قالت الإعلامية درية شرف الدين إن الإعلام المصري حاليا يبدو وكأنه يدين الثورة التي وضفتها بأنها من أعظم الأشياء في حياتنا. وأضافت شرف الدين في حوارها ل الأهرام المسائي أنها تنوي كتابة السيناريو مستقبلا. مشيرة إلي أنها قامت بمراجعة عدد كبير من سيناريوهات السينما التي كتبها أصدقاؤها من الكتاب. وكشفت الرقيبة السابقة أنها لم تتقاض مليما واحدا كأجر عن توليها منصب الرقيب علي المصنفات الفنية منتصف التسعينيات مفسرة ذلك بأنه تعنت من قبل المسئولين السابقين لأنها حاربت الأفلام الرديئة علي حد قولها. وتحدثت درية شرف الدين عن برنامجها الحالي أهل الرأي, وبرنامجها الأشهر نادي السينما وغيرها من قضايا السينما والسياسة في الحوار التالي: * بعد سنوات طويلة من تقديم برامج سينمائية تعودين ببرنامج ثقافي متنوع هو أهل الرأي.. هل هذا نوع من التجديد؟ هو نوع من التجديد لكنه أيضا نوع من العودة لتخصصي الأصلي فأنا من الاساس دارسة للاقتصاد والعلوم السياسية وهي دراسة ليست مبنية علي الصدفة لكن علي حبي الشديد لهذه العلوم منذ طفولتي وأذكر أنني قررت الالتحاق بهذه الكلية وأنا مازلت في المرحلة الإعدادية! لذلك كنت منذ بداية عملي في الإعلام أميل إلي البرامج الثقافية بمعناها الواسع سواء كانت فنية أو سياسية أو أدبية.. ولانني أحب فن السينما بل أعشقه كانت رسالة الدكتوراه عن علاقة السينما بالسياسة وظللت مدة ثلاثين عاما أقدم برنامج نادي السينما وعندما توقف حانت الفرصة للتغيير ولتقديم برنامج جديد شديد الصلة بدراستي وميولي فكان أهل الرأي. * بعد مرور عام كامل علي تقديمك له.. هل ترين أنه ناجح بشكل مماثل ل نادي السينما الذي مايزال اسمك مرتبطا به عند المشاهد؟ أنا في العادة لا أقوم بتقييم برامجي لكنني أنتظر التقييم من الجمهور.. بالاضافة إلي أنني ضد مسألة المقارنة بين برنامجين خاصة ان برنامج نادي السينما كان موجها لجمهور أعرض وأكبر هو كل محبي فن السينما بالاضافة لمحبي المناقشات التي تدور حوله التي كان لها دور كبير في نجاح البرنامج. * ومن هو جمهور أهل الرأي؟ أعتقد أن أي مقدم برامج عندما يبدأ في تقديم برنامج جديد فأنه يعتبره موجها لكل الناس ثم يبدأ بالتدريج في التعرف علي جمهوره حتي الآن فان جمهور أهل الرأي هو من الشباب المهتمين بكل القضايا التي تحدث حاليا علي أرض الوطن وهو ما يجعلني أضع الشباب في بؤرة اهتمامي وتلك مهمة لم تعد سهلة بعد أن كشفت لنا الثورة عن شباب غاية في الوعي والنضج السياسي. * كيف تستعدين لهذه المهمة الصعبة؟ بطبيعتي أذاكر لكل حلقة اقدمها كما لو كانت أول حلقة اقدمها في حياتي أو كما لو كنت مذيعة في سنة أولي فأنا لا أتعرض لأي موضوع إلا بعد دراسته دراسة مستفيضة لأنني لا أجرؤ علي مواجهة ضيف قد لا أفهم ما يقول أو لا استطيع الرد عليه.. لذلك أبذل جهدا كبيرا في الإعداد قبل كل حلقة للإلمام بكل تفاصيل موضوعها. * في تصريح سابق قلت إنك ضد مناقشة القضايا الداخلية علي شاشات الفضائيات والآن أنت تقومين بذلك.. ما تبريرك؟ أنا قلت ومازلت أقول إنني ضد فتح بطن المجتمع المصري واظهارها علي الفضائيات.. قد يمكن مناقشة ما نشاء في القنوات المحلية أما ابراز شدة الفقر والعوز والحواري علي الفضائيات فهو مرفوض بالنسبة لي وكل بلاد الدنيا مليئة بهذه الاشياء لكننا لا نراها في إعلامهم.. أما ما أقوم بتقديمه في برنامج أهل الرأي فهو مناقشة القضية بشكل عام من خلال متخصصين يضعون حلولا.. قد أقدم حلقة عن العشوائيات مثلا فتكون عن كيفية التخلص منها دون الدخول أو التعمق في صورها وعلي كل حال هذا رأيي الشخصي مع احترامي الكامل لزملائي الذين يقدمون مثل تلك البرامج. * هل يسري رأيك هذا علي سينما العشوائيات ايضا؟ لا!! لأن السينما فن ومهما قدمت فإن المشاهد يدرك أن هذا تمثيل وليس حقيقة وأن ما يشاهده هو وجهة نظر مخرج أما البرامج فهي تقدم اشخاصا حقيقيين من لحم ودم. * في منتصف التعسينيات توليت منصب الرقيبة علي المصنفات الفنية..هل توافقين علي وجود هذا المنصب الآن؟ نعم لكن مع الوضع في الاعتبار أن السماوات قد أصبحت مفتوحة فيجب أن تكون الرقابة أكثر انفتاحا بما لا يخل من دورها في منع الفن الرديء فعندما توليت المنصب في التسعينيات اعتقدت أنها رسالة وطنية تركت من أجلها التليفزيون برغم ارتباطي ونجاحي به وتخيلت أنني سأستطيع فعلا أن اتدخل لمنع كل ما هو رديء في الفن مثل عدم إجازة النصوص التي تحرض علي الفتن الطائفية أو التي بها ابتذال لا يقبله المجتمع لكنني للأسف فوجئت بمحاولات منعي من عمل ذلك لدرجة أنني سأذيع سرا اقوله لأول مرة وهو انني لم اتقاض مليما واحدا طوال عام كامل هي مدة عملي كرقيبة علي المصنفات الفنية ولم يتم منحي أيا من حقوقي مثل تخصيص سيارة لتوصيلي!! كل هذا لأنني قلت لا للفن الرديء. * اذن أنت لست مع مقولة ان الفن الجيد يطرد الفن الرديء دون الحاجة لوجود رقابة؟ لا لست معها.. لأن الوضع في الفن يكون معكوسا والفن الرديء هو الذي يطرد الفن الجيد وذلك لسهولة إنتاجه وتداوله.. من الممكن أن تتحكم السوق في الفن الضعيف وليس الرديء فتطرده أما الرديء فإنتاجه السريع يجعله يغرق السوق وهذا ما حدث بالفعل لدرجة أن العديد من الدول العربية التي تستورد منا هذه الفنون قد بدأت تشكو من تردي مستواها وهذا يبرز أهمية دور الرقابة الواعية والمتفتحة. * وفقا لدراستك في علاقة السينما بالسياسة في رسالتك للدكتوراه.. كيف سيكون تأثير الثورة علي فن السينما؟ سيكون تأثيرا ايجابيا جدا بشرط أن تسير الثورة في مسارها السليم لأن السينما في الاساس هي وجهة نظر وصانعوها هم افراد المجتمع المصري الذي جعلتهم الثورة أكثر وعيا ونضجا كما أن للثورة روحا جديدة وفرحة لابد أنها ستظهر في الأعمال السينمائية المقبلة. * ماذا تقصدين بقولك بشرط أن تسير الثورة في مسارها الطبيعي؟ أقصد أنها حدث عظيم لكن للأسف فان الخطوات التي تلها لم تكن علي نفس المستوي من العظمة وهذا ما يجعلني غير سعيدة فبرغم ادراكي الكامل لضرورة مرورنا بحالة من عدم الوازن التي تلي أي ثورة إلا أنني لا أري ما يبشر بأننا سنسير بنفس مستوي الثورة ويتمثل هذا في بطء الإجراءات خاصة السياسية بل وسيرها أحيانا بالمعكوس! مثل الإصرار علي تقديم انتخابات الرئاسة علي وضع الدستور وذلك بالرغم من اجماع كل المتخصصين علي ضرورة وضع الدستور الجديد أولا.. هذا الإصرار سيعيد البلاد عشر سنوات للوراء ولن يتحقق أي استقرار اقتصادي أو اجتماعي قبل تحقيق الاستقرار السياسي. * بصفتك إعلامية.. كيف ترين دور الإعلام في هذه المرحلة الحرجة؟ الإعلام شأنه شأن كل شيء حاليا يعاني من ضبابية شديدة نظرا لضبابية الحالة السياسية التي تلقي بظلها علي كل مناحي الحياة وكل ما يقال حاليا في الإعلام يبدو وكأنه إدانة للثورة وهذا غير صحيح لأنها من أعظم الاشياء التي حدثت في تاريخنا ويجب أن تظل هكذا لذلك نحن في حاجة إلي حالة من الفوقان حتي نستطيع أن نفرح بما صنعنا وأن نواكبه في نفس الوقت. * نعود إلي السينما.. ما الذي من الممكن أن يقربنا من المستوي العالمي؟ بصراحة أنا لست شديدة الاهتمام بمسألة العالمية تلك!! فما يهمني أكثر هو تقديم فن جيد للمواطن المصري وإذا اهتممنا بمحليتنا فهذا هو ما سيقربنا إلي العالمية إذا كان هذا مهما للبعض.. فنحن لدينا افلام جيدة لكنها لم تنافس عالميا مثل باحب السيما ورسايل بحر ولم ينقص هذا من قدرها. * دعيني إذن أسألك.. كيف نصنع فيلما جيدا للمصريين؟ سيحدث هذا عندما نجد من يكفل السينما التي قلت عنها سابقا إنها فن يتيم لا يجد من يرعاه لأننا مررنا بوقت طويل كان لدينا وزير ثقافة لا يهتم بالسينما بل يستهين بها وبالتالي لم يكن عندنا معهد سينما راق ولا تمويل أو دعم مادي أو حتي معنوي.. أنا لا أنادي بعودة القطاع العام لكنني أتمني أن نعيش في دولة تحتفي بفن السينما. * أنت من أكثر المتخصصين في فن السينما ولم تكتبي لها سيناريو واحدا برغم كتاباتك العديدة.. لماذا؟ كتابة سيناريو للسينما هو أحد أهم احلامي المؤجلة.. خاصة انني قد قمت بمراجعة عدد كبير من سيناريوهات السينما التي قام بكتابتها اصدقاء لي أوكلوني بهذه المهمة التي استمتعت بها كثيرا.. لذلك أنوي كتابة سيناريو لكن بعد أن يقل انشغالي الحالي الذي لا يتيح لي سوي كتابة مقال يوميا في إحدي الجرائد بالاضافة لبعض المقالات المتنوعة هنا وهناك. * ما هو مشروعك الإعلامي المقبل؟ لي كتابان عن علاقة السينما بالسياسة في عهود سابقة بدءا من ثورة يوليو حتي عهد السادات.. اتمني أن استطيع إكمال السلسلة من نهاية عهد السادات حتي الآن.. لكن حتي هذا اعتبره مشروعا مؤجلا لأن مثل هذه الأعمال يحتاج إلي تفرغ كامل لوضع منهج للبحث ثم التوثيق والمراجعة.. باختصار: يحتاج إلي نفس طويل.