في عصر السماوات المفتوحة والقنوات الفضائية والشبكات العنكبوتية أصبح تداول المعلومات سهلا وسريعا وباتت السيطرة علي ما يتم نشره وتداوله صعبا ويحتاج إلي يقظة ووعي.. فالكلمة تقتل تماما كطلقة الرصاص.. فالمعلومات وإن كانت مهمة لإطلاع الرأي العام علي ما يجري من أحداث إلا أن الكاذب والمغلوط منها قد يؤدي إلي كوارث حقيقية لا يمكن التعافي من تبعاتها سواء علي المستوي الأمني أو المجتمعي.. وحتي إن كانت معلومات صحيحة ففي بعض الحالات يكون نشرها أو تداولها تهديدا للأمن القومي ويعرض الوطن لأخطار محدقة خاصة في وقت الحرب.. ومصر بالفعل تخوض حربا ضروسا ضد الإرهاب والخيانة علي حد السواء.. وهو ما يفرض علينا جميعا توخي الحيطة والحذر في كل ما نتفوه به من كلمات وكل ما ننشره من أخبار أو نتداوله من معلومات من خلال وسائل الإعلام المرئية أو المقروءة وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي بكافة مسمياتها.. فكلمة واحدة في غير توقيتها وموضعها بإمكانها أن تدمر وطنا بأكمله وتشرد شعبه.. ومعلومة في غير محلها تقال من شخص غير مسئول حتي وإن كانت صحيحة قد يكون ثمنها دماء أبناء الوطن من جنوده الشرفاء.. وهو ما يحدث للأسف في وقتنا الراهن ومنذ أن هبت علينا رياح الخراب تحت مسمي الثورات.. فكل من هب ودب يفتي فيما ليس له به علم.. وكل مجهول الهوية يحلل الأحداث أمنيا وعسكريا وسياسيا وينظر علي قيادات الدولة في إدارتهم لها وهو بالكاد يدير حياته الشخصية وربما يفشل في إدارتها في الأساس.. أصبحنا نعاني الانفلات في كل شيء وعلي كافة المستويات والأصعدة والمشكلة أننا لا نتعلم من أخطائنا السابقة.. فكم من خبر كاذب تم تداوله أدي إلي نشر الإحباط بين أفراد المجتمع في أكثر الأوقات التي كان الوطن بحاجة إلي التفاف جميع أبنائه حوله لدعمه ومؤازرته والعمل من أجله.. وبالرغم من خطورة الأمر إلا أن الكثيرين يستهينون به إما عن قلة وعي وإدراك أو عن تعمد.. وفي الحالتين الأبرياء هم من يدفعون الثمن والوطن هو من يفجع في أبنائه.. هذا الانفلات المعلوماتي أصبح مرضا مزمنا لدي الكثيرين ناتجا في الأساس عن خلل في الشخصية التي تمارسه ليل نهار لا ضابط أو رابط وبلا رقيب أو حسيب.. فبعض الشخصيات علي المستوي العام أو الافتراضي يبدو أن لديها مركبات نقص ما تجعلها تحاول تعويضها بالإسهاب في الإدلاء بالمعلومات في أي وقت وفي أي مكان ونشر أخبار غالبيتها غير دقيقة إن لم تكن مفبركة وملفقة لإظهار أنفسهم أمام الآخرين بأنهم يمتلكون ما لا يمتلكه غيرهم أو إيهام البعض أنهم علي صلة وثيقة بمتخذي القرار في الدولة وأنهم مطلعون علي كل كبيرة وصغيرة فيها.. وإن كان هذا الأمر في حد ذاته مشكلة كبري فالمشكلة الأكبر هو أن هناك من الناس من يؤمن علي كلامهم ويصدقهم في كل ما يقولون حتي وإن كان غير منطقي أو ليس له أي مصدر معروف من الأصل وهو ما يخلق حالة من البلبلة لدي الرأي العام تؤدي إلي فقدان الثقة ف قيادات الدولة نفسها في أي بيانات أو تصريحات يتم الإدلاء بها من أحدهم فيما بعد.. وهو ما يسعي إليه أعداء الوطن لترسيخه في أذهان أبنائه تحقيقا لأهداف المتآمرين عليه.. أما آن الأوان لوضع حد لهذا الانفلات المعلوماتي وتجريم كل من يدلي بمعلومات من شأنها تهديد الأمن القومي حتي وإن كانت صحيحة.