عندما تصعد أعلاه ستري مصر التي لم تعرفها من قبل بألوانها الباسمة للحياة والداعية للبهجة والصمود في آن واحد, والرقة الممزوجة بعزوبة النيل المطل عليه.. برج القاهرة يتيح لك رؤية الدنيا بعيون أخري ليذكرك بحضارتك الفرعونية العريقة بداية من زهرة اللوتس المقتبس شكله منها, ووصولا إلي الشموخ لتفوقه من حيث الارتفاع علي الهرم الأكبر ب43 مترا. تظل الصورة ببرج القاهرة حلم كثير من الأجانب العاشقين لتراب أم الدنيا,ومصدر بهجة للعديد من أبناء الوطن ممن طبق بعضهم مثل الدبة اللي قتلت صاحبها,برغبتهم في توثيق حدث زيارتهم للبرج بنقش أسمائهم علي جدرانه تخليدا لتلك الذكري,دون أن يدركوا مدي جرم ما يفعلونه في حق ما تبقي من حضارتنا وبتقديمهم نموذجا وانطباعا سيئا بالخارج عن المصريين. وعلي طريقة الحب ولع في الدرة..فإن رسائل المراهقين تشوه جدران البرج بفظاظة وهمجية,حيث تحمل في ثناياها كوميديا سودة تكشف مستوي الانحدار والتدني..فإن كنت من راغبي الزيارة فلا أقل من أن تستبدل لقاء معالم الحضارة بحواديت العشاق..وبدلا من أن تستمتع بالنظر إلي تفاصيل الصرح الشامخ,عليك أن تنسجم مع سوسو التي صرحت بحبها لحودة..ومصطفي وهو بيشهد البرج علي إخلاصه لحبيبته..ورومانسية مفرطة بين محمداللي هو روح سارة..وسارة اللي هي قلب محمد طبعا..وعبارات علي الجدران تنصحهم بعدم الكتابة علي الحوائط بينما يتحداها حوكشه وعنايات بأنهما حب للأبد. فقد تعدي كل من ساهم في هذه العشوائية علي حق الأجيال في التمتع بذلك المعلم السياحي دون تشويه,ولم يحافظوا عليه ليبقي الصرح الذي أطلق عليه الأمريكان شوكة عبد الناصر,حيث يتردد أنه تكلف60 مليون جنيه في عهد الرئيسجمال عبد الناصر,وكانت الولاياتالمتحدةالأمريكية قد دفعتهم لشراء موقف مصر في الاحتلال الفرنسي للجزائر,إلا أن الرئيس الراحل خدعهم وصممت مصر علي موقفها مستغلة تلك الأموال في بناء برج القاهرة. أما علي الجانب المشابه,ومن نفس الزاوية الحضارية,نجد مأساه أخري لتكتمل المهزلة فمع اكتشاف العلماء فجوة جديدة بحجم طائرة عملاقة في جوف الهرم الأكبر,أو بالأحري تجويفا يسع200 مقعد بهرم خوفو بحسب ما جاء بتقرير مطول نشرته صحيفةنيويورك تايمز الأمريكية..يتسع معها الجدل بين الباحثين والمتخصصين وتبدأ الخلافات والمهاترات علي الساحة الإعلامية. وبين هذا وذاك تتشتت جميع الآراء لتحيرك بين تصريحاتهم المتضاربة..فنجد تقارير الفيزيائيين التي تشير إلي أن النتائج مذهلة بعد رصدهم لهيكل الهرم عبر تقنيةالتصوير المقطعي المونائيوالتي تستطيع اكتشاف جدارات الهرم وكشفت عن وجود تلك الفراغات التي تشير إلي وجود غرف محتملة.. وبين بعض علماء الآثار والمصريات المعروفين الذين أكدوا أنها ليست شيئا خاصا أو جديدا وأنها مجرد ثغرات لتخفيف الضغط واكتشفها العلماء منذ عقدين من الزمن ولا تقدم شيئا..وبين آخرين أنه ليس من المنطقي أن يكون هذا الفراغ الكبير الهدف منه تخفيف الضغط,وأنهم سيستكشفون التجويف بطائرات بدون طيار بمجرد حصولهم علي مزيد من المعلومات حول الأمر!!- حسب تصريحاتهم-.. أي أن من سيستكشف هو من ينتظر الحصول علي مزيد من المعلومات وليس من سيمدنا بها..!! بينما جاء في الدراسة في مجلة نيتشر أن التجويف الذي سماه الباحثون الفراغ الكبير,طوله30 مترا وهو مشابه للحجرة الكبري في الهرم,وهو يبعد أربعين إلي خمسين مترا عن حجرة الملكة في قلب الهرم.. وبالنهاية تضيع معالم الحقيقة وسط غيابات التخبط وفيضانات التيه كما ضاعت معالم الحضارة وسط أجيال اللمبي والسبكي وحبيشه.. وأخيرا حوكشة وعنايات.