في سالف الأزمان, كانت القمة العربية تعاني من مشكلة, تتعلق بعدم انعقادها ببساطة, فهناك دول لم تكن ترغب في استضافتها علي الإطلاق, وعندما تتم الدعوة لها من جانب دول غير مصر, كانت هناك صعوبات تحول دون تلبية الدعوة وعندما كانت الدعوات تلبي, يثور حديث حول مستوي التمثيل في القمة, وبالتالي فإنه باستثناء القمم الاستثنائية, لم يكن للقمة العادية وجود تقريبا, اي انه اذا لم يحدث شيء يستلزم عقدها, فإنها لم تكن تعقد, وفي الفترة التي سبقت قرار دورية انعقاد القمة, بدا أن احدا لايرغب فيها. كانت هناك نظريات تفسر حالة البرود العربية تجاه مؤسسة القمة, كما تسمي, فأحد المحللين الأذكياء قال ان احدا لم يكن يرغب في المشاركة بشيء تشن ضده حملات مسبقة تقرر انه سيفشل, كما كان لدي بعض القيادات العربية مشكلة بفعل ماسمي مبالغة رؤساء القمم احيانا في استخدام مايعتقدون انه صلاحياتهم, كما كانت التكلفة المالية تمثل احيانا مشكلة بالنسبة لبعض الدول التي ترغب في الدعوة لها, إضافة الي انه اصبح خمسة تقريبا من الزعماء العرب لايشاركون فيها في تلك السنوات, وتحول هذا الوضع الي عادة. كان قرار دورية انعقاد القمة في مارس من كل عام يمثل حركة عبقرية لإنقاذ القمة العربية, التي أصبح من المقرر ان تعقد بانتظام, لكن بدأت بعض المشاكل في الظهور, فقد حاولت بعض الدول تأجيل انعقادها في موعدها, وقررت دول مختلفة انها لن تعقد علي اراضيها, ولأسباب أمنية وسياسية, كان واضحا انها لن تعقد في دول مثل العراق او الصومال او فلسطين, وغيرها, وظهر تصور يقرر انه يجب ان يفكر العرب في عقدها في مكان واحد هو شرم الشيخ, لكن ظلت الأمور محتملة. ان اخطر ماجري هو ان مسألة الحروف الأبجدية التي تحدد مكان القمة, كانت تلقي بها احيانا في اماكن غير مناسبة, في الوقت غير المناسب, فقد ظهرت علي ساحة المنطقة محاور إقليمية للراديكاليين والمعتدلين, وشاء حظ القمة في العامين الأخيرين ان تعقد في قطر وسوريا, ولأسباب يصعب حصرها, كان مستوي التمثيل يمثل مشكلة, وكان سلوك الدول الداعية يمثل مشكلة, وتحول الامر الي مأساة عربية, والآن تذهب القمة العربية الي طرابلس في ليبيا, وسط ظروف تتسم بطابع خاص للغاية, تجعل من دورتها القادمة, اختبارا ثالثا لها, فإما ان تستعيد بعضا من مصداقيتها, أو انها ستتحول الي محطة ثالثة تطرح التساؤلات القديمة, حول مشكلة الحروف الأبجدية.