أثارت الأنباء التي ترددت مؤخرا حول طرح لجنة الدراما المنبثقة من المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام برئاسة المخرج محمد فاضل, عن إصدار قائمة بالموضوعات التي لها أولوية من وجهة نظرها, والتي ينبغي علي صناع الدراما تناولها, غضب عدد كبير من المبدعين والذين رأوا في إصدار مثل هذا القرار فرضا للوصاية علي المبدعين واحتكار وجهة نظرهم وإبداعهم وعدم ترك الحرية لهم في اختيار الموضوعات التي يرونها مناسبة وتتلاءم مع ما يلمسونه من قضايا تمس الشارع المصري. قال المخرج محمد فاضل رئيس لجنة الدراما بالأعلي للإعلام قال إنه قبل أي شيء علينا أن ننظر إلي بيان لجنة الدراما ولا يجوز الادعاء بمثل هذه الأخطاء وحتي لا نردد شائعات كما تتردد الآن, مؤكدا عدم صحة ما أثير حول رغبة اللجنة في عرض الأعمال علي اللجنة قبل عرضها علي المنتجين أو الشاشة. وأشار إلي أن هناك اجتماعا سيعقد يوم الجمعة بعد المقبل الموافق16 فبراير بحضور مجموعة من شباب كتاب السيناريو والمخرجين المتواجدين حاليا في الساحة الفنية, وستتضمن المحاور التي سيتم الحديث عنها مثل ورش السيناريو التي يناقشها المؤلف مدحت العدل, ود.حسن عطية وتتناول واقعية السيناريو, والناقدة خيرية البشلاوي ستتحدث عن معني الإبداع, بجانب مناقشة مشاكل الدراما بين المنتجين والدولة لوضع حل لها والقرصنة علي الأعمال الدرامية والمغالاة في تأجير أماكن التصوير مثل الآثار والمطار ومحطات السكة الحديد. وقال أن نقيب المهن السينمائية مسعد فوده ونقيب المهن التمثيلية أشرف زكي ورئيس اتحاد النقابات الفنية سيشاركون في الاجتماع كما تقرر إقامة مهرجان قومي للدراما التلفزيونية به جوائز مالية كبيرة للمنتج والمؤلف والمخرج أصحاب الأعمال المتميزة وسنطالب ببعثات لكتاب السيناريو والمخرجين وعودة الدولة للإنتاج, فلماذا الهجوم إذن علي اللجنة من أصحاب الشخصيات الذين يريدون إفساد الأعمال الجيدة؟ خاصة أننا لا علاقة لنا بحرية الإبداع ولن نحجر علي أحد. وأضاف إلي أن دور الرقيب تقوم به الرقابة علي المصنفات الفنية وهي جهة مستقلة برئاسة خالد عبد الجليل, أن من يردد عبارات مثل حرية الإبداع هل يريد عدم عرض أعماله علي الرقابة ؟ كما أن أصحاب القنوات الفضائية هم من طالبوا بعرض الأعمال علي الرقابة. وردا علي ما قاله إن بعد عام2011 حدثت فوضي في الدراما وأن الفن لم تناله يد الضبط إلي الآن, قال إنه لا يقصد بهذه المقولة عدم تطور الدراما وعدم وجود أعمال جيدة بل علي العكس هناك12 عملا تلفزيونيا في العام الماضي كانوا جيدين جدا مثل الطوفان وأبو العروسة وواحة الغروب ولأعلي سعر, وأنه بعدما أصبح مسئولا عن اللجنة لم يقل أي أراء شخصية كان يقولها من قبل بكل صراحة, ويكتفي حاليا بإعلان رأي اللجنة التي ليس من دورها عمل تقييم للأعمال أو الرقابة عليها, وأشار إلي أنه يقصد بكلمة الفوضي وجود أعمالا تذاع لم تعرض علي الرقابة الفنية وهذا ليس كلامه ولكن كلام خالد عبد الجليل. فيما أكدت الناقدة خيرية البشلاوي عضو لجنة الدراما إن اللجنة لا تتدخل في حرية الإبداع, وما تردد حول رغبة اللجنة في عرض أعمال درامية عليها قبل عرضها علي المنتجين وتحديد الموضوعات المفترض طرحها في المسلسلات غير صحيح, حيث تم فهم الأمر بشكل خاطئ. وأوضحت أنه ليست كل دراما تنقل تشوهات تسمي إبداع, وليس كل ما ينتج ونراه علي الشاشة صنف علي إنه إبداع, كما أن هذا دور الرقابة أولا وأخيرا, بينما دورنا هو مناشدة الكتاب بتقديم دراما تعبر بصدق عن كل جوانب المجتمع المصري, وتراعي نسق القيم التي تربينا عليها ولغة الحوار التي لابد ألا تندرج نحو السوقية والابتذال وننظر للنماذج المتوازنة ولا تعبر عن الجانب السلبي للشارع فقط. وأضافت أن هناك فهم خاطئ لمصطلح الواقعية فهي ليست إظهار مأساة الشارع علي الشارع ومن يردد أن الفن مرآة للواقع وأنه لابد من إلقاء وجهة النظر فيه وليس عرض وجهة نظر المؤلف ورؤيته للواقع فقط. وردا علي ما قاله أحد الفنانين أن موافقة اللجنة علي صياغة ورقة عمل بأولويات موضوعات المحتوي التي يحتاج إليها المجتمع في المرحلة الراهنة; لتكون دليلا للعاملين في الإنتاج الفني سيحجر علي حرية الإبداع ولا يجوز للجنة أن تقرر ما يقدمه صناع الدراما قالت خيرية إن اللجنة تقصد مناقشة الموضوعات الهامة وعرضها علي المنتجين لانتقاء أفضل ما فيها وتقديم موضوعات تهم الوطن في المرحلة الراهنة موضحة أن الفنان يوسف الشريف رغم أنه يقدم أعمال فانتازيا في الدراما ولكنها متميزة وتحترم المشاهد وهناك أعمال أخري مميزة مثل لأعلي سعر وواحة الغروب وكلبش. ومن جانبه قال المؤلف مجدي صابر إنه علم من رئيس اللجنة المخرج محمد فاضل إن هذه اللجنة ليست لجنة رقابية ولن تفرض قيود علي الإبداع ولكنها لجنة لتصحيح مسار الدراما خاصة إنه تم ملاحظة بعد ثورة2011 تم عرض أعمال بعيدة عن المجتمع المصري وعن عاداتنا وتقاليدنا وتتناول العنف والبلطجة وجرائم القتل وتشويه لصورة المرأة وبالتالي إذا كانت اللجنة ستحدث نوع من التنظيم بعرض هذه الأعمال علي الرقابة وإيجازها قبل الحصول علي العرض سيكون هذا مفيد وإيجابي للدراما. وأشار صابر إلي أن المخرج محمد فاضل دائما ما كان رافضا للحكر علي الإبداع ولكن نحن نحتاج لوضع نقطة نظام لإعادة الدراما لشكلها الصحيح. ويشار إلي أن جبهة الإبداع قد اصدرت بيانا قالت فيه إن الجبهة تلقت الأخبار التي تناقلت عن عزم لجنة الدراما إعداد قائمة بالمواضيع التي لها الأولوية من وجهة نظرها والتي ينبغي علي صناع الدراما تناولها, وبعيدا عن ما تم توضيحه أن تلك القائمة غير ملزمة إلا أننا نري أن الفكرة في حد ذاتها غريبة, ونحن مندهشون لكون قامة مثل المخرج الكبير محمد فاضل والذي رافق طريق الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة, ودافع عن مفاهيم الحرية والتعددية في العديد من أعماله يقبل أن يزج باسمه في مثل هذا القرار الغريب. وأضاف البيان: فلنتخيل معا يوما في الثمانينات يستيقظ فيه الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة ويتوجه لتلك اللجنة حاملا سيناريو الراية البيضا أو أنا وأنت وبابا في المشمش لينبه عليه رئيس اللجنة أنهم لن يمنعوه ولكن يفضلون أن يتطرق لمواضيع أخري, كيف كان محمد فاضل نفسه ليرد علي مثل هذا التنويه الذي يأتي عكس كل ما تحمله روح الفن ذاته من انفرادية وخصوصية لا تنبع إلا من خيال وهواجس وآلام الكاتب نفسه قد نتفهم أن يكون لتلك اللجنة الحق في إصدار قائمة مواضيع تنتجها الدولة بشكل مباشر مثلا بصفة استشارية لمؤسسة إنتاجية ولكن وضع تلك القائمة بشكل عام فيه وصاية غير مقبولة علي مبدعي مصر وعلي المتفرج سواء, ولعل هناك خلط هنا بين الإعلام والفن خصوصا وبين دور الدولة وإعلامها الرسمي ودور مؤسسات الإعلام عموما التي قد يكون من واجبها أحيانا العراك الفكري مع إعلام الدولة وصولا لحراك إيجابي.