سعاد حسني.. هل بقيت أسرار وملفات وخبايا وزوايا في حياة سعاد حسني لم تدخلها الصحافة والكتب والفضائيات وجميع وسائل الإعلام؟ عشرون عاما من الفن استطاعت بعدها تلك الفتاة, الفنانة بنت الفنان, أن تكون أكبر لغز وأضخم أسطورة عرفها الفن المصري في تاريخه. ومما حكاه لنا الفنان الخطاط محمد عبد السميع, أن حسني البابا كان خطاطا فوق العادة, حتي ان شركة المياه الغازية الشهيرة اختارته ليكتب كلمة كوكاكولا التي نراها جميعا حتي الآن في الاعلانات وعلي زجاجات المياه الغازية, غير أن هذا الأب لم يترك لابنته سوي جينات الابداع والجنون. والحديث عن سعاد حسني فنانة السينما في مساحة أقل من كتاب يبدو عبثا, والحديث عن سعاد الإنسانة لابد وأنه يقودك إلي أمور شخصية لا تود الخوض فيها, لذا ربما كان من المفيد أن نتحدث هنا عن سعاد المطربة والراقصة. ويحق لنا أن نقول إن قدراتها التمثيلية المطلقة اللامحدودة, جعل قدرتها الغنائية والاستعراضية تبدو وكأنها عادية, أو كأنها مسخرة فقط للتخديم علي التمثيل, رغم أنها كمطربة لا تقل أبدا عن مطربات الصف الأول من نجمات الغناء المصري, وكراقصة فهي إحدي الوريثات الشرعيات لتحية وأخواتها. تبلغ موهبة سعاد كمطربة في فيلم صغيرة علي الحب(1966, إخراج نيازي مصطفي), وهو العمل الوحيد الذي تعاونت فيه مع محمد الموجي, فقد غنت أغنية: ما انتاش قد الحب يا قلبي وأوبريت: صغيرة علي الحب, ويمكن القول إنها في الأغنيتين تفوقت علي شقيقتها المطربة المحترفة نجاة خاصة في المقطع الذي تغني فيه: بقي هي الدنيا كده؟ وبعيدا عن الموجي فإن معظم أعمال سعاد الغنائية كانت مع كمال الطويل, فلحن لها من كلمات صلاح جاهين بمبي و ياواد ياتقيل و الدنيا ربيع وهي الأغنيات التي أثارت جدلا وقت ظهورها باعتبار أن البلد كان في أجواء الحرب, وأن جاهين بهذا يغادر موقعه في الميدان ليقول إن الدنيا ربيع, قبل أن تتخذ الأجيال التالية هذه الأغنيات عنوانا للبهجة. لكن الثلاثي الطويل سعاد جاهين التقوا معا في واحدة من أهم أغنيات المكتبة العربية وهي أغنية بانو.. بانوا التي يرجع الفضل في إعادة اكتشافها لشبكة الانترنت, ويمكن القول بأن هذه الأغنية تخص بنات الألفية الجديدة بأكثر مما تخص بنات السبعينيات. في هذه الأغنية نقلات موسيقية صعبة علي أي مطربة, ومع ذلك انتقلت بينها زوزو بكل سلاسة. أما سعاد الراقصة, فيمكن أن نحيلك هنا إلي رقصة الديك المذبوح في فيلم خلي بالك من زوزو(1972, إخراج حسن الإمام) عندما ترقص زينب عبد الكريم بدلا من أمها نعيمة ألماظية التي أتوا بها للفرح حتي يهزأوا منها ومن ابنتها, لتعرف كيف يكون الرقص أداء تمثيليا غير عادي. تري, هل يمكنك تخيل تاريخ الفن دون سعاد حسني؟ أشك