صدر عن المركز القومى للترجمة كتاب فريد فى العدد 1495 تحت عنوان (رسومات الحج ) : فن التعبير الشعبى المصرى عن الرحلة المقدسة. وقد قام بتصويره : آن باركر وتحريره أفون نيل وقام بترجمته والتعليق عليه حسن عبد ربه المصرى وقد تضمن الكتاب عددا من الرسومات التى أبدعها الفنان المصرى على جدران المنازل احتفالا بذهاب وعودة حاج لبيت الله الحرام من أصل هذا المنزل.. وهى عادة اشتهر بها أهل الصعيد والأرياف فى قرى مصر ، ومازالت أيدى الفنان التلقائى البسيط تبدع كل عام فى موسم الحج هذه الرسومات البديعة. * رسوم الحج تقول محررة الكتاب «أفون نيل» عن رسومات الحج فى كتابها: تعد رسومات الجداريات المتعلقة بالدين، وتلك التى تصور رموز الحج فوق واجهات بيوت العائدين من هذه الرحلة المقدسة من الإبداعات الحديثة إلى حد ما ، فلا يستطيع أحد أن يحدد بالضبط متى ولا من أين أتى هذا العرف لأول مرة. لكن من المؤكد أن أحدهم أعجبته الفكرة فعمل على تطويرها ومن ثم تحولت إلى فن شعبى مزدهر ، وعلى الرغم من ذلك فإن هناك بعض الآراء التى ترى أن هذا الفن غير المعتاد قد حفز عليه الأتراك إبان وقوع مصر تحت حكم إمبراطوريتهم العثمانية ، يقابلها وجهة نظر تاريخية ترجح أن تزيين بيوت مصر بالرسومات فن تمتد جذوره فى حلقات فى البداية كانت هناك رسومات الكهوف ونقوش الصخور والعديد من الأدلة الأثرية التى تشير إلى بعض الرسوم الدينية المتقنة ، والتى وجدت فوق واجهات عدد محدود للغاية من التراث المعمارى الفرعونى ، أما خلال فترة حكم المماليك المصرية المبكرة فقد امتازت المقابر الملكية بغزارة الرسومات الداخلية التى تزينها بالأشكال الهيروغليفية وبالمناظر التى تعبر عن الحياة اليومية إلى جانب ذلك حرص النوبيون من سكان جنوب الوادى منذ القدم على زخرفة بيوتهم بصور الزهور البرية والأشكال الهندسية. وتضيف الكاتبة : مصر القديمة والحديثة تشتهر بفنها المتميز ورسوم الحج التى نراها حولنا اليوم تحمل فى طياتها مؤشرات ودلائل هذه الشهرة ففى البداية اقتصرت رسومات الحج على نقوش بسيطة لا تتعدى اسم الحاج وتاريخ أدائه للفريضة ، وفى بعض الأحيان كان الرسام يضيف آيات قرآنية مناسبة يخطها بأحرف كبيرة فى مساحة خالية من أية رسومات فوق واجهة البيت ، وهذا كان يكفى فى حد ذاته لإعلام العامة أن حاجا يسكن هذه البناية ، ومن المحتمل أن يكون بعض أفراد أسرة واحد من الحجاج المجهولين قد أضاف أول رسم بدائى إلى الزخرفة السطحية بقصد الإشارة إلى رحلة مكة المقدسة باعتبار أن الصور توفر المعلومات لمن لا يستطيع قراءة النقوش المكتوبة لذلك يرى البعض أن إضافة الصور الزيتية لرسوم الحج بغرض تعزيز فكرة السفر إلى مكة تمثل البداية الجادة لفن رسومات الحج ، لذلك يقولون إن تزايد الرسومات بهذه الكيفية أسهم فى انتشارها حتى أصبح من غير المعتاد أن نرى مجموعة من البيوت فى أية قرية تقف جرداء بمفردها دون أن تغطى رسومات الحج واجهة واحدة أو أكثر منها. وتقول المؤلفة فى كتابها : فى نهاية المطاف لابد أن نعترف أن الفنان يقوم بتصميم لوحات رسومات الحج لكى تلعب دورا ضمن احتفالات عائلة (الحاج ) بعودته سالما. وكانت رسومات الحج سريعة الزوال لأنها لم تكن مصممة لكى تواصل البقاء وسط ظروف بيئية غير مواتية. وعلى الرغم من ذلك يمكن أن نضع يدنا من ناحية أخرى على حلقات تطور هذا الفن المتواصل التى بدأت برسومات بدائية للكعبة الشريفة وبلغت مؤخرا مستوى مبهرا من الصور التى أصبح الفنانون يحرصون على تنفيذها وأن يفُهم مفردات رسومات الجداريات شديدة الإتقان التى تزين بيوت الحجاج فى أيامنا هذه . إنه حقا كتاب فريد استطاع أن يجمع لنا مجموعة رائعة من رسومات الحج بأيدى فنانين تلقائيين وبألوان رائعة.. وحج مبرور لكل حاج وعودة سالمة لبيته ، وأرضه.