في خضم الانفلات الأمني في مصر ورواج سوق البلطجة لم تسلم الاثار والمباني التراثية والتاريخية من أعمال السرقة والنهب والتخريب والإهمال ولعل شارع المعز ومايحويه من تحف معمارية تصل إلي33 أثرا دليل علي ذلك فبرغم حداثة تطويره وافتتاحه منذ اشهر قليلة بعد عمليات الترميم والاصلاح التي تكلفت60 مليون جنيه من مخصصات بلغت800 مليون جنية فإن الصورة هناك غير مبشرة ولاتدعو للتفاؤل! إن زيارة سريعة للشارع تكشف مدي ماتعرض له الشارع الذي ما ان وطأته اقدامنا حتي هالنا اختفاء ظاهرة الزحام التي كان يتميز بها الشارع في السابق سواء أجانب أو مصريين لن تري عيناك الكثيرين ممن كانوا يتجولون في المعز سواء لشراء مايحتويه الشارع من صنوف التجارة لمنتجات الذهب أو الفضيات والنحاس والعطارة وغيرها أو لمشاهدة الاثار علي جانبيه. اختفاء الزحام الذي سماه أصحاب المحلات في الشارع وقف حال لم يكن الملاحظة الوحيدة بل البداية فقط فبالرغم من قرار منع سير السيارات في شارع المعز بعد تطويره وافتتاحه الا أننا وجدنا منها الكثير سواء السائرة أو المتوقفة انتظارا لقدوم أصحابها ممن لم يجدوا من يمنعهم من الدخول أو من يحرر لهم مخالفة بذلك.في بداية الجولة التي قام بها الأهرام المسائي بشارع المعز لرصد مظاهر الانفلات الأمني وتأثيره علي نشاطه التجاري والسياحي قابلنا حمادة الشامي صاحب بازار الذي بادر قائلا: نعاني كثيرا من الانفلات الأمني الذي اثر بدرجة كبيرة علي حركة البيع والشراء فأصبح الناس يخافون من نزول الشارع بعد الساعة7 مساء رغم انه في المعتاد كانت تظل هناك حركة حتي بعد منتصف الليل, حيث كان الاحساس بالأمان أكثر نتيجة الزحام ووجود رجال الأمن سواء من شرطة السياحة والآثار أو الدوريات المعتادة وكان وجود المصريين والسائحين بشكل أكبر من الآن فأصبحت هناك مخاوف من الجميع. وبسؤاله عن مظاهر الانفلات الأمني في الشارع أشار الي محلات الصاغة التي تمت سرقتها منذ اسبوعين, حيث قام بعض البلطجية بتحطيم محل عطارة وسرقة محتوياته. واصلنا السير بالشارع فوجدنا سيدة مسنة تجلس علي الرصيف بجوارها بعض المشتريات فتوجهنا اليها وسألناها لنكتشف أنها ليست من سكان الشارع وقالت احضر اسبوعيا بشارع المعز أنا وزوجي لشراء مستلزمات المكتبة التي نمتلكها لكن الحال دلوقتي واقف خالص وربنا يزيح الغمة عن البلد. وبسؤالها عن مظاهر الانفلات الأمني قالت الامان بدأ يرجع تاني شوية لكن البلطجة كانت أكثر ايام هروب المساجين والمشكلة الأكبر دلوقتي في وقف الحال اللي احنا عايشين فيه. وافق علي كلامها عم أحمد صاحب محل عطارة كان يقف بجوارنا قائلا عندها حق الانفلات خلا السوق نايم وبنقفل من بعد7 مساء وعن تعرض محلات العطارة للبطلجة أكد أن المحلات التي تعرضت للبلطجة بشكل أكبر هي محلات الصاغة طمعا من السارقين في محتوياتها خاصة وأن تدخل الشرطة يكون متأخرا في كثير من الأحيان! وحكي عم أحمد خادم مسجد علي المطهر في شارع المعز عن حادث سرقة تعرضت له محلات الصاغة فقال زميلي الذي يتناوب معي خدمة المسجد كان موجودا ليلا وقت الحادث وشعر بأحداث السرقة ولما تيقن من الامر حاول انقاذ بقية المحلات بسرعة فما كان منه الا أن بادر بإعلان واقعة السرقة في ميكروفون الأذان بالجامع مستنجدا بأهالي المنطقة الذين تمكنوا بالفعل من القبض علي البلطجية وتقديمهم للشرطة. توجهنا بعد ذلك الي اسامة خضر صاحب محل الفضيات الذي تعرض للسرقة في هذه الواقعة فأكد أنه فوجيء بمكالمات هاتفية تخبره بالحادث وتحطيم واجهة المحل الذي كان مغلقا وقت السرقة قائلا: كنت في ذلك الوقت أقوم بحماية أسرتي ومنزلي ولما ذهبت هناك وجدت المحل محطما فحررت محضرا بالقسم ووجدت الكثيرين غيري من أصحاب محلات المجوهرات من الذهب والالماس والفضيات موجودين لتعرض محلاتهم للهجوم والسرقة, حيث كنا جميعا ندلي بمواصفات بضاعتنا لنتمكن من استردادها عندما يجدها رجال الشرطة ولم يحصل أحد منا حتي الآن الا علي جزء ضئيل من المسروقات. وطالب بضرورة تأمين المنطقة بشكل كبير لأنها حيوية وكانت بها حركة بيع وشراء كبيرة سواء للذهب أو الفضة التي كانت قد شهدت رواجا كبيرا في الفترة السابقة بعكس الوقت الحالي الذي يشهد ركودا سوء من المصريين أو الاجانب علي حد قوله. وأمام محال الصاغة كان يقف كرم خليل الذي يعمل هناك منذ 30 عاما قائلا: مفيش شغل حاليا والسوق واقف ويبدو أن الناس ليس معها ماتشتري به حيث أغلب الزبائن يأتون للبيع وليس للشراء. ويبدو أن كرم محق تماما في قوله فطوال سيرنا في الشارع الذي ارتدناه كثيرا من قبل تغيرت الجمل التي كان ينادي بها الباعة علي الزبائن لاجتذابهم فكانت عايزة تشتري ذهب لتصبح عايزة تبيعي أو عايزة تصلحي ذهب حضرتك اتفضلي. وعلي ناصية مجموعة السلطان قلاوون الاثرية يقف ناجي عبد المحسن صاحب عربة كشري يبيعه لمرتادي الشارع وسألناه عن الشارع بعد الانفلات الامني فبادر قائلا: الحركة بدأت تعود تدريجيا لطبيعتها ولكنها مازالت أقل من المعتاد, حيث الزحام الشديد الذي كانت تشهده المنطقة الأثرية كلها, مشيرا الي بداية عودة رجال الشرطة لعملهم ومساندة المواطنين لهم في أداء دورهم الذي تحتاجه مصر كثيرا.