائه في العملية الجارية حاليا بسيناء, مشيرا إلي أنها إرادة الله ولا راد لقضائه, وأتمني أن يلهمنا الله الصبر في هذه المحنة الشديدة, مؤكدا أننا جمعيا نقف خلف قواتنا المسلحة لتطهير البلاد من الإرهابيين. وفي عزبة الركن كان المشهد مبكيا ورائحة الحزن تفوح من كل مكان وبصوت حزين قال جار الشهيد المجند عمرو عثمان ببسيون: إنه أكبر أشقائه الأربعة, ثلاث أولاد وبنت, وكان يضرب به المثل في دماثة الخلق والشجاعة وكان زينة شباب القرية ويحبه الجميع; حيث تم تجنيده منذ عامين بقوات الصاعقة ورغم المخاطر الحالية كان حريصا علي خدمة الوطن بكل إخلاص وتفان وأمانة ولا نزكيه علي الله ولكن حقه لن يضيع هدرا ولدينا ثقة كاملة في القوات المسلحة بالقضاء علي الإرهاب وتطهير سيناء وحماية البلاد. وكان جثمانا الشهيدين وصلا إلي مسقط رأسيهما محمولين علي سيارة إسعاف وملفوفين بعلم مصر وسط أجواء من الحزن والألم حيث أقيمت لكل منهما جنازة عسكرية وشعبية مهيبة وتقدم الموكب الجنائزي اللواء أحمد ضيف صقر محافظ الغربية واللواء طارق حسونة مدير أمن الغربية وعدد كبير من القيادات التنفيذية والشعبية وأقارب وزملاء الشهيدين وآلاف المواطنين الذين حضروا من القري المجاورة لتشييع الجثمانين إلي مثواهما الأخير بمقابر العائلة وسط حالة من الحزن والبكاء الشديد كما تحولت الجنازتان لمظاهرة تهتف ضد الإرهاب الغاشم وقد اصطف الأهالي لتقديم واجب العزاء لأفراد عائلة كل شهيد والذين سيطرت عليهم حالة من الحزن والبكاء الشديدين.