لست وحدي, بل غيري كثيرون, استفزهم حوار عماد الدين أديب مع الإرهابي الليبي عبد الرحمن المسماري, المتورط في حادث الواحات البحرية, خاصة أن الإرهابي القاتل المجرم, الذي يستحق الإعدام في ميدان عام, ظهر وهوفي كامل هيئته بعمامته وهندامه, يحاور ويجادل المذيع, ويرد عليه الكلمة بالكلمة, والحجة بالحجة, فهل هذا معقول أوممكن أن يتخيله عقل؟ ونحن في وقت تخوض فيه الدولة المصرية حربا ضروسا ضد الإرهاب. أي إعلام هذا الذي يقارن بين بطل وإرهابي؟! أي حياد إعلامي هذا؟! ولمصلحة من؟! وما هوالهدف من هذه المقارنة الفجة؟! وأقل ما توصف به أنها جريمة في حق الوطن, وجريمة في حق أسر شهداء حادث الواحات البحرية, الذين استفزهم وأثار حفيظتهم, ظهور قاتل فلذات أكبادهم, في كامل لياقته البدنية والعقلية, وهورابط الجأش, متماسك صلد, يجادل ويناقش, ولا يهاب الموت, حتي لوسلمه الإعلامي لأمهات الشهداء, لأن الأمر بالنسبة له لا يفرق كثيرا فهي ميتة واحدة. وأتساءل.. ما هوالغرض من استضافة هذا الإرهابي الذي ما تزال دماء أبنائنا من ضباط وأفراد الشرطة تتساقط من يده الآثمة؟ هل هوالسبق الإعلامي؟ فليذهب هذا السبق إلي الجحيم, طالما سيظهر فيه الإرهابي لا يهاب الموت, مؤمنا بأفكاره, لديه حجة ومنطق في كل ما يقوله, أمام إعلامي لم يكلف نفسه حتي عناء الإعداد الجيد للمقابلة, فظهر جاهلا أمام الإرهابي, عاجزا عن الرد بالآيات التي تحرم قتل النفس حتي غير المسلمة. وبعيدا عن الهدف من إجراء هذا الحوار مع الإرهابي, الذي لا أري أي جدوي تذكر من ورائه, كان من المفترض ألا تحدث مقارنة بين إرهابي وبطل, لأن الفارق بينهما شاسع, فهذا البطل, محمد الحايس, يدافع عن الحياة بكل ما تعنيه الكلمة من معان, وهذا الإرهابي المعبأ بالكراهية والحقد والغل لا ينشد سوي الموت والقتل والخراب. وإذا كان لا بد من الحوار مع الإرهابي, فقد كان من المفترض أن يجري اللقاء معه في محبسه, خلف القضبان, بملابس السجن, ويكون الهدف من الحوار فقط الحصول علي معلومات تبين انتماءه لتنظيم القاعدة, وأعوانه, والذين وفروا له الملاذ الآمن والمؤن والمساعدات, وكيف وصل الإرهابيون من ليبيا إلي مصر, وكيف تحركوا داخلها. والخطيئة الكبري التي وقع فيها المذيع, هي التطرق في حواره إلي مناقشه فكر الإرهابي ومعتقداته وإيمانه, في وقت لا يملك فيه القدرة علي الرد علي كلام الإرهابي, وكان من الأفضل في حالة التطرق إلي فكر الإرهابي استضافة عالم دين بارز, أومتخصص يملك الخبرة والبرهان الساطع, يرد علي الإرهابي بآيات القرآن والأحاديث النبوية, بما يدحض حجته, ويظهر جهله وخطأ أفكاره ومعتقداته, ويكون دور المذيع هنا إدارة الحوار فقط. ومما يثير الحزن والدهشة في آن واحد.. الحزن علي ما آل إليه حال الإعلام في مصر, من تخبط وعدم وجود إستراتيجية إعلامية متكاملة, تتوزع فيها الأدوار, وتتلاقي علي مصلحة الوطن, بدلا من هذا التخبط الذي نراه, فالكل يعمل في جزر منعزلة, يبحث عن السبق والمكسب ونسب المشاهدة, ولتذهب المصلحة العليا للوطن إلي الجحيم.. والدهشة من أن هذا الحوار الذي تمت إذاعته كان مسجلا وليس مباشرا, فلماذا لم يتم الاكتفاء بعرض ما قاله الإرهابي عن انتمائه لتنظيم القاعدة, وكيف خططوا لحادث الواحات البحرية, وكيف دخلوا مصر, بدون التطرق إلي فكره ومعتقداته؟! كلمة أخيرة سندرك قيمة ماسبيروبعد فوات الأوان..