عكس حادث مسجد الروضة بالعريش مدي التطرف الأعمي الذي وصلت إليه جماعات خوارج هذا الزمن التي تكفر عموم المسلمين وترتكب أبشع الجرائم في التاريخ الإنساني دون رادع من دين أو انتماء للإنسانية. وبدا الهدف الحقيقي لجماعات الشيطان هو النيل من شعب مصر بكامله في أمنه واستقراره ومصادر عيشه ووحدة أبنائه وحياة مواطنيه, وليس من نظام سياسي أو فئة بعينها مثلما كنا نعتقد, أومثلما كانوا يدعون ويروجون. فهاهو إرهابهم العفن تخطي الرقاب لينال من الركع السجود في بيت أذن الله أن يرفع ويذكر فيها اسمه بأمن واطمئنان العابد للمعبود,.. ولم يعد يعبأ كثيرا منفذوه' الكفرة الفجرة' القتل في رجب وشعبان ورمضان,والأشهر الحرم, ولا في أيام عطرة تحتفل فيها الأمة الإسلامية بمولد نبي الرحمة وخير من أنجبت البشرية. وشتان بين من يقدم علي ربه مصليا راكعا ساجدا, وبين من يقدم عليه محادا لله ولرسوله بقتل النفس التي حرم الله بغير حق,و يحسبون أن قتل المناجين ربهم في الصلوات, يرضي رب الأرض والسموات, ولم يعلموا أنه من أكبر الكبائر والذنوب الموبقات, والعظائم والخطيئات,تلك أفعالهم الشنعاء. نعلم... أن أعداء شعب مصر كثر, وهم من بين أيدينا ومن خلفنا, وعن أيماننا وشمائلنا, ومن بني جلدتنا ومن أبناء العمومة والجيران وفي كل مكان, وكلهم متحالفون علي إيقاعنا في الفرقة والتقسيم والشرذمة وكسر إرادتنا, لذا بات علينا الانصياع لحق القصاص من القتلة ووقف مآتم الغدر. إن مصر التي استنفدت كل محاولات الترميم والدهانات والمساحيق لإنجاح ثورتها, لم يعد أمامها من سبيل سوي هدم معابد تجار الدين والسياسة التي أقاموها بكذب وتضليل علي الجدران القديمة المتهالكة التي شهدت عمليات الصلب والجلد لأجساد, وضمائر حية محبة للوطن, وغيورة علي حقوقه ومكتسباته. فلقد مللنا من دعاة الفتنة وناشطين ينفخون في كير الطائفية التي أرادوها حليفا ومناصرا لمسعاهم, ونخب يأخذ بعضها برقاب بعض عندما تتعارض المصالح, وسرعان ما ينكشف أمرها ويذاع سرها. كما لابد من هدم صوامع ومعاول الإعلاميين الذين يشعلون نيران الكراهية من أجل ثمن بخس ودراهم معدودة, ومقاطعة فضائيات الفتنة وصحف المقاولات.. إلي جانب تغيير مفاهيم فئات عريضة من شباب يعتقد أن بلاده مجرد ملعب كرة قدم, تتنافس في مدرجاته جماهير مشاغبة ومأجورة, أو مجرد صفحة إلكترونية علي تويتر وفيس بوك, يكتب ضدها ما يشاء ويسيء إلي من يشاء ووقتما يشاء الغير!! لقد فات وقت السكوت, وحانت ساعة العمل والتجديد, وإعادة البناء والتأسيس لكل مناحي حياتنا وفقا لمعايير سليمة, واعتبارات أخلاقية ودستورية ودينية, لا استثناءات فيها إلا بالانتماء والإخلاص والولاء للكيان الوطني الكبير الذي أهم مواد بنائه' التضحية'. إن شعب مصر ليس في حاجة إلي مد يديه إلي الأيادي المضرجة بالدماء التي تدق علي بابس ز بها عوراتها وعجزها وفشلها, وتعلق علي أستارها أخطاءها وخطاياها, حتي تستطيع أن تواصل زحفها المقدس نحوالسلطة, ولكي تصرف الأنظار عن المساءلة والحساب والعقاب. وليس بحاجة إلي عبارات الشجب والإدانة' المملة' من دول دبرت ومولت ودربت علي أراضيها جماعات الإجرام, فشعبنا قادر علي مواجهة طغاة الإرهاب وتحطيم سدنته,ولن يفقد الثقة في قدرات جيشه وشرطته مهما وقع من ضحايا وشهداء ومهما كلفته فواتير الغدر والخسة. إن ابلغ رد علي المجزرة اللا إنسانية بحق' الساجدين' في مسجد الروضة هو الدعوة لإقامة صلاة مليونية يشارك فيها الشعب بطوائفه وحكومته ورئيسه علي أرواح شهداء الغدر بنفس المسجد,..ونبعث عبرها برسالة للمتربصين بالداخل والخارج مفادها:' مهما تكن أفعالكم فلن تكون سوي نقطة في محيط مصرنا التي أعلي الله ذكرها في كتبه السماوية, أو شعاع في شمسها, أو خيط في نسيجها, أو رملة في صحرائها, أو حرف في تاريخها'.