سعر الفراخ البلدي والبيضاء وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الأربعاء 18 يونيو 2025    أسعار الزيت والسلع الأساسية اليوم في أسواق دمياط    هيئة البث: تقديرات بشن إيران هجوما ب20 صاروخا على إسرائيل الليلة    الجيش الإسرائيلي ل فوكس نيوز: دمرنا نحو 40% من صواريخ إيران    ملخص وأهداف مباراة ريفر بليت ضد أوراوا فى كأس العالم للأندية    ألونسو: مواجهة الهلال صعبة.. وريال مدريد مرشح للتتويج باللقب    مسؤول إسرائيلي: ننتظر قرار أمريكا بشأن مساعدتنا فى ضرب إيران    نجم سموحة: الأهلي شرف مصر في كأس العالم للأندية وكان قادرًا على الفوز أمام إنتر ميامي    كأس العالم للأندية| التشكيل الرسمي ل صن داونز وأولسان هيونداي    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام الوداد في كأس العالم للأندية    عليك اتخاذ موقف مع شخص غير ناضج.. توقعات برج الحمل اليوم 18 يونيو    توقف عن تضييع الوقت.. برج الجدي اليوم 18 يونيو    تجنب التسرع والانفعال.. حظ برج القوس اليوم 18 يونيو    «القطة العامية» للكاتبة رحاب الطحان في مكتبة القاهرة الكبرى.. الخميس    الشيخ أحمد البهى يحذر من شر التريند: قسّم الناس بسبب حب الظهور (فيديو)    الجبنة والبطيخ.. استشاري يكشف أسوأ العادات الغذائية للمصريين في الصيف    مصطفى الفقي: إيران تحارب باسم الفارسية لا الإسلام ونظامها عقائدي يصعب إسقاطه    ماكرون: تغيير النظام في إيران عسكريا سيكون خطأ كبيرا    الإيجار القديم.. المستشار محمود فوزي : 250 جنيها إيجار موحد للجميع.. والفروق تُسدد بالتقسيط بعد التصنيف    النفط يقفز 4% عند إغلاق تعاملات الثلاثاء بدعم من مخاوف ضربة أمريكية لإيران    شيفروليه كورفيت تُحلق في الهواء بملعب ترافيس باسترانا الترابي    ريفر بلايت يقتنص فوزا مستحقا على آوراوا ريد في كأس العالم للأندية    وزير الرياضة يناقش مع اتحاد التبادل ترتيبات استضافة البطولة الدولية    كأس العالم للأندية 2025| الهلال السعودي في مأزق هجومي أمام ريال مدريد    خالد الغندور يكشف مصير الجفالي مع الزمالك    تعليم الغربية: 30 يونيو آخر موعد للتقديم فى رياض الأطفال والصف الأول    أخبار 24 ساعة.. مجانا برقم الجلوس.. اعرف نتيجة الشهادة الإعدادية بالقاهرة    إصابة 7 أشخاص إثر اندلاع حريق منزل بالظهير الصحراوى لمحافظة البحيرة    جرح قطعي بالرأس.. إصابة طالب في مشاجرة ببني مزار بالمنيا    «الربيع يُخالف جميع التوقعات» .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الأربعاء    والد ضحية الاعتداء من نجل محمد رمضان يكشف تفاصيل التصالح    كجوك: الحصيلة الضريبية هذا العام شهدت نموًا بنسبة 35%    «إيد واحدة».. قوافل التحالف الوطني ركيزة أساسية لتنمية المجتمع    العدل يترأس لجنة لاختبار المتقدمين للالتحاق بدورات تدريبية بمركز سقارة    رسميًا.. فتح باب التقديم الإلكتروني للصف الأول الابتدائي الأزهري (رابط التقديم وQR Code)    علي الحجار يؤجل طرح ألبومه الجديد.. اعرف السبب    عيار 21 الآن يسجل رقمًا جديدًا.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 18 يونيو بعد الانخفاض بالصاغة    الأبيدى: الإمامان الشافعى والجوزى بكيا من ذنوبهما.. فماذا نقول نحن؟    الغرفة التجارية تعرض فرص الاستثمار ببورسعيد على الاتحاد الأوروبى و11 دولة    11 عملية إزالة مياه بيضاء ناجحة داخل مستشفى رمد المنيا بعد التطوير    افتتاح مؤتمر معهد البحوث الطبية والدراسات الإكلينيكية للارتقاء بالبحث العلمي    محافظ البحيرة ومدير الأمن يقدمان التهنئة للأنبا إيلاريون لتجليسه أسقفًا لإيبارشية البحيرة وتوابعها    زعماء مجموعة السبع يحاولون إنقاذ قمتهم بعد مغادرة ترامب المبكرة    اللواء نصر سالم: الحرب الحديثة تغيرت أدواتها لكن يبقى العقل هو السيد    أرنولد: التدريبات في ريال مدريد عالية الجودة    ثقافة بورسعيد تناقش أثر التغيرات المناخية وتُفعّل أنشطة متنوعة للأطفال احتفالًا بالبيئة والعام الهجري    القصة الكاملة لأزمة هند صبري بعد مطالبات ترحيلها من مصر    فضل صيام رأس السنة الهجرية 2025.. الإفتاء توضح الحكم والدعاء المستحب لبداية العام الجديد    جامعة دمياط تتقدم في تصنيف US News العالمي للعام الثاني على التوالي    الشيخ خالد الجندي يروي قصة بليغة عن مصير من ينسى الدين: "الموت لا ينتظر أحدًا"    محافظ الأقصر يوجه بصيانة صالة الألعاب المغطاة بإسنا (صور)    التعليم العالى تعلن فتح باب التقدم للمنح المصرية الفرنسية لطلاب الدكتوراه للعام الجامعى 2026    محافظ أسوان ومدير صندوق مكافحة الإدمان يشهدان مؤتمر «أسوان بلا إدمان»    5 فواكه يساعد تناولها على تنظيف الأمعاء.. احرص عليها    بلمسة مختلفة.. حسام حبيب يجدد أغنية "سيبتك" بتوزيع جديد    أمين الفتوى يكشف عن شروط صحة وقبول الصلاة: بدونها تكون باطلة (فيديو)    مستشفيات الدقهلية تتوسع في الخدمات وتستقبل 328 ألف مواطن خلال شهر    «أمطار في عز الحر».. الأرصاد عن حالة الطقس اليوم الثلاثاء: «احذروا الشبورة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"أرتيست" لهاديا سعيد..محاولة لإعادة كتابة حياة سعاد حسني
نشر في نقطة ضوء يوم 09 - 04 - 2010

ربما يجدر بنا قراءة رواية هاديا سعيد "أرتيست" الصادرة عن دار الساقي من دون إغفال الأثر الذي يتركه اسم الرواية وغلافها علي القاريء، فالاسم الذي اختارته الكاتبة ليتصدر الغلاف باللون الأحمر يتواءم تماماً مع صور الشفاة الحمراء أيضا، والتي تحتل مساحة البياض الشاسعة في الغلاف، هذه التوليفة الموفقة من الجمالية الغامضة للغلاف تماثله الكلمة علي ظهر الكتاب التي تقدم موجزا عن النص.
من هي سلمي حسن التي تدور فصول الرواية جميعها حولها؟
هل يمكن أن تكون هي نفسها الفنانة الراحلة سعاد حسني، التي لا يزال لغز موتها محيراً ومدوخا، إذن هي روح سعاد حسني وربما صورتها وإغوائها الذي ينسج نص هادياً سعيد، الذي لا يؤكد أبداً سوي العمل علي تشكيل أرضية مشتركة بين بطله هادياً سعيد المتخلية "سلمي حسن" وبين حياة سعاد حسني.
فمازالت حياة سعاد حسني وموتها يثير جدلاً مثيراً ليس بالنسبة للجيل، الذي عايشها فقط بل حتي بالنسبة للجيل الشاب بدليل تقديم مسلسل عن حياتها في رمضان الماضي، الذي لم يكن علي مستوي ما رغب به الجمهور الشغوف بمعرفه أسرار سندريللا الشاشة، بل جاء المسلسل أكثر تمويها وغموضاً علي حياة النجمة، لأنه لم يعمل في العمق ولو من باب التلميح للكشف ليس عن حياة سعاد حسني الحقيقة والغزيرة في تفاصيلها، ولم يكشف عنه الاحتمالات المتعددة المفتوحة علي لغز موتها، لكن الأمر المؤكد أن تناول حياة هذه الفنانة التراجيدية في نهايتها سواء في مسلسل أو رواية ينطوي علي كثير من الخيال والرغبة الشغوفة في حبك التفاصيل بجانب بعضها البعض علي شكل مربعات كي تتضح الصورة.
تتشابه بطلة أرتيست" سلمي حسن" أو سالومي أو سوسو، مع سعاد حسني بالملامح وبسنوات الطفولة البائسة. لكن الكاتبة تستبدل المكان ويصير مكان نشوء بطلتها هو "حي القصار" في بيروت بين أب سكير يقيم علاقة محرمه مع ابنته الكبري "نوال" ، وبين أم من أصل مصري قادتها الأقدار للزواج من هذا الرجل، الذي كان يعمل نادلاً في الكابريهات لذا قيل عنها إنها كانت تعمل أرتيست، وبين أخ مضطرب عقليا ليس له دور في النص سوي أنه أحد الأسباب التي تدفع "سلمي" إلي الإحساس بالإحراج والخجل بين الجيران والأصدقاء.
كل الأحداث تبدأ باكراً جداً في حياة "سلمي" منذ عمر الثامنة، وعملها مع فريق التمثيل في المدرسة، ثم لاحقاً في عمر الحادية عشرة ولقائها لمخرج أرمني كان يعمل في التليفزيون لبنان ويدفعها للمشاركة في مسلسل تليفزيوني بوصفها فتاة صغيرة، من هذه البوابة تبدأ الخطوات الأولى في حياة سلمى الفنية قبل انتقالها إلي مصر بعد نشوء علاقة بينها وبين المليونير اللبناني من أصل يوناني "كميل " الذي يكبرها بأكثر من أربعين عاماً هذه العلاقة التي تعتبر أكثر العلاقات تأثيراً علي حياتها الفنية، وأيضا علاقتها بالمخرج "مدحت" الذي تزوجته فيما بعد، وهي في مطلع الثلاثينات من عمرها لكن الكاتبة في انتقالها بالسرد من بيروت إلي القاهرة لا تغوص كثيراً في الكشف عن العوالم الفنية التي دخلت فيها "سلمي" ولا تكشف عن حياتها العائلية كثيراً بل تكتفي بسرد تفاصيل علاقة تنافس خفي بينها وبين شقيقتها نوال التي تتمتع بصوت عذب فيما تعمل "سلمي" علي كبت أي محاولة من شقيقتها لإظهار هذه الموهبة.
يتم السرد منذ بداية النص عبر شخصية مجهولة هي "Miss x" تقوم بإرسال إيميلات إلي إذاعة بي.بي.سي، التي تقوم بإعداد برنامج عن حياة "سلمي حسن" لكن كل الإيميلات التي ترسلها الفتاة المجهولة وحتي ظهورها في الحلقات الأخيرة من البرنامج يساهم أكثر في إضافة مزيد من الغموض علي حياة البطلة "سلمى حسن"، فهل هذا ما سعت إليه الكاتبة هادياً سعيد؟
تفتح الرواية عدة احتمالات علي ظروف موت سلمى فهي ارتبطت بعلاقة مع "كميل " الذي كان له علاقات غامضة علي المستوي السياسي، مما يدفع مخابرات بعض الدول إلي اتهامها بالجاسوسية وملاحقتها وتهديدها، تقول في وصف علاقتها مع "مدحت":" بدأت أخفي عنه رسائل التهديد فيظنها رسائل غرام، يعذب نفسه بالشك وأتعذب لعذابه ولا أستطيع أن أحكي له كنت أظن أن الشك الغرام سيكون أرأف به من شك هذا السيل من الشتائم والتهديد" ص304
تكتب هادياً سعيد روايتها بأسلوب سردي تحاول أن تضمنه جانباً من القص البوليسي المثير من حيث وجود شخصية مجهولة تقود الأحداث منذ البداية عبر إرسال الإيميلات، وأيضا في جانب السؤال المطروح علي مدار النص هل سلمي حسن هي سعاد حسني؟ لكن ليس هذا الجانب فقط هو الجانب المثير في الرواية بقدر تمكن الكاتبة من صياغة عالم متكامل وشيق من حياة نجمة ما كانت نهايتها غامضة، حياة سلمي حسن التي سارت بشكل عكسي لحياة والدتها التي يتم التلميح أنها كانت تعمل في كباريهات شارع الزيتونة، ثم تزوجت واختارت حياة البيت بعد إنجابها لثلاثة أبناء سلمي التي تصف جمال والدتها وقوامها المتناسق لا تحكي أبداً عن دهشة الأم من ولوج سلمي إلي علم الفن وكأن الأم علي دراية وخبرة سابقة بتفاصيل هذا العالم الذي انسحبت منه قبل أن تكمل خطواتها فيه لكن الأم ليست أكثر من أرتيست سابقة في أحد كباريهات الزيتونه أيام الستينات، أما سلمي فإنها تتحول لنجمة لممثلة ترتبط بعلاقات فنية مع أبرز وجوه الفن والأدب في القاهرة مثل أحمد رامي وصالح جودت وعاطف سالم، الذي يدفع مسيرتها الفنية إلي الأمام.
هكذا تتشابك الحكايات المثيرة في رواية "أريتست" مثل حكاية الأخت نوال، التي تعمل في الغناء ثم تتدرج وتعتزل ولا يتم الحديث بشكل مطول عن نوال، وعن تفاصيل احترافها للغناء سوي أنها التقت مع محمد سلطان وفايزة أحمد التي أعجبت بصوتها ودفعتها لتسجيل إحدي الأغنيات، لكن الرواية منذ البداية وحتي النهاية تستمر في الدوران حول أسرار يرغب القاريء بمعرفتها خاصة مع ذكرها لأسماء فنية حقيقية لبطلات أفلام ومخرجين بارزين في السينما المصرية.
هاديا سعيد التي وقعت في هوى الزمن الماض تهدي الرواية إلي روح أزمنة الخمسينات والستينات الجميلة وروح الأمكنة في بيروت والقاهرة والإسكندرية، وإلي روح السينما والأغنيات، لقد سبق لهذه الكاتبة التي ولدت وعاشت في بيروت أن أصدرت من قبل روايتين هما "بستان أحمر" و "بستان أسود" ولها تجربة عن بغداد كتبتها تحت عنوان "سنوات مع الخوف العراقي، فالكاتبة عبر الإهداء وعبر توجيه شكرها للأسماء الواردة في الصفحة الأولي قبل البدء بالرواية تعبر عن إحساسها بالحنين للكتابة عن زمن ما انقضي، ولم يعد موجوداً الحنين للمدن، للشوارع، للنجوم، لسينما تعيش انكساراً.
لكن لماذا اختارت هادياً سعيد سعاد حسني؟ لماذا اختارتها لتخلق بطلة علي الورق تحاكيها في الانطلاق والجرأة، هل هو الحنين أيضا؟
سلمي حسن بطلتها القلقة التي تعيش برداً وتوجساً دائماً، الفتاة الساذجة التي تعيش لذه الاكتشاف والتوهان في القفز من خط إلي آخر، هذا التوهان موجود في النص عبر ابتداع الكاتبة لثلاث شخصيات يحملن اسم "سلمي" هناك "سلمي وان" التي تعني سلمي حسن، وهناك "سلمي تو" التي تظهر في الحلقات الإذاعية عبر الاتصال فقط، ثم سلمي الثالثة أي "Miss x"، التي يتم استنتاج أنها ابنة أختها نوال، والتي تكشف أن سلمي حسن هي خالتها النجمة المشهورة حيث يتضح الشبه الكبير بين "Miss x" والنجمة الراحلة .
هكذا تقود هادياً سعيد قارئها إلي تناسخ في بطلاتها "سلمي وان"، وسلمي تو، ثم سلمي غسان حسن، وربما هنا تمكن متعة الرواية في انفتاحها علي عدة تأويلات، حيث سلمي الثالثة تكشف أوراقاً وألغازاً تتعلق بموت سلمي الأولي، هناك صندوق مغلق للفنانة ورسائل بينها نسخ من رسائل التهديد الموجهة إلي سلمي، ونسخ من رسائل مصالحة بين نوال وسلمي، ورساله موجهة إلي سلمي حسن تضمنت عرضاً بمبلغ مالي كبير في مقابل الحجاب.
في نهاية الرواية تنفتح احتمالات أخري، بل أن الجزء الأخير المرتبط بظهور "Miss x" يكشف الاحتمالات في ذهن القاريء محولاً موت سلمي حسن إلي لغز مفتوح، لكن ربما ما أثر سلباً علي النص هو غرق الكاتبة في السرد التفصيلي الواقعي أكثر من عملها علي الجانب السيكولوجي حتي في سردها للعلاقة بين سلمي حسن وخطيب أختها نوال لم تتوقف مطولاً حول التفاصيل النفسية لسلوك بطلتها، هذا نجده في عدة مواقف أخري، حيث تكتفي بالشرح الحدثي من دون توضيح للمبررات، مما غيب جانباً فنياً مهماً بالمعني الأدبي السيكولوجي المعرفي القائم علي الكشف والتركيب أيضا ليس علي صعيد الحدث فقط بل علي مستوي ما يبني التفاصيل النفسية الشائكة في حياة بطلتها.
-------
الكتاب: أرتيست_ رواية
المؤلف: هاديا سعيد
الناشر: دار الساقي - بيروت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.