لا يكاد يمضي يوم واحد, إلا ونفاجأ بداعية من دعاة الزمن الأغبر يتقيأ جهله وتخلفه الفكري والحضاري في وجوهنا, بفتوي ما أنزل الله بها من سلطان, سرعان ما تتلقفها مواقع التواصل الاجتماعي, لتنتشر كالنار في الهشيم خلال فيمتوثانية, ومن بين الفتاوي العجيبة والغربية والشاذة, التي توقفت أمامها كثيرا خلال الأيام القليلة الماضية, تلك الفتوي التي تبيح للرجل معاشرة زوجته الميتة, وللأسف الشديد هذه الفتوي التي لا يمكن أن يتخيلها إنس ولا حتي جان, صادرة عن أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الدكتور صبري عبدالرءوف, ومما زاد الطين بلة, ونحن علي أعتاب عام دراسي جديد, زعم داعية سلفي يدعي سامح عبدالحميد أن تحية العلم حرام شرعا, ليواصل سلسلة الهذيان التي يتزعمها براهمي ومن علي شاكلته من دعاة التخلف والرجعية والهمجية, الذين توقفت بهم عقارب الساعة في الجاهلية, ولم تتقدم إلي الأمام قيد أنملة. ولم يقف هذا الهذيان عند هذا الحد, بل زعم السلفي مفتاح محمد فضل الشهير ب أبويحيي, أنه يجوز زواج البنت ولو كان عمرها يوما واحدا, بدعوي إنه لا يوجد في الشريعة سن محدد لصحة الزواج. وإذا تأملنا هذه الفتاوي المقززة, التي تعيدنا إلي عصور الجاهلية الأولي, وإذا تأملنا أيضا هذا العدد الهائل من صفحات السحر والدجل والشعوذة علي فيسبوك والإعلانات إياها التي تتداولها القنوات الفضائية, عن الشيوخ المغاربة القادرين علي جلب الحبيب, وصنع المعجزات, وتحقيق الفوز في أصعب المباريات وغيرها, نجد أننا أمة ضحكت من جهلها وتخلفها الأمم. ففي الوقت الذي تأخذ فيه الدول المتقدمة بكل أسباب العلم, وتغزو فيه الفضاء, وتبني مستعمرات لها علي سطح المريخ, ما نزال نرزح في التخلف والجهل والخرافات, وننفق سنويا ما يقرب من10 مليارات جنيه علي الدجالين والمشعوذين, ويكفي أن نعرف أن في مصر300 ألف شخص يدعون القدرة علي علاج المرضي بتحضير الأرواح, ناهيك عن الجرائم البشعة التي ترتكب باسم السحر والشعوذة. وإذا أضفنا إلي كل ما سبق, تقدم2600 زوجة بدعاوي طلاق لتصويرهن في أوضاع مخلة من قبل أزواجهن, بهدف ابتزازهن لرفضهن دفع مبالغ مالية للأزواج, وذلك خلال عام2017 فقط, نجد أن هناك قطاعا ليس بالقليل من المصريين ما يزال ينتظر الفانوس السحري أو مغارة علي بابا, فنجد من ينقب عن الآثار, ومن ينفق كل ما يملك علي دجال مأفون, ومن يبتز زوجته ويصورها عارية ويهددها بنشر صورها علي النت, والسبب في كل ما سبق أننا لم نأخذ حتي الآن بأسباب العلم والتقدم, ولم نعل ثقافة العمل والإنتاج كما ينبغي, ونلجأ إلي الحلول السهلة البسيطة, فهناك من لا يعمل ولا ينتج, ويطالب بحقه في كل المزايا من ترقية وعلاوة وأرباح وخلافه. وللخروج من هذا الظلام الدامس الذي يرتع فيه الجهل والتخلف, لابد من توفير تعليم أساسي حكومي علي أعلي مستوي وبالمجان لغير القادرين, بحيث تتم تنشئة أجيال جديدة مسلحة بالعلم وحب الوطن, قادرة علي تغيير الواقع الذي نعيشه, بالإضافة إلي توفير المناخ الذي يساعد علي حرية الفكر والإبداع للعلماء المصريين, من معامل وتجهيزات علي أعلي مستوي, حتي لا يفرون إلي الخارج, وكما تم إنشاء أكاديمية للشباب, لابد من إنشاء أكاديمية لرعاية شباب العلماء خاصة النابغين منهم, وإحياء مشروع الطريق إلي نوبل بالمركز القومي للبحوث الذي تم وأده في مهده, بمعني آخر نريد أن نرفع شعار بالعلم والعمل نواجه الخرافات والدجل.