الكذب في اللغة هو نقيض الصدق وهو مخالفة الواقع. لن أنسي أبدا ماحدث في حادث السفينة السياحية اكيلي لاورو والتي اختطفها اربعة اشخاص تابعين لجهة التحرير الفلسطينية فنتج عن ذلك قتل الامريكي المعاق ليون كلينج هوفر بتاريخ7 اكتوبر1985 فقامت الدنيا ولم تقعد وثارت أمريكا ثورة عارمة وطالبت مصر بضرورة تسليم الخاطفين لها وفي النهاية إستطاعت إعتراض طائرتهم المتوجهة لتونس وألقت القبض عليهم وذلك بإجبار تلك الطائرة علي الهبوط في صقلية- إيطاليا وكانت نصرة مدوية لامريكا في عهد الرئيس ريجان وهاصت الدنيا هناك إحتفالا وكبرا وإحساسا بالعظمة والتعالي. المهم قبل القبض عليهم خرج الرئيس الأسبق مبارك في مؤتمر صحفي وسأله أحد الصحفيين عن مكان الفلسطينيين المتهمين بالاختطاف وهل هم في مصر أم في تونس؟,, أجاب الرجل حينها فقال:ممكن يكونوا في تونس ظنا منه أنه نجا من ورطة السؤال الصعب بتلك الإجابة. وعندما قبض عليهم وأجبرت طائرتهم علي الهبوط وتبين أنهم كانوا في مصر تحدثت الصحف الأمريكية بكثرة عن كذب الرئيس مبارك عندما أنكر وجودهم في مصر وخرج مدير هيئة الاستعلامات المصرية حينها في مؤتمر صحفي ليدافع عن الرئيس مبارك ويزيد الطين بلة ويقول: إنها كانت كذبة بيضاء. عندها كتب صحفي أمريكي متطرف متعجرف اسمه جورج ويل مازال علي قيد الحياة, ومن الصحفيين المهمين في صحيفة الواشنطون بوست, وكتب عمودا عنوانهأخلاقيات العالم الثالث وقال ضمن ما قال متهكما وساخرا من أخلاقياتنا: أنه يوجد في ثقافة العالم الثالث أنواع من الكذب أبيض والوان أخري. كان متعاليا وعنصريا. دارت الأيام وأصبح أمرا مألوفا منذ تولي الرئيس ترامب الرئاسة أن يكون الكذب مستداما وعلي أعلي مستوي. لا بد أن أذكر هنا أن الكذب يكاد يكون جناية في الثقافة الأمريكية, وأنه غير مقبول في الحياة الخاصة والعامة. عندما تشاهد فيلما سينمائيا أو تمثيلية ويحدث أن يكذب فيها أحد الأبطال, تجد أنه يتعين عليه الاعتراف بكذبته. وفي الحياة الخاصة لو كذب زوج علي زوجته فإنه غالبا ما يقوم بالاعتراف ولو أدي الأمر الي الطلاق. لو حدث أن كذب إنسان في طلبه للحصول علي فيزا وتم إكتشافها, فإنه سيحرم من دخول الولاياتالمتحدة للأبد. وإذا كذب مهاجر في بيانات هجرته وتم إكتشاف ذلك بعد سنوات طويلة, فإنه سيتم ترحيله وإلغاء جنسيته لو كان حصل عليها. شخصت صحيفة نيويورك تايمز ما يقوم به الرئيس ترامب منذ توليه الرئاسة: إنه يحاول أن يخلق مناخا تكون فيه الحقيقة أمرا غريبا, هذا ما قالته إفتتاحية لصحيفة نيويورك تايمز عن كذب الرئيس ترامب, عدت له فيها كذبة للجمهور كل يوم علي الأقل, خلال الأربعين يوما الأولي من حكمه, وتم عمل كتالوج وتوثيق لهذه الأكاذيب بعد ذلك أيضا. أول هذه الأكاذيب التي قالها مقولته في يوم21 يناير الموافق أول يوم تولي فيه الحكم: لم أكن من المؤيدين لغزو العراق, وكنت ضدها. سجلت الصحيفة أنه كان من المؤيدين للحرب قبل إشتعالها. في اليوم التالي قال كذبة أخري أخري أنه ظهر علي غلاف مجلة تايم الأمريكية14 أو15 مرة وهي أكبرنسبة ظهور في التاريخ لأي إنسان. حقيقة الأمر أنه لم يظهر غير11 مرة وأن نيكسون بالمقابل ظهر55 مرة. في يوم23 يناير قال أن أكثر من ثلاثة ملايين أدلوا بأصواتهم في الإنتخابات الرئاسية بطريقة غير قانونية مما جعل هيلاري كلينتون تفوز بنسبة الأصوات. ثبت أنه لا يوجد أي دليل علي ذلك الإدعاء. يبدو أن الأمريكيين الكارهين للكذب في كل جوانب حياتهم قد تعودوا علي كذب الرئيس ترامب المتكرر, وأنهم ليسوا أفضل من دول العالم الثالث كما كتب جورج ول عام.1985