تواصل السياسة الخارجية المصرية ودبلوماسيتها تنفيذ الاستراتيجية التي تبنتها مصر بعد ثورة30 يونيو2013 بتوسيع وتعميق قاعدة علاقات مصر الدولية وتعدد خياراتها, وهي الاستراتيجية التي اصبحت مصر اليوم تمتلك علاقات متوازنة مع القوي الدولية والاقليمية المختلفة. وزيارات الرئيس السيسي الخارجية, وتحركات وزير الخارجية سامح شكري شبة اليومية شاهدة علي ذلك. في هذا السياق أود ان أنبه إلي ثلاث مناطق أشعر أنها تحتاج إلي المزيد من التركيز والاهتمام لما تملكه من امكانات التعاون معها, في هذا السياق ثمتة منطقتان. منطقتان بدأت وانتهت فيهما حياتي الدبلوماسية, الأولي في اوائل الستينيات وهي منطقة شرق اوروبا, والثانية هي منطقة اسكندنافيا, وقد جعلتني زيارة الرئيس السيسي الأخيرة للمجر ومشاركته في اجتماع مجموعة فيينشجار التي تضم بولندا, المجر, جمهورية التشيك وسلوفاكيا ورغم ان العلاقات مع هذة البلدان شهدت تطورا ايجابيا, الا ان هذا التطور يستند الي اساس تاريخي اشار اليه الرئيس السيسي, ولا شك انة كان يعني علاقات التعاون التي تأسست بين مصر ودول شرق اوروبا في الخمسينيات والستينيات, في مجالات حيوية مثل السلاح, الصناعات وغيرها, ويرمز علي ذلك صفقة السلاح الشهيرة مع تشيكوسلوفاكيا عام1955, والتي كانت نقطة تحول في سياسة مصر الخارجية. وكذلك كان التعاون مع المجر في مجال النقل و السكك الحديدية, وهو المجال الذي يتجدد اليوم. اما المنطقة الثانية, والتي أنهيت عملي الدبلوماسي في الخارج فيها19941990 فهي منطقة اسكندنافيا التي تضم السويد, الدنمارك, النرويج, فنلندا و ايسلندا.وقد كنت دائما, ومازلت أنبه إلي ماتملكه هذه المنطقة من امكانيات التعاون معها: السياحة, التكنولوجيا المتقدمة, البيئة, البترول والملاحة في قناة السويس, حيث تعتبر السفن النرويجية الاكبر في استخدام قناة السويس, والتعاون الفني المشترك في افريقيا, فضلا عن ادوار دولها في السياسات الدولية والاقليمية, في هذا السياق يجب أن أتذكر الدور الذي قامت بة الدبلوماسية النرويجية في التوصل إلي ما عرف باتفاق أوسلو عام1993 الذي كان في هذا الوقت اختراقا للصراع الفلسطيني الاسرائيلي, ورغم مصير هذا الاتفاق بفعل السياسات الاسرئيلية, إلا أنني أعتقد أن النرويج مازالت مؤهلة للقيام بدور في إحياء عملية السلام المتجمدة. أما المنطقة الثالثة, والتي لم أعمل فيها, فهي منطقة أمريكا اللاتينية, وإن كنت أتابع من بعيد علاقات مصر مع دولها ومحاولات الدبلوماسية المصرية بناء جسور للتعاون معها. وبدا هذا الاهتمام مع محاولة الدكتور بطرس غالي عندما كان وزيرا للدولة, توسيع ما أسماه الحوار الاستراتيجي مع بعض القوي مثل الصين, الاتحاد السوفيتي, وأراد ان يوسع هذا إلي منطقة أمريكا اللاتينية واشراك افريقيا في الحوار معها. كما تابعت الجهود الموسمية من قبل وزارة الخارجية حيث كانت ترسل كل عام وفدا برئاسة مساعد الوزير لشئون الأمريكتين, وكانت تحاول إقناع بعض رجال الأعمال المصريين بالانضمام لهذا الوفد. ويشجع في مجال دفع الاهتمام بهذه المنطقة انضمام مصر الي تجمع المركيسور الذي يضم عددا من البلدان الرئيسية في امريكا اللاتينية, كما تشجع الزيارة الاخيرة لنائبة رئيس جمهورية الارجنتين لمصر خاصة وان ثمة تعاونا في مجال المحطات النووية بين مصر والارجنتين من التسعينيات. نعلم جميعا ازدحام برنامج الوزير سامح شكري, ومع ذلك نأمل أن يسمح وقته بزيارة منطقتي اسكندنافيا وأمريكا اللاتينية, وما سوف تقدمه من دفع لعلاقات منتظمة بين مصر ودولها.