كان طالبا في كلية الزراعة, وفي أحد الأيام قال له زميله عبد الهادي إن الكلية الحربية أعلنت عن قبول دفعة استثنائية ويجب عليهم التقدم لمساندة مصر فكان الشعور بخيبة الأمل والانكسار يملأ جميع الأرجاء, وأن مصر قد ضاعت ولن تنتصر مرة أخري, فوافق وتقدم بالفعل إلي الكلية الحربية عام1968, وبعد الدراسة قادته قدماه إلي سلاح المشاة في الجيش المصري, ولكن سرعان ما شعر بمرارة الحزن أمام الشعب المصري حينما غادره زعيمه الرئيس جمال عبد الناصر في عام.1971 كيف استطاع الجيش المصري أن يستبدل هزيمة67 بانتصار73 ؟ نحن في حرب1973, لم نكن نمتلك قدرات قتالية عالية عن العدو الإسرائيلي, ولم نكن نمتلك أيضا التفوق النوعي في السلاح, ولكن إيمان المقاتل المصري بالعقيدة القتالية بأن يؤكد أن مصر ستبقي خالدة دائما, وبالفعل استطاع أن يرتفع بإمكاناته المحدودة والإلحاق بالعدو بالهزيمة التي كانوا يستحقونها. مرت حرب أكتوب بالعديد من الشدائد فما أهم الصعوبات التي واجهتكم؟ كانت تتوالي الصعوبات علينا كل يوم حيث كنا نقاتل ليلا ونهارا قوات العدو التي كانت تقوم بالهجوم المضاد, بالإضافة إلي الثقل الشديد للذخيرة والأسلحة التي كان علينا العبور بها, فكانت سريتي تتكون من10 قطع من المدافع يتراوح وزن كل منها بين75 كيلو و305 كيلو جرامات, إضافة إلي450 صندوق ذخيرة لكل مدفع ويزن الصندوق الواحد45 كيلو جراما, فكان من الصعب علي الجنود صعود الساتر الترابي مستخدمين قوة أقدامهم وسلالم الحبال فقط, فالجيش المصري وقت القتال كان بمثابة جيل ذهبي. كيف كانت قدرات تحمل المقاتل المصري أمام العدو الإسرائيلي رغم ضعف الإمكانات؟ قبل الحرب كان يوجد معنا أحد الخبراء الروس ويدعي فلاديمير لشرح استخدام الأسلحة الروسية في الحرب, فسألته: هل مدفع ب10 وب11 ضمن أسلحة الجيش الروسي؟, فقال إنه لم ير هذا السلاح في الجيش الروسي حيث إن هذا السلاح كان مشتركا في الحرب العالمية الثانية, وتم الاستغناء عنه واستبداله بآخر في الجيش الروسي, هذا السلاح قمنا باستخدامه في أرض القتال وهو يؤكد الفارق الكبير بين أسلحة الجيش المصري محدودة الإمكانات وبين نظيرها في الجيش الإسرائيلي. وأيضا أتذكر موقفا آخر بأنه في يوم8 أكتوبر قابلني أحد زملائي بسلاح المدفعية برتبة ملازم أول, عائدا للبحث عن الوحدة الطبية بعد أصابته بثلاث طلقات في الكتف الأيمن من اليوم الأول للقتال, سألته: أنت أزاي قعدت يومين بالإصابة؟, قال: لم يأت لي بديل لتولي سلاح استطلاع المدفعية فصمدت في موقعي وظللت أدير نيران مدفعيتي إلي يوم8 حتي جاء البديل فتركت موقعي وقتها وعدت أبحث عن العلاج الطبي, علمت وقتها أن سر الانتصار كان في المقاتل المصري ذاته. سلاح المشاة من الأسلحة التي كان لها دور كبير في حرب6 أكتوبر, كيف ساهمت في هذا الانتصار؟ كنت قائدا لسرية مدافع مضادة للدبابات في إحدي الوحدات الفرعية للفرقة18 بسلاح المشاة, ومهمتنا كانت العبور إلي شرق قناة السويس والاستيلاء علي رأس الكوبري بأعماق تصل حتي10 كيلو مترات, ثم صد العدو ومنعه من العودة إلي القناة مرة أخري, وتمركزت مهمتنا الرئيسية في اقتناص الدبابات الإسرائيلية, وبالفعل تمكنت السرية تحت قيادتي في اليومين الأول والثاني للقتال من تدمير4 دبابات معادية, و3 مركبات لنقل الأفراد, وتمكنا من رفع العلم المصري وتحقيق السيادة والسيطرة الكاملة علي مدينة القنطرة شرق في اليوم الثالث للقتال الذي بدأ الجيش المصري فيه بصد الهجمات المعادية الإسرائيلية, فتمكنا من صد جميع الهجمات وإحداث أكبر تلفيات وتدمير في قوات العدو. هل استمرت هذه الروح القتالية إلي الوقت الحالي في الحرب ضد الإرهاب بسيناء؟ أري أن الجيش المصري الحالي هو امتداد فعلي لضباط حرب73, وبالفعل استمرت الروح القتالية, وما يقوم به الجيش في سيناء من معارك ضد الإرهاب هو إثبات قوي بأن الجيش المصري ليس بجيش حديث بما حققه من هزائم علي مدي تاريخه رغم محدودية سلاحه, ولكن قوته دائما في قدرات أفراده, فنحن نعيد بناء جيشنا من حين إلي آخر بقوة مضاعفة له.