كانت مدينة أسوان علي موعد مع جريمة غاية في البشاعة لم يعتد أحد عليها وستظل حديث الناس سنوات طويلة, جريمة تخلي فيها شاب وحيد لوالديه عن مشاعر الإنسانية ليقتل أمه وخالته معا رميا بالرصاص بعد رفضها تلبية مطلبه لشراء المخدرات التي أدمنها, ولا تزال جهود رجال المباحث جارية لضبطه بعد هروبه عقب ارتكاب الواقعة. دفتر أوراق الجريمة غير المعقولة في المدينة السمراء وحسب تحريات مباحث قسم شرطة أول التي جرت تحت إشراف العميد محمود عوض مدير المباحث الجنائية بمديرية أمن أسوان تقول ان الأم ف. ع قد دفعت ثمن فاتورة تدليلها لطفلها الوحيد محمد الذي لم تكن ترفض له طلبا علي الإطلاق, خاصة وقد كانت تشغل وظيفة مرموقة بقطاع التربية والتعليم قبل أن تصل إلي سن المعاش. كبر الولد وعرف طريق الإدمان وتعاطي المواد المخدرة بكل أنواعها, وكان كثيرا ما يلح عليها طالبا المزيد من الأموال لتدبير احتياجاته من السموم البيضاء, وعندما وصل الابن المتجرد من الرحمة إلي العقد الثالث من العمر حاولت الأم المكلومة علي فلذة كبده إصلاحه وتقويمه, تارة بالنصح وأخري بالاستعانة بالأهل والأقارب ولكن الابن العاق كان قد رفع راية التمرد والعصيان أمام الجميع, حتي هدي الله الأم إلي التفكير في اصطحابه في رحلة عمرة إلي بيت الله الحرام وزيارة الرسول عليه الصلاة والسلام لعله يجد الهداية والعودة إلي الطريق المستقيم من هناك, ولكن ما لبث محمد أيام معدودات أمسك فيها بالمسبحة وداوم فيها علي الصلاة حتي عاد للإدمان مرة أخري بعد أن تلقفه شياطين الإنس في قريته التي تبعد عن مدينة أسوان بنحو60 كيلو مترا.. وصباح يوم الجريمة وكما دلت تحريات المقدم محمود حامد رئيس مباحث قسم أول علي توجه محمد إلي بيت والدته للحصول علي ما يستطيع اقتناصه من مال أمه لشراء كيف يوم جديد فلم يجدها, وبالسؤال عنها علم بأنها توجهت إلي مدينة أسوان حيث تستأجر شقة في منطقة ما بجنوب المدينة, وعندما ذهب إليها ولم يجدها توقع أن تكون في زيارة إلي خالته ن63 عاما التي تسكن هي الأخري بنفس المنطقة, وطوال الطريق ما بين مسكني أمه وخالته استغل الشيطان الموقف وبدأ يلعب برأسه موسوسا له بقتلها إذا ما رفضت منحه ما يريد, وعندما وصل إلي موقع الجريمة فاجأ أمه بما يريده من أموال, وحاول بشدة إقناعها مهددها بالقتل, فلم تصدق الأم ما يقوله ابنها الوحيد الذي وهبت له حياتها من أجل تربيته ليكون رجلا صالحا يستطيع تحمل المسئولية بعد انفصالها عن أبيه ورفضت رفضا باتا لعلمها التام بأنه في سبيله لشراء المخدرات التي ذهبت بعقله, وبعد أن احتد الخلاف بينهما وعلت أصواتهما, حاولت خالته رده وطرده من المنزل, فجن جنون الابن العاق ورفع سلاحا ناريا كان بحوزته مهددا إياهما بالموت ليتدخل إبليس اللعين منتهزا هذه اللحظة التي كان ينتظرها, حيث خرجت الأعيرة النارية صوبهما لتستقر في بطن أمه التي حملته وهنا علي وهن, فيما استقرت أعيرة أخري في صدر خالته, وسقطت الشقيقتان مضرجتين في دمائهما علي الفور. ومع سماع الجيران لطلقات الرصاص التي هزت المنطقة, هرع العشرات إلي استكشاف الأمر داخل المسكن المعروف بهدوئه وسكينته ليصطدموا جميعا بالواقعة المفجعة التي أدمت القلوب, ووسط محاولات للإمساك بالابن المجرم, لم يتمكن ابن خالته وجيرانه من القبض عليه ليفر هاربا, حيث كلف اللواء فتح الله حسني مدير أمن أسوان العميد محمود عوض مدير إدارة البحث الجنائي, بتكثيف جهود البحث وضبط المتهم الهارب للكشف عن أي ملابسات أخري, فيما تم نقل جثة الأم وشقيقتها إلي مشرحة أسوان العمومية تحت تصرف النيابة العامة التي تولت التحقيق.