لقد ضرب لنا في القرآن نماذج رائعة تجسدت فيهم حقيقة الصبر, واستحقوا أن يذكروا بصبرهم فيقتدي بهم الصابرون, وسنختار في هذه العجالة ثلاثة منها يتمثل في كل واحد منها لون من الصبر. أ الصبر علي طاعة الله: في قصة إبراهيم وإسماعيل التي حكاها الله لنا بقوله عن إبراهيم:(( وقال إني ذاهب إلي ربي سيهدين, رب هب لي من الصالحين, فبشرناه بغلام حليم, فلما بلغ معه السعي, قال يا بني إني أري في المنام أني أذبحك فانظر ماذا تري, قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين, فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم, قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين, إن هذا لهو البلاء المبين, وفديناه بذبح عظيم, وتركنا عليه في الآخرين, سلام علي إبراهيم كذلك نجزي المحسنين, إنه من عبادنا المؤمنين..)) من أيهما تعجب من الأب الذي رأي في المنام أنه يذبح ابنه أم من الابن الذي يستسلم لأمر الله طواعية واختيارا, لقد كان الابن وحيد إبراهيم ولم يأته إلا علي كبر فما ظنك بتعلق الأب بابنه, إنه تعلق لا يوصف, ولكن تعلقه بالله أعظم وطاعته لله فوق كل ذلك, لقد حطم إبراهيم كل نداءات الأرض لما جاء الأمر من السماء, وضرب للناس أروع الأمثال في الطاعة, ولقد كان الوحي في هذه المرة رؤيا فلم يتأولها إبراهيم لصالحه بدافع من غريزة الأبوة, ولكنه امتثل وعرض علي ابنه ما رأي عرضا في غاية الإيجاز والسهولة ولكنه يتضمن أمرا في غاية الخطورة, ولم يكن الابن صغيرا بحيث لم ير الأب من جدواه ما يجعله شديد التعلق به والاعتماد عليه,, ولكنه بلغ مع أبيه السعي فأصبح فتي مفتول العضلات, قوي الساعد, وكانت إجابة الابن محيرة حقا, لقد حسم الموقف بجملتين قالهما لأبيه خلدها التاريخ له وكانتا سببا في تدوين اسمه في الصابرين:(( وإسماعيل وإدريس وذا الكفل, كل من الصابرين)), قال إسماعيل:(( يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين)), أي لا تأخذ رأيي ولا تنتظر مشورتي بل نفذ ما أمرت به, ثم لا ينسي أن يستمد العون من الله علي حاله بالصبر فهو لا يعتمد علي قوته وشدة جلده بل يسأله من ربه, وصدقا وأسلم الوالد ولده, وتله أبوه للجبين, وتهيأ للذبح وجاءت البشري عند ذاك بعد أن حقق الابتلاء ثمرته( وناديناه أن يا إبراهيم.. الآيات)) والحديث موصول