تميزت مصر عن سائر بلدان العالم بتراثها وفنونها الثرية, حيث توالت عليها عبر الحقبات التاريخية المتتالية حضارات متنوعة, بدأت بالفن المصري القديم الذي أبهر العالم, مرورا بالفن القبطي والإسلامي, وصولا بالفن الشعبي الفطري. يقول د.عادل عبد الرحمن أستاذ ورئيس قسم التصميم الجرافيكي والوسائط المتعددة بكلية التربية الفنية تعد جداريات موسم الحجاج التي تزين منازل البسطاء بريف مصر والمناطق الشعبية امتداد لحضارة تضرب بجذورها في أعماق التاريخ الإنساني, حيث يتسم هذا الفن بالفطرة والأصالة, يخرج من عباءة الإنسان المصري طالما عبر عن مشاعره في صور فنية موحية ومؤثرة قوامها الأشكال والألوان, مشيرا إلي أن الفن الفطري يمثل واقعا عقليا أكثر منه بصريا وتشكيليا, فقد عبرت تلك الجداريات عن المفردات المألوفة مثل الكعبة المشرفة, المسجد النبوي, ووسائل النقل القديمة والحديثة الجمل والسفينة والطائرة وتسجيل رحلتهم للأراضي المقدسة علي جدران منازلهم كمدعاه للفخر والاعتزاز بأداء هذه الفريضة من خلال أسلوب تشكيلي مثير للاهتمام, إضافة إلي بعض الكتابات والجمل المأخوذة عن القرأن الكريم والأحاديث النبوية أو القول المأثور. وأشار إلي أن الرحالة الأجانب رصدوا في نهاية القرن التاسع عشر تلك الرسوم الفطرية التي تميزت بها مصر عن سائر بلدان العالم, وتجولوا في أعماق الريف المصري وألفوا العديد من الكتب مثل لوحات الحج للمستشرق آفون نيل, وآن باركر, والمصريون المحدثون للإنجليزي إدوارد لين. وأضاف أن ندرة أعداد الفنانين التلقائيين يمثل خطرا حقيقيا واندثار لهذا الفن, ويستوجب ذلك إطلاق مشروع قومي لرصد ما تبقي علي الجدران وتسجيله بالوسائل المختلفة, وحمايتة من التلاشي. ومن بين أشهر هؤلاء الفنانين حسن الشرق والذي اتجه إلي ممارسة الإبداع الفطري بعد أن رفض العمل بالجزارة مهنة والده وأجداده, وبدأ بالرسم علي ورق اللحم وتصنيع الألوان بطريقة بدائية لعدم قدرته علي شرائها, ويعد الآن من أشهر الفنانين التلقائيين, حيث حول منزله إلي متحفا فريدا يحمل اسمه بزاوية سلطان بالمنيا وذلك بعد أن باع كل أملاكه لإقامتة, حيث يضم لوحات ومقتنيات حصل عليها خلال رحلاته بالعديد من دول العالم, تميزت بالتعبير العفوي بعيدا عن الإطار الأكاديمي والرؤي البصرية المباشرة ومحاكاة الطبيعة, حيث رسم جداريات تتناول مظاهر الحياة الريفية والتراث الشعبي وتؤكد الهوية المصرية, بينها الرقص والتحطيب, ليلة الحنة, ألف ليلة وليلة, السيرة الهلاليه, سبوع المولود, والزار.