لأول مرة.. دعم المعمل المشترك بمطروح بجهاز السموم GC/MS/MS    محافظ الجيزة يشهد توزيع 9 أطنان من لحوم الأضاحى على الأسر الأولى بالرعاية    اليوم.. آخر موعد للتقدم لترخيص 50 تاكسي جديد بمدينة المنيا    جيش الاحتلال الإسرائيلي يزعم: لم نحاول تنفيذ عملية لتحرير الأسير متان تسينغاوكر في غزة    الخارجية الأمريكية: روبيو بحث في اتصال مع نظيره الفرنسي التطورات بالشرق الأوسط    السيسي يتلقى اتصالًا من رئيس وزراء باكستان للتهنئة بعيد الأضحى ويؤكد تعزيز التعاون بين البلدين    لبنان يحذر مواطنيه من التواصل مع متحدثي الجيش الإسرائيلي بأي شكل    منتخب إنجلترا يتغلب على أندورا بهدف نظيف في تصفيات كأس العالم    العيد فرحة.. حدائق القناطر الخيرية تستقبل المحتفلين بعيد الأضحى المبارك    استعدادات مكثفة لتأمين مركز أسئلة الثانوية الأزهرية في كفر الشيخ    إدارة المحاكم في إسرائيل: تحطيم نوافذ المحكمة العليا خلال مظاهرة في القدس    رئيس جامعة القاهرة يتلقى تقريرا عن أداء مستشفيات جامعة القاهرة خلال عيد الأضحى    اصطدام سيارة بحشد من الناس بألمانيا تسبب في عشرات القتلى والمصابين    شريف منير يوجه رسالة لابنته أسما بعد عقد قرانها على شاب من خارج الوسط الفني (فيديو)    كل عام ومصر بخير    مانشستر سيتي يحسم صفقة آيت نوري    عيّد بصحة.. نصائح مهمة من وزارة الصحة للمواطنين حول أكل الفتة والرقاق    القومي للمرأة ينظم لقاءاً تعريفياً بمبادرة "معاً بالوعي نحميها" بكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس    سيجارة أشعلت النيران.. مصرع أربعيني أثناء تعبئة البنزين في قنا    مصرع سيدة أسفل عجلات قطار فى البحيرة    السيسي ورئيس الوزراء الباكستاني يؤكدان أهمية تعزيز التشاور والتنسيق تجاه القضايا الإقليمية والدولية    إعادة هيكلة قطاع الكرة داخل الزمالك بخطة تطويرية شاملة.. تعرف عليها    مجانا.. قصور الثقافة تطلق عروضها المسرحية بإقليم جنوب الصعيد الثلاثاء    سلمى صادق واندريا بيكيا وشريف السباعى فى أمسية ثقافية بالأكاديمية المصرية بروما    هدية العيد    فى موسم الرحمة.. مشاهد البر تتصدر مناسك الحج هذا العام.. أبناء يسيرون بوالديهم نحو الجنة بين المشاعر المقدسة.. كراسى متحركة وسواعد حانية.. برّ لا يعرف التعب وأبناء يترجمون معنى الوفاء فى أعظم رحلة إيمانية    مصطفى عسل يتأهل لنهائي بطولة بريطانيا المفتوحة للإسكواش    حركة فتح: مصر تؤدي دورًا محوريًا في القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية    "أكلات العيد".. طريقة تحضير الأرز بالمزالكيا    اللحوم بين الفوائد والمخاطر.. كيف تتجنب الأمراض؟    المركزي الأوروبي يقترب من إنهاء دورة خفض الفائدة    بعد تخطي إعلان زيزو 40 مليون مشاهدة في 24 ساعة.. الشركة المنفذة تكشف سبب استخدام ال«ai»    ما حكم من صلى باتجاه القبلة خطا؟.. أسامة قابيل يجيب    زلزال بقوة 5.2 درجة يضرب اليونان    مها الصغير: أتعرض عليا التمثيل ورفضت    مجدي البدوي: تضافر الجهود النقابية المصرية والإفريقية للدفاع عن فلسطين| خاص    وزارة النقل: الأتوبيس الترددى يعمل طوال أيام العيد فى هذه المواعيد    المالية: صرف المرتبات للعاملين بالدولة 18 يونيو المقبل    رونالدو: الحقيقة أنني لن أتواجد في كأس العالم للأندية    الصناعة: حجز 1800 قطعة أرض في 20 محافظة إلكترونيا متاح حتى منتصف يونيو    بشرى تتألق بإطلالة صيفية أنيقة في أحدث جلسة تصوير لها| صور    محمد سلماوي: صومعتي تمنحني هدوءا يساعدني على الكتابة    الأحزاب تستغل إجازات العيد للتواصل مع الشارع ووضع اللمسات الأخيرة على قوائم المرشحين    12 عرضا في قنا مجانا.. قصور الثقافة تطلق عروضها المسرحية بجنوب الصعيد    البابا تواضروس الثاني يعيّن الأنبا ريويس أسقفًا عامًا لإيبارشية ملبورن    عيد الأضحى 2025.. ما حكم اشتراك المضحي مع صاحب العقيقة في ذبيحة واحدة؟    الداخلية ترسم البسمة على وجوه الأيتام احتفالا بعيد الأضحى| فيديو    الأحوال المدنية: استمرار عمل القوافل الخدمية المتنقلة بالمحافظات| صور    لبنان.. حريق في منطقة البداوي بطرابلس يلتهم 4 حافلات    تعرف على الإجازات الرسمية المتبقية فى مصر حتى نهاية عام 2025    البحيرة.. عيادة متنقلة أمام النادي الاجتماعي بدمنهور لتقديم خدماتها المجانية خلال العيد    شعبة الدواجن تعلن هبوط أسعار الفراخ البيضاء 25% وتؤكد انخفاض الهالك    إذاعة الجيش الإسرائيلي: العثور على جثة يُرجح أنها تعود للمسؤول العسكري البارز في حماس محمد السنوار جنوبي غزة    العيد أحلى بمراكز الشباب.. فعاليات احتفالية في ثاني أيام عيد الأضحى بالشرقية    وزير الزراعة يتابع أعمال لجان المرور على شوادر وأماكن بيع الأضاحي وجهود توعية المواطنين    إجابات النماذج الاسترشادية للصف الثالث الثانوي 2025.. مادة الكيمياء (فيديو)    «المنافق».. أول تعليق من الزمالك على تصريحات زيزو    معلومات من مصادر غير متوقعة.. حظ برج الدلو اليوم 7 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حديث عن الأديان

هكذا ظلت الأديان.. مكمن الأسرار العلوية وبؤرة اليقين الأبدي والحقيقة الهاربة من عقول البشر والمستأثرة بأغوار الحكمة والمتصدرة مسيرة الإبهار المعرفي. من ثم فالأديان وعلي إختلافها قد مثلت لدي الإنسان منذ وجد علي الأرض إشكالية ذهنية وروحية كبري لم يستطع وحتي الآن وما بعد الآن الإنفلات من أسرها, ذلك أنها قد أتحفته بعواصف الحيرة والدهشة والتفكر, تلك التي ظلت لصيقة به بل باتت تعمل في كيانه وتتحسس روحه ووجدانه وتزجر عقله وتحتويه أيضا!!
ولعل أكبر طاقة خلافية علي الأرض كان مصدرها الأديان ليس لقصور فيها بل لطبيعة فاعلية العقل معها خلال آلياته القائمة علي الإدراك والتحليل والتعليل والسببية والإستقصاء والتناقض, فعقول قد فتنتها الأديان وأخري لفظتها وإعتمدتها كأساطير وخزعبلات, لكن هل تساوي جمهور هذا وأشياع ذاك أم أن الفارق كان هائلا حاسما دالا؟ وأي الفريقين قد تحول إلي خندق الآخر في المدي الزمني لعلاقة الإنسان بالعقيدة؟
وكيف أقاموا بناء المعادلة القائلة بأن الإيمان يمكن أن يكون موضوعا مباشرا للعقل بينما الأديان قد أتت بخوارق وإعجازات تقوقع العقل دون إستيعابها حتي في أشواطه التطورية؟ ولا يعد ذلك علي أي نحو تقليلا من وضعية تلك الطاقة الجبارة الكامنة في الكيان الإنساني وإنما نرمي لتأكيد أن العقل مازال أمام إستحالات كثيرة متعددة أبسطها وأهونها بقاء وإستمرارية تلك الأسئلة الوجودية الخالدة وهو ما يعني أن حركة العقل وإنطلاقاته تجاه ذلك لا تزال متجمدة لأنها لم تبلغ مصاف الجواب التاريخي الذي يسجل لها شهادة الردع الفكري.
ولعل التحذيرات المتوالية للعقل ليكف عن التفكير في القضية الإيمانية ليصبح عقلا حرا كاملا متسقا إنما تنطوي علي إدانة ضمنية للعقل ذاته, إذ أنه يطرح علينا إثر طوافه وتجوله وإنهماكاته مع القضايا والإشكاليات والأفكار والمذاهب والرؤي والنظريات فكرة أن الأجسام المتغيرة لا تخلق نفسها كما إنه لا يخلق حقائقها بل غايته أن يفهمها, من ثم كيف له أن يجانب الإيمان وينشد الكمال إلا لو كان ذلك محاولة بريئة لقمع الذات, وإذا كانت الأديان إنما قد جاءت لتحجم غرور الإنسان وتقلص سطوته لتدفعه نحو التفكير في قوة عليا تحرك الوجود وتستأثر بالخوافي والمجهولات, فأين يكون موقع الإستعلاء والترفع والخيلاء داخل هذا العقل وقد غابت بعض من مفردات القضية؟ وإذا كان للعقل أن يؤمن بذاته إيمانا مطلقا في ظل ممارساته العاتية في إقتحام الأشياء والظواهر فلماذا ظلت الطلسمات العديدة تمثل تحديا كبيرا لم يقو علي كسره؟ إن الأديان قد جاءت لتمثل ترجمة إعتدالية في إقامة الصلات القو ية بين الكون والإنسان, من ثم فهي لم تقدس شيئا بأكثر من العقل وطاقاته ولم تعلي عليه شيء لكنه لن يجاوز منتهاياته, ولعل حركة التقدم الإنساني تعد شاهدة علي قصوره بأكثر من شهادتها علي إنطلاقاته لسبب جوهري أصيل هو أنه لم يستطع أن يبلغ أقصاها في طرفة عين منذ أن بدأ جدلياته وحواريته التاريخية مع الزمان والمكان بل لحظته التأسيسية للوعي.
وإنطلاقا تتخذ قضية العلم والدين نمطية صراعية بلغت أوجها في هذا المنعطف التاريخي الذي إتسم العلم فيه بجموح وجبروت وسطوة حين طوق جنبات الكون ومثل إنشطارا معرفيا صارت خلاله أحلام البشر واقعا ملموسا واعتبار ان كل المعارف العلمية الكلاسيكية هي أبجديات وبداهات بل تراث بائد ذو طابع أفقي منبت الصلة بطابعه التصاعدي المضطرد الذي تحول علي أثره لعقيدة فتنت أنصار المادة وأشبعت دعاة النفعية.
لكن الحقيقة الموضوعية إنما تشير دائما إلي أبعاد عدة.. منها أن العلم ليس إلا حصاد مسعي إنساني دؤوب, وإنه سيظل يغير أدواته وإيقاعاته المنهجية لأنه ذو صلة وثيقة بوتيرة الزمان والمكان ونسبية الحقائق ومعطيات اللحظة, من هنا فهو لا يبلغ مرامي القداسة التي يمكن أن تحله محل العقيدة نظرا لوجود علاقة عكسية بين حركة التقدم وشيوع العديد من المعضلات الكبري المثيرة لإضطراب كوني متفرد, لكن سيظل للعلم سلطته وكبريائه لأنه الصيحة المدوية التي أطلقها البشر ورسالة الأرض إلي السماء!! وكذلك تظل العقيدة ظاهرة إجتماعية تزخر بالحقائق العليا المتسامية وتدعو للفضيلة وإستحضار القيم ومخاطبة البصيرة بجانب كونها واحة تحتضن كل الأسس المعرفية للجدل.
ولعل كل ذلك إنما يتطلب تفسييرا حداثيا يقرر الوضعية الإنفصالية الإتصالية في إطار تساؤلات كاشفة يتقدمها: لماذا تلاشت الحاسة الدينية ولم يعد للأديان مركزا محوريا في بؤرة العقل المعاصر؟ وهل كرست العلاقة بين العلم والأديان مفهوم الإغتراب الديني والإستلاب الروحي؟ ولماذا تم إقصاء الأديان عن معترك الحياة بإيقاف فاعليتها كاستراتيجية نهضوية إحيائية؟ وهل إستئثار الأديان بالغيبيات قد أصبح يتنافي مع الطبائع الإنسانية التي توسمت في العلم أن يكون هو المرجعية الأصيلة في تفسير الأشياء وتحليلها؟ وهل تستطيع الطاقة الذهنية إكتناز كافة تفصيلات الخضم المعلوماتي؟
وهل يشير ذلك إلي ضرورة تأليه العلم وقد عهدت مسيرته إخفاقات عدة أم إلي ضرورة تأليه الإنسان وهو المتوعك في أزمات حواسه القاصرة؟ ولماذا إتخذ تقييم العلم للأديان منحي سلبيا بينما إتخذ تقيم الأديان للعلم منحي إيجابيا؟ إن الحلم الإنساني المترنح سيظل رهنا بإحداث صحوة دينية ترتكز علي طموح الوعي الكوني ويقظة الضمير العلمي المؤسس علي القيمة الأخلاقية, فهما العاصم الأوحد للإنسانية الغارقة في طوفان النزعات العدمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.