ويقول الشيخ محمد زكي أمين مجمع البحوث الاسلامية السابق أن الانسان عندما يستشعر صفائية العبادة ويفرح بشرف الوصال ويجعل من رمضان بنفحاته وبركاته وفيوضاته وأسراره منهج حياة له تلازمه معاني الصفائية والوداد لرمضان يصحبه تقوي الله المرادة من عبادة الصوم ومن كل عبادة ليستقيم امر الحياة وينعم الناس بالامن والأمان والسلم والسعة والاستقرار فلا تفريج للكروب ولا تيسير لأمور ولا تحقيق للنصر إلابتقوي الله عزوجل وما تبع ذلك من إحسان القول والعمل لقوله تعالي إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون وليس الأمر متعلقا بالحياة الدنيا وحدها بل ان الامر يسع الأخرة كما وسع الدنيا فلا نجاة من النار إلا بتقوي الله ولا يكون ذلك إلا لمن نهي النفس عن الهوي وأثر ماعند الله علي شهواته ونزواته لقوله تعالي وأما من خاف مقام ربه ونهي النفس عن الهوي فإن الجنة هي المأويوإن منكم إلا واردها كان علي ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا ولذلك أمرنا الله بأن نستديم علي هذا المعني وأن يكون المسلم علي هذا المستوي من العطاء حياة وموتا ونشورا لقوله تعالي ياأيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون بمعني أن يشكر فلايكفر ويذكر فلاينسي ويطاع فلايعصي أعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك فلابد وان تصحب هذه المعاني الانسانية المسلم في كل اطوار حياته يستمر عليها وتكون له منهج حياة فلا أجلها يعيش وفي سبيلها يموت ولها يعمل ويعطي ويحسن يتقن ويبدع قال تعالي قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت. ويشيرزكي إلي أنه عندما يستشعر المسلم صفائية عطاء الله له وقد أعانه علي عبادته ان يحمدالله ويكبره ويفرح بأدائها ابتغاء مرضاة الله عندئذ ليس بينه وبين الله حجب لقوله تعالي وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان وكأنه تعالي يقول إذا اردتم ياعبادي ان يستديم عليكم عطائي وتنعمون برضائي وتسعدون بلقائي فاستديموا علي ما انتم عليه فاستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون فالله تعالي لايتغير من أجل الناس ولكن الناس يجب ان تتغير من أجل الله وما أقبل عبد علي الله إلا جعل الله قلوب المؤمنين تنقاد إليه بالمودة والرحمة وكان الله بالخير إليه أسرع قال تعالي والذين اهتدوا زادهم هدي واتاهم تقواهم والمؤمن الحق لا يشبع من خير حتي يكون منتهاه الجنة فهو سابق بالخيرات يعيش بين الرغبة والرهبة والدعاء والضراعة يلازمة كل ذلك في أطوار حياته قال تعالي إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وعندما يتحقق الرجاء تصرف الألام والأحزان فقبلها ذكر الله دعاء نوح لتفريج كربه ودعاء أيوب لصرف ضره وضراعة يونس لذهاب غمه وهمه ورجاء سيدنا زكريا لتحقيق أماله بولد يرث النبوة من بعده عندما دعا ربه قائلا رب لاتذرني فردا وأنت خير الوارثين, فاستجبنا له وهبنا له يحيي وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا فلا تصرف المحن ولا يكشف الكرب والهم ولايتحقق الأمل والرجاء إلا من خلال الاستقامة علي المنهج الرباني الذي يدعونا فيه ربنا أن نكون عبادا ربانيين. ويشدد الشيخ فكري حسن عضو المجلس الأعلي للشئون الاسلامية علي ضرورة أن يلتزم المسلم بعد رمضان بالسير علي نهج رمضان ولذلك كان السلف الصالح يبدأون عقب رمضان الدعاءبقولهم اللهم تقبل منا صيام رمضان والمقصود هو طلب الاستقامة علي ما كانوا عليه في رمضان وذلك لمدة6 أشهر كما أن الاستقامة أمرنا بها القرأن الكريم في سورتين نزلتا في مكة الأولي في فصلت إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون والثانية الأحقاف في قوله تعالي إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون. وكأن الاستقامة عنصر اساسي في شخصية المسلم وبدونها لايكون انسانا, وينصح أبناء المجتمع رجالاوشبابا ونساء بقراءة القرأن الكريم وتدبره حتي يصلوا للاستقامة ويستخلصوا العبر والدروس المستفادة التي يحتاج إليها وطننا. ويوضح الشيخ عبدالعزيز النجار مدير عام مناطق الوعظ بالازهر الشريف ان مفهوم الإستقامة معناها الالتزام بكل ما أمر الله به ورسوله واجتناب كل ما نهي عنه الله ورسوله فقد روي ان النبي صلي الله عليه وسلم أجاب سائلا قال له قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه احدا غيرك فقال صلي الله عليه وسلم قل أمنت بالله ثم استقم والاستقامة هي بداية طريق الهداية من الله عزوجل وهي الالتزام بالأقوال والأفعال والأحوال فلابد أن يستقيم اللسان علي الصدق والعمل علي الاتباع الاحوال علي الإخلاص فإذا ما التزم المسلم بالصدق مع الله ومع النفس ومع الاخرين عرف طريق الطاعة بالاستقامة والهداية فقد فاز بالفهم الصحيح وكان من الناجين في الدنيا والاخرة لقوله تعالي ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولاتحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الاخرة ولكم فيها ما تشتهي انفسكم ولكم فيها ماتدعون نزلا من غفور رحيم.. والرسول صلي الله عليه وسلم يقول ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان فينبغي علي المؤمن الذي يريد ان يتذوق حلاوة الايمان والأنس بالله وطعم الاستقامة والأعتصام بالله ولذة الاتباع أن يجده الله حيث امره ويفتقده حيث نهاه ولايكون ذلك إلا بإخلاص القلب لله لقوله تعالي يوم لاينفع مال ولابنون الامن أتي الله بقلب سليم فسلامة القلب من المعاصي تجعل الانسان متذوقا لطعم الايمان ومن ذاق عرف ومن عرف سلك المسالك ومن سلك المسالك وصل إلي رب العالمين.