يشهد سوق من يسمَونَ بالفنانين الشعبيين، رواجاً شديداً، بقرى صعيد مصر، لرسم مئات من جداريات الحج، على منازل الحجاج، العائدين من الأراضى السعودية، بعد أدائهم فريضة الحج. حيث تستعين عائلات الحجاج، بهؤلاء الفنانين، الذين ينتشرون فى المدن والقرى، بالتزامن مع موسم عودة الحجاج، لرسم الصور التى تعبر عن الفرحة، وتوثق لرحلة الحج، عبر لوحات فنية مبهرة. وتعد رسوم الحج وجدارياته، إحدي أبرز العادات التى يحرص عليها، حجاج بيت الله الحرام، من المصريين، ويبدع الفنانون الشعبيون، فى رسم رحلة الحج، بدءاً من وداع الحاج لأهله مروراً باستقلاله للطائرة أو الباخرة، وطوافه حول الكعبة المشرفة، ووقوفه بجبل عرفة. كما تسجل على جدران منازل الحجاج، أغانى الحج الشهيرة، بصعيد مصر، بالكلمة والصورة، فى مشاهد تجتذب المهتمين بالفنون، فى العالم أجمع، وقد عرفت المكتبات العربية والأجنبية، عدداً من الكتب والمؤلفات المصورة، التى تحكى تاريخ ذلك الفن، الذى يتفرّد به صعيد مصر، ومن أشهر تلك الكتب، «آن باركر» و«أفون نيل» واللذان وضعا كتاباً وثائقياً حوى تسجيلاً للعشرات من جداريات الحج فى صعيد مصر. ويذكر باحثون شعبيون بصعيد مصر، أن أول رصد لرسوم وجداريات الحج فى العصر الحديث، كانت على يد رحالة أجانب، زاروا مصر فى نهاية القرن التاسع عشر، وأن جداريات الحج كان بدايتها عبارة عن كتابات بخط بارز تعلن عن أداء صاحب البيت لفريضة الحج، ثم تطور الأمر إلى أن أصبح فناً وظاهرة شعبية لافتة بقرى صعيد مصر. وترى الباحثة المصرية الدكتورة، خديجة فيصل مهدى، أن جداريات الحج، لها جذور فرعونية، وقد استمدت من النقوش الدينية، التى كانت تنتشر على جدران المقابر والمعابد الفرعونية، ومنازل قدماء المصريين، وهى تحاكى أيضاً، تلك الرسوم التى تتميز بها منازل النوبة بمحافظة أسوان، جنوبى مصر. وتشير «خديجة» إلى أن من الصور المدهشة التى تشتهر بها مدينة الأقصر، رسوم وجداريات الحج، التى رسمت على جدران منازل الحجاج، الملاصقة لمعابد الفراعنة، فى منطقتى القرنة والكرنك بشرق وغرب مدينة الأقصر.