نصحية نبوية لتجنب كثير من الأمراض الخبيثة التي تقضي علي جسد الإنسان وعلي الأمة الإسلامية بصفة عامة ولذلك أولت الشريعة الإسلامية العناية البالغة للنفس البشرية ليكون ذلك اساسا في صلاح العمل وعبادة الله سبحانه وتعالي فقد اودعها كثيرا من الخصائص والمقومات وجعلها تتأثر بما حولها سلبا أو ايجابا ومن رحمته عزوجل بها ان جعل لمايعرض للنفس اثرا في الأحكام الشرعية ومنها الغضب. وحول موقف الشريعة من الغضب وكيف تعاملت معه والآثار الناتجة عنه يقول الدكتور صابر مشالي عميد كلية دار العلوم بالفيوم ان الشريعة الاسلامية وإن كانت قد حضت علي عدم الوقوع في براثن الغضب وجعلت كثيرا من التصرفات غير صحيحة بسببه إلا انها طالبت الانسان بعدم ترك نفسه فريسة للغضب الشديد بحيث لا يملك نفسه فيصدر منها ما لا تقره الشريعة الاسلامية ولا يرضاه الله ورسوله, فإذاعلم قبح صورته وهو غضبان تراجع عنه وراجع اسباب غضبه علم ان سببه شيء جري علي وفق مراد الله. ويوضح مشالي أن الغضب إما أن يكون محمودا هو المشروع أو مذموما وهو الذي يفقد صاحبة اعصابه, والمشروع منه يؤخذ من فعل الرسول صلي الله عليه وسلم حينما كان يغضب اذا انتهكت محارم الله لماورد عن عائشة قالت ما ضرب رسول الله صلي الله عليه وسلم شيئا قط بيده ولا امرأة ولا خادما إلا أن يجاهد في سبيل الله وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل والمباح من الغضب الذي لايتجاوز الحد المعقول ولايصل حد المذموم الذي يكون فيه افراط وتفريط ويخرج العقل والدين عن سياستهما فلايبقي للإنسان معه نظر ولافكر ولا اختيار ولايبقي الإ الانتقام لنفسه وليس الانتصار لله أو إصلاح بين الناس فعندها يكون الغضب في غير حق وإنما من الشيطان الذي يتلاعب به, وهو مايجب الحذر منه, ولذلك غلب جمهور العلماء عن صحة عبادات المسلم وصحة عقوده ومعاملاته ولذلك أوضح الشرع الإسلامي أن الانسان تجنب الغضب بقدر الإمكان وعدم ترك نفسه فريسة له. ويري مشالي أن اسباب الغضب كثيرة منها ماهو خارجي وداخلي كالشيطان ووسوسته لياخذ الانسان في حاله الغضب, كأله مطيعة للتنفيذ في كل مايملي عليها فيصور له أن تصرفاته أمر محمود فتهفو نفسه له علي اساس أن مايفعله شيء من البطولة. ومن الأسباب الداخلية أيضا مساوئ الأخلاق كالكبر واعجاب المرء بنفسه والحسد وكلها أسباب باعثة علي الغضب, والخارجية كثيرة مثل مايقع بين الزوجين من خلاف أحيانا, ومنها يسمع الشخص كالغيبة والنميمة أو رؤيته لمنكر أوغير ذلك كالمزاح والهزل وشدة الحرص, وفضول المال فيؤدي لغليان في دم القلب كما قال الغزالي ليحصل به التشفي فيفقد الانسان السيطرة علي انفعالاته وتفكيره مما ينعكس سلبا علي جسده بسبب تلك الحالة التي حاولت الشريعة عدم الاقتراب منها حتي ينهار جسده حيث أغلب الأمراض الخطيرة مدخلها لإصابه الإنسان بها كالسكتة القلبية والدماغية والسرطان وأمراض المعدة وقرحتها, ولذلك تعرض القرآن الكريم لعلاج الغضب. في سياق ذكر صفات المتقين والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس وقوله تعالي ايضا خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين وأمرنا القرآن الكريم با لاستعاذة من الشيطان الرجيم في قوله تعالي وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله, والمعني وإما يغضبك من الشيطان غضب فاستعذ بالله. وأما السنة النبوية فقدمت ثلاث وسائل للعلاج منها الوسيلة الفكرية والنفسية منها قوله صلي الله عليه وسلم ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب أي أن الشديد ليس القوي في بدنه وإنما الشديد من اذا غضب ودفعته نفسه للانتقام ممن أغضبه أن يجاهد نفسه ويمنعها من الوقوع فيه وقوله لسائل طلب وصية لا تغضب ثلاثا والسائل لم يكتف بالوصية فكرر السؤال علي رسول الله والرسول يكرر له الإجابة ذاتها مما يدل علي عظم عواقب الغضب وانه اساس لكثيرمن الذنوب وقوله صلي الله عليه وسلم لا تغضب معناه لاتنفذ غضبك, وليس النهي راجعا إلي نفس الغضب لأنه من طباع البشر ولايمكن للانسان دفعه ولكن المطلوب هو التدريب علي حسن الخلق وعلي الحلم والصبر وتوطين النفس علي ما يصيبها من أذي الخلق القولي أو الفعلي, لأن التخلص بذلك يعمل علي دفع كيد الغضب. ويقول الدكتور أشرف فهمي مديرعام المتابعة بوزارة الأوقاف إن الغضب طبيعة إنسانية وكل بني آدم معرض لها والحليم من يمسك نفسه عند الغضب, ولكن بذكر الله تطمئن القلوب ورضا الله والوالدين هي سعادتنا, والغضب جماع الشر, وهو فعل مشين, ومفتاح لأكثر البلايا,, وأن البعد عنه جماع الخير والغضب منه المحمود وهو الذي يظهر عند انتهاك حرمات الله ومنه المذموم الذي لا يكون في موضعه ولا في الحق, فما أحلم الله! وقد امتدح عباده المؤمنين الذين يملكون أنفسهم عند الغضب, فهم يغفرون ويصفحون, بقوله تعالي:( وإذا ما غضبوا هم يغفرون), وقال ابن عباس( رضي الله عنهما) في تفسير قوله تعالي): ادفع بالتي هي أحسن) قال:( الصبر عند الغضب, والعفو عند الإساءة, فإذا فعلوا عصمهم الله, وخضع لهم عدوهم). ومن أسباب الغضب البعد عن ذكر الله, وطاعته فبذكره تطمئن القلوب قال تعالي:( ألا بذكر الله تطمئن القلوب) ومنه أيضا التكبر والغرور: فإن المتكبر سريع الغضب, دائم القلق, ونعالج الغضب بالذكر والتسبيح لله رب العالمين قال تعالي:( ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين, واعبد ربك حتي يأتيك اليقين) وقال الله تعالي: من ذكرني حين يغضب ذكرته حين أغضب ولا أمحقه فيمن أمحق لقد أوصانا وعلمنا النبي( صلي الله عليه وسلم) ضبط النفس عند الغضب روي أن رجلا قال: يا رسول الله قل لي قولا وأقلل علي لعلي أعقله, قال:( لا تغضب) فأعاد عليه مرارا كل ذلك يقول:( لا تغضب),( لا تغضب),( لا تغضب). روي عن ذي القرنين( رحمه الله تعالي) أنه لقي ملكا من الملائكة فقال:( علمني علما أزدد به إيمانا, قال: لا تغضب فإن الشيطان أقدر ما يكون علي ابن آدم حين يغضب, فرد الغضب بالكظم, وسكنه بالتؤدة, وإياك والعجلة فإنك إذا عجلت أخطأت حظك وكن سهلا لينا للقريب والبعيد, ولا تكن جبارا عنيدا). ومن علاج الغضب الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم)عن سلمان بن صرد رضي الله عنه قال: استب رجلان عند النبي( صلي الله عليه وسلم) وأحدهما يسب صاحبه مغضبا قد احمر وجهه, فقال النبي( صلي الله عليه وسلم) إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ومن الهدي النبوي في معالجة الغضب: تغيير الحال الذي يجلس عليه الإنسان والوضوء فعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أن( النبي صلي الله عليه وسلم) قال: إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس, فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع.روي عطية السعدي أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: إذا غضب أحدكم فليتوضأ فإنما الغضب من النار.