انطلقت الشركة الشركة القابضة للاستثمار في مجالات الآثار ونشر الثقافة الأثرية بعد صدور قرار رئيس الجمهورية رقم422 لسنة2017, بعد أن ظلت حبيسة الأدراج منذ صدور قرار جمهوري سابق بشأنها عام2004, وإلي أي مدي يمكن لهذه الشركة التي ستعقد الجمعية العمومية الخاصة بها اجتماعها هذا الشهر أن تساهم في تنمية الموارد المالية لوزارة الآثار, وتحقيق الاتجاه الجديد في الاستثمار في المتاحف والمناطق الأثرية وتطويرها, وما هو دورها في النهوض بالصناعات المرتبطة بها وفي مقدمتها صناعة النماذج الأثرية؟ داخل وحدة إنتاج النماذج الأثرية التابعة لوزارة الآثار التي تعد مطبخ أو غرفة عمليات البعد الاستثماري الحالي للوزارة بانتاجها المتميز, والنواة الحقيقية الشركة النماذج الأثرية التي ستنبثق عن الشركة القابضة تحاورنا مع د. عمرو الطيبي المدير التنفيذي للوحدة الذي أجاب عن أسئلتنا قائلا: لكي نقدر أهمية هذه الشركة والحاجة الماسة إليها, لابد أولا أن ندرك جيدا أن مفهوم المتاحف والمناطق الأثرية في العالم قد تغير منذ سنوات ليست قليلة. يقول: لم تعد تعرف ذلك المفهوم الموجود في مصر, والذي يقتصر علي مجرد قاعات لمجموعات من الآثار إنما تعدي ذلك المعني بمراحل حتي في المتاحف في المنطقة العربية, وفي مقدمتها متحف اللوفر بأبو ظبي, إذ أصبحت المتاحف في العالم عبارة عن مجمعات للفنون ومؤسسات ثقافية وتعليمية وترفيهية في آن واحد, تضم المتحف كعنصر أساسي لكنه غير وحيد. ويضيف: أنه توجد بجانبه قاعات عرض متغير, ومتاجر علي مستوي رفيع تبيع الهدايا التذكارية والتحف, وما إلي ذلك وهناك أيضا متاحف ملحق بها مطاعم فاخرة, ومسارح ودور للسينما, وقاعات للفنون المعاصرة جنبا إلي جنب قاعات الاثار أو الفنون الكلاسيكية, بحيث يتاح لأي أسرة أو مجموعة من السياح أثناء زيارتهم لمتحف قضاء يوم كامل ممتع ومتنوع فيه, بين الآثار أو المقتنيات الخاصة بالمتحف, وتناول الغذاء, ومشاهدة فيلم أو مسرحية في المكان نفسه, وحضور ورشة فنية, والتزحلق علي الجليد, الأمر الذي يمثل عامل جذب للجميع. اضف إلي ذلك أن متاجر الهدايا التذكارية والتحف اتسع مفهوها هي أيضا, فلم تعد تضم فقط التماثيل والكروت التقليدية, إنما اصبحت تضم أيضا منتجات الحرف التقليدية واللوحات الفنية, وسلع ذات استخدامات وظيفية, لا مجرد عناصر جميلة للتزيين, وهو عامل جذب مهم جدا, يدر دخلا كبيرا للمتاحف. وفي مصر يعد المتحفان الوحيدان المبنيان علي هذا المفهوم هما المتحف المصري الكبير ومتحف الحضارة, اللذين نأمل أن نجيد تحقيق الاسنثمار فيهما إلي أقصي حد ممكن. حاجة ماسة للاستثمار ويوضح د. الطيبي أن الحاجة أصبحت ماسة للشركة القابضة للاستثمار في مجال الآثار في ظل تراجع السياحة, لأن دخل وزارة الآثار كان يعتمد بشكل أساسي علي إيرادات تذاكر المناطق الأثرية, والمتاحف, وكان ذلك يمثل رقما ضخما, حتي أن المتبقي في الصندوق كان في حدود مليار و650 مليون جنيه سنويا أي انها تعتبر من أعلي مؤسسات الدولة التي تدر دخلا وتنفق علي مشروعاتها وموظفيها تمويلا ذاتيا, لكن ماحدث منذ2011 أن هذه الإيرادات تراجعت, إلي حد أن الوزارة أصبحت تمر بأزمة اقتصادية طاحنة, وتجد صعوبة في إيجاد ميزانية لترميم الآثار والإنفاق علي موظفيها, ومن هنا تعد الشركة القابضة إحدي الطرق المثلي لتنمية الموارد المالية لوزارة الآثار, ويضيف: هذه الفكرة تأخرنا كثيرا في تنفيذها, حتي لو لم نمر بمثل هذه الظروف, لأنه فكر اقتصادي يساهم في زيادة الدخل القومي, لاسيما بالنسبة لدولة في حجم مصر في تاريخها وآثارها وحضاراتها, وقد سبقتنا إليه دول العالم, ومن ذلك أسبانيا وفرنسا وبولندا, وعلي الرغم من صدور قرار جمهوري بإنشائها في2004, إلا أنها ظلت حبيسة الأدراج. ويري د.الطيبي أن الشركة القابضة للآثار المزمع إنشاؤها قريبا لا بد ان تقوم علي4 ركائز أساسية, وهي إنشاء شركة النماذج الاثرية والمنتجات الحرفية وإدارة الفنادق والكافيهات والكافيتريا والسينما والمسرح ومجمعات الفنون والأماكن الترفيهية بشكل عام في المواقع الاثرية, ودار نشرللكتب والمطبوعات الاصدارات الثقافية وشركة الأفلام الوثائقية والتصوير. إدارة احترافية بفكر اقتصادي ويضيف: أصبح من الضروري إدارة المتاحف والمناطق الأثرية إدارة احترافية علمية وفكر اقتصادي جديد, قائم علي الخروج من الإطار الضيق لمفهوم المتاحف كما أشرت, بحيث ندير آثارنا بصورة أكثر إيجابية وشمولية, وان نعيد استغلالها بالطريقة المثلي, مع الحفاظ عليها وحمايتها, فلا مساس أو مخاوف من أي نوع علي الأثر نفسه الذي سيبقي تحت إدارة الأثريين, فما الخوف من إصدار مطبوعات وملصقات علي أعلي مستوي أو نماذج ومستنسخات تباع في متاجر ملحقة بالمتاحف المصرية مثلها مثل أي متاحف في العالم. ومن أهم مهام الشركة أيضا تنمية الصناعات الكفيلة بتغذية الأماكن التجارية التي ستضمها المناطق الأثرية والمتاحف بالمنتجات المطلوبة, سواء النماذج الأثرية والمستنسخات أو المنتجات الحرفية المستوحاة من تراثنا الاصيل وحضاراتنا المختلفة, بل وتصديرها للخارج, ليتم إزاحة المنتجات الصينية التي تشوه حضارتنا من خلال منح التماثيل ملامح آسيوية وتصنيعها بخامات رديئة غير صديقة للبيئة, والتي أيضا تخطف منا الأرباح الضخمة التي من الممكن أن تحقيقها إذا ما قمنا نحن بإنتاج هذه المستنسخات والنماذج الأثرية, وبيعها في الداخل والخارج باتباع أحدث أساليب التسويق. ويقول: إن معظم متاحف العالم الكبيرة لديها مجموعات من الآثار المصرية, وبازارات تبيع نماذج ومستنسخات من الآثار المصرية التي يتم تصنيعها في الصين, فلماذا نحن كأصحاب هذه الحضارة نترك تراثنا للآخرين يتكسبون منه في حين أن لدينا كافة الكوادر والخبرة الكافية لإزاحة المنتج الصيني الرديء المشوه لحضارتنا لنحل محله منتج يتمتع بأعلي درجات الجودة والمحافظ علي روح حضارتنا وهويتنا؟! صناعة النماذج الأثرية ومن هنا فإنها واحدة من الشركات التي ينبغي أن تنبثق عنها هي شركة صناعة النماذج الأثرية والمنتجات الحرفية, خاصة أن مصر أصبح لديها الخبرة الواسعة في هذا المجال, من خلال وحدة النماذج الأثرية بالوزارة باقسامها العديدة كقسم النحت والمشغولات المعدنية والخشبية والتطعيم, والرسم والتلوين والخزف علي مستوي راق والسبك والتغليف, والتي لا تفي جميعها بالانتاج الضخم المطلوب في الداخل والخارج, ولذلك كان لا بد من التوسع, والدليل علي ذلك أنه علي الرغم من الظروف الاستثنائية التي تمر بها الدولة منذ2011 فقد استطاعت الوحدة أن تصدر للوفر والمتحف البريطاني ومتاحف برلين وطوكيو وغيرها والجميع أشاد بمنتجاتنا, لكن تواجهنا معوقات التوسع لأسباب منها العمل في اطار حكومي وهو ما يعني علي سبيل المثال عدم القدرة علي التعيين الفوري للكوادر المطلوبة ذات الكفاءة, في حين أن هذه الشركة من شأنها أن تعطي مساحة كبيرة لتشغيل هذه الكفاءات, التي لن تمثل عبئا علي الحكومة لأنهم سيدخلون أموالا ضخمة للوزارة من خلال إبداعاتهم, كما أنه لن يكون هناك مجال إلا للكفاءات. ويقترح أن يكون لشركة النماذج الأثرية خطان للإنتاج الأول يدوي تلبية لاحتياجات شريحة مهمة تقدر وتثمن هذا المجال, وتتمسك به ومن ذلك انتاج النسيج والكليم والنحت والتطعيم او النحاس والخزف وكلها أعمال تعبر عن روح الحضارة. والآخر خط ميكني يعتمد في انتاجه علي الآلات, تغطية لسائر الشرائح وتلبية لحجم السوق الضخم. ويتابع: سيكون منوطا للشركة إصدار الكتب والمنشوارت الثقافية المرتبطة بآثارنا بلغات أجنبية سليمة وورق وطباعة عالية الجودة, والتي يمكن توزيعها علي المكتبات العالمية بمئات الآلاف في العالم, والمولعة بالحضارة المصرية, مع صور عالية الجودة فان ذلك ترويج لمتاحفنا وجذب للسياح. وكذلك الأفلام السينمائية والوثائقية وتيسير التصوير في الأماكن الأثرية المصرية بما لا يمثل أي خطر عليها, خاصة أن الكثير من المنتجين أصبحوا يتركون مصر, ويتجهون إلي دول أخري بالمنطقة, في حين ان مصر غنية بمتاحفها وأماكنها الأثرية المتفردة التي يمكن أن تعطي أبعادا درامية ساحرة للأفلام.