أبناء الدقهلية..أبطال في تخطي الإعاقة

في الدقهلية لا يخلو مركز أو قرية من مواهب مطموسة تبحث عن مكتشفيها وعلي الرغم من مرورهم بظروف من نوع خاص جعلتهم يفقدون إحدي حواسهم إلا أن باقي حواسهم كانت تدفعهم دائما للأمام لإثبات ذاتهم.
هناك نموذج للشاب المكافح الذي فقد بصره يتمثل في محمد جمعه عباس العشري من قرية ميت طاهر التابعة لمركز منية النصر بالدقهلية, والذي يروي قصته بشيء من التفاؤل رغم مرارتها قائلا: لقد كنت طفلا مبصرا في المرحلة الابتدائية ولكن بصري بدأ يضعف ولم أكن أعلم أن لدي مشكلة خلقية بالقزحية وبدأت أفقد بصري وألحقتني والدتي التي تعمل بالتدريس بمدرسة النور للمكفوفين في المرحلة الاعدادية ولأنني فقدت والدي مبكرا فقد قررت أن اكون علي قدر من المسئولية وعاونتني شقيقتي الكبري فاطمة وهي طالبة بكلية التربية وعباس شقيقي الاصغر وهو بالتعليم الصناعي لكي أتجاوز مصاعب الحياة وكانت الكارثة عندما فقدت ما تبقي لي من البصر بسبب نزيف اثناء عملية بالعين ناجم عن خطأ طبي.
وتابع محمد: مع جو الظلام الذي أعيشه استشعرت بنفسي الموهبة الفنية وهي الرسم علي النحاس وتعرفت بالصدفة علي احد الأكاديميين بهذا المجال وشجعني علي تعلم هذا النوع من الفن وتخيل اللوحة التي ارسمها واقوم برسمها من وحي خيالي وتعلمت في إحدي الجمعيات الخيرية, وشاركت قي عدة معارض بلوحاتي التي رسمتها من وحي خيالي, وحصلت علي المركز الثاني للوحاتي النحاسية في معرض أمنية مصر بالمنافسة مع ذوي احتياجات خاصة ومن دور الرعاية والأيتام وكان شعار المسابقة( أد الحياة) بحضور الفنانة يسرا, وحصلت ايضا علي جائزة تشجيعية في مسابقه صالون الفن الخاص والتي أقيمت بمتحف سعد زغلول, بالإضافة إلي شهادة تقدير في المؤتمر العربي لذوي القدرات الخاصة.
ويقول محمد عبد الحميد اباظة مدير إدارة التربية الخاصة والحاصل علي ماجستير في التربية الخاصة ان هدفنا هو إبراز مواهب أبنائنا من ذوي القدرات الخاصة والارتقاء بمستواهم فهم فقدوا حاسة واحده فقط من حواسهم لكن باقي حواسهم مرهفه جدا
وأكد: عملت في مجال التربية الخاصة في عام1995 وكانت التربية الخاصة قاصرة علي السمع والبصر والفكري وفي عام2009 تم دمج ذوي الاعاقات البسيطة والتوحد والذين كانوا مهمشين بمدارس التعليم العام ولكن تحت إشرافنا.
ونفخر بأن فريق كرة القدم للصم والبكم حصل العام الماضي علي المركز الثاني علي مستوي الجمهورية, كما نشرف بحصول الطالبة رجاء سراج علي المركز الثاني علي مستوي الجمهورية في الإلقاء للمكفوفين كما حصلت جماعة الصحافة والإعلام بمدرسة المكفوفين علي المركز الثاني علي مستوي الجمهورية العام الماضي, لافتا إلي أنه في كل عام يتم عمل سلسلة من المعسكرات بجمصة وذلك منذ3 سنوات ويشرف علي المعسكرات مشرف فني ومشرف رياضي, ويتم تكريم المواهب.
أضاف أنه يتم إقامة مهرجان للأنشطة كل عام من خلال معرض مجمع للأنشطة للملابس الجاهزة والتريكو للصم والبكم وللتربية الفكرية وذلك بالتعاون مع إدارة الجامعة بالمنصورة, إلي جانب إقامة فقرات فنية مثل المسرحيات وعروض الغناء وعروض رياضية في حفل ختام الأنشطة, وإقامة عيد للمعاق في شهر ديسمبر ويتم تنظيم برنامج لختام الأنشطة في شهر مارس.
وفي جامعة المنصورة كان الدكتور مينا ميشيل المدرس المساعد بقسم العمارة مثارا للحديث بكلية الهندسة والذي كرمته إدارة الجامعة بحضور رئيس الجامعة الدكتور محمد القناوي نظرا لتفوقه العلمي وتغلبه علي ضعف بصره الحاد وتفوقه في إتمام المنحة الدراسية للحصول علي رسالة الدكتوراه من جامعة براون شفايج للتكنولوجيا تحت عنوان ديناميكية الاتزان في مباراة التنمية عبر حوض النيل والدراسة تتناول تطور التنمية العمرانية عبر حوض النيل علي مدار المائة وخمسين عاما الماضية
وأكد الدكتور مينا أنه قام بإنجاز الدراسة خلال فترة المنحة المقدمة من الهيئة الألمانية للتبادل العلميDAAD بمدينة بون بألمانيا عن طريق مشروع مركز التميز لدراسات ادارة المياة المستدامة وشارك بالمشروع35 جامعة حول العالم وأقوم حاليا بنشر البحث دوليا واستكمال الأبحاث التي شاركت بها بجامعة براون شفايج للتكنولوجيا.
وعبر الدكتور مينا ميشيل عن سعادته البالغة لتكريمه من جامعة المنصورة ورئيسها مشيرا إلي أن ضعف البصر الحاد الذي أصيب به لم يكن مانعا أو حاجزا علي تفوقه ونبوغه في مجال العمارة والتدريس والحصول علي منحة دولية بألمانيا وقال: تخرجت رغم ضعف بصري الحاد بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف من قسم العمارة بكلية الهندسة جامعة المنصورة وكنت الأول علي الدفعة فعينت معيدا بالقسم وخلال الفترة من2008 إلي2013 حصلت علي درجة الماجستير وتم ترقيتي لدرجة مدرس مساعد واستطعت تطوير تقنيات الرسم الخاصة بي كما طورت أيضا أسلوب تدريسي للطلاب في المحاضرات والسكاشن العملية.
وأوضح أنه تخصص أثناء دراسة الماجستير في استخدام أدوات المحاكاة للوصول إلي مبان ذات أعلي كفاءة في استهلاك الطاقة والحفاظ علي البيئة, وحصلت علي العديد من المنح التنافسية قصيرة الأجل كان أهمها التدرب لمدة ثلاثة أشهر في ألمانيا ولفترة مماثلة في الولايات المتحدة علي استخدام تلك التكنولوجيا.
تابع: قمت بنشر عدة أوراق بحثية في أهم المؤتمرات العلمية في تخصص كفاءة استهلاك الطاقة في المباني وتم اختياري لتمثيل طلاب الدكتوراه في المشروع البحثي خلال المؤتمر الختامي للمرحلة الأولي والذي حضرته وزيرة البيئة الألمانية ومديرة الهيئة الألمانية للتبادل العلمي.
وقد أعلن رئيس الجامعة خلال اللقاء عن ضم الدكتور مينا ميشيل الي أعضاء مجلس معاوني رئيس الجامعة من الهيئة المعاونة ويمثل كلية الهندسة في المجلس كما يمثل ذوي القدرات الخاصة بالجامعة نظرا لتميزه وتفوقه الملحوظ.
وفي مدرسة دقادوس للصم وضعاف السمع برزت الكثير من المواهب التي لم تجد يد المساعدة والمعونة لتمتد إليها, تؤكد صفاء الباز مديرة المدرسة أن الطلاب لديهم مواهب ممتازة وبالفعل حققوا مراكز وحصلوا علي بطولات علي مستوي الجمهورية في الأبحاث العلمية والنشاطات الفنية وعلي الرغم من ذلك فلا يوجد دعم مادي للإنفاق علي الطلاب ومساهمات الجمعيات الخيرية ضئيلة جدا فقد ساهمت مؤسسة الحصري لدعم الطلاب خلال فترة تعليمهم ولان الدولة مثقلة بالأعباء فنحن نطالب المجتمع المدني ورجال الأعمال والإعلام بتسليط الضوء علي تلك المواهب الذين يمثلون واجهه مشرفة لمصر.
وقالت: حصل الطلاب محمد شعبان وماهر نجيب علي المركزين الاول والثاني علي مستوي الجمهورية في مسابقة بحثية عن متحف التعليم, وهي عبارة عن أبحاث ورسومات تعبر عن الواقع والبيئة المحيطة وأيضا قاموا بأبحاث عن شخصيات أثرت في التقدم العلمي.
وأوضحت أن هالة السعيد وإسراء رشاد وهشام موسي ومريم عبد العظيم ونورهان شعبان حصلن علي جوائز للمراكز الأولي علي مستوي الجمهورية في تلك المسابقة والجوائز علي الرغم من قيمتها المادية البسيطة إلا أنها تدخل السرور علي الطالب, موضحة أن الأهالي يكافحون لتعليم أبنائهم علي رغم الإعاقة السمعية لذا نتمني ان مساهمة المجتمع المدني لتنمية عقولهم واستثمارهم لصالح البلد بمساعدة المدرسين الذين يقومون بعملهم بحب وعطف علي الطلاب.